سورية تتجه نحو النصر الكبير والبداية حلب

سورية تتجه نحو النصر الكبير والبداية حلب

أخبار عربية ودولية

السبت، ٦ فبراير ٢٠١٦

أرخت التطورات العسكرية المتسارعة في شمال سورية بثقلها على عواصم حلف الحرب على سورية، الذي تشظى إلى معسكرين منذ التموضع الروسي في الحرب السورية، حيث واشنطن تعمل من ضمن منظومة التسوية على حجز مقعد سياسي لحلفائها، ومن ضمن الحرب على الإرهاب تدعوهم إلى حجز حصة من الجغرافيا السورية، وفي المقابل تقف أنقرة والرياض على ضفة الدعوة إلى تعقيد فرص الحلّ السياسي بالبقاء على سقف مرتفع ينسف البحث عن تسوية يتمثل بالانتقال من المطالبة برحيل الرئيس السوري كشرط للتسوية إلى التسليم بأنّ شأن الرئاسة سوري سوري، ليتبنّى المفاوضون الذين احتلت لهم مقاعد المعارضة ضمّت بين صفوفهم جماعات مسلحة من تنظيم القاعدة كجيش الإسلام وأحرار الشام، الدعوة إلى التمسك بهيئة حكم انتقالي بالاعتماد على بيان جنيف الذي طواه القرارالأممي 2254 بدلاً من حكومة دستورية في ظلّ الرئاسة السورية نصّ عليها القرار تمهيداً لانتخابات تحدّد الأحجام والأدوار في المؤسسات الدستورية.

جاءت تجربة الفشل في جنيف رغم التواطؤ الأميركي بدعم وتغطية وفد الرياض بتركيبته المفخخة من جهة والمبتورة بغياب الأكراد وتشكيلات معارضة أخرى من جهة ثانية، ووقفت فرنسا على ضفة أقرب إلى الموقفين التركي والسعودي، ووقف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في ذات الضفة، متخلياً عن مهمته في تشكيل الوفد المعارض وفقاً لأحكام القرار الأممي لتكون شاملة كلّ الأطياف، كما تخلى عن مهمته في إصدار لائحة بالتنظيمات الإرهابية التي لا تشملها أحكام العملية السياسية من وقف للنار وإفراج عن المعتقلين، ومشاركة في الوفود التفاوضية، متذرّعاً باجتماع فيينا الثاني وما بدا أنه تكليف للرياض بالتشاور لترتيب وضع وتوحيد الفصائل المعارضة، ومثله تكليف للأردن لإجراء المشاورات اللازمة لتصنيف التنظيمات الإرهابية، علماً أنّ مسار القرار الأممي جاء بعدما تعثّر اجتماع نيويورك الذي دعا إليه وزير الخارجية الأميركية جون كيري، بسبب رفض موسكو وطهران المشاركة قبل تصحيح ما ارتكبته كلّ من الرياض وعمّان في تشكيل الإطار المعارض، وفي إهمال لائحة التنظيمات الإرهابية، وفي نيويورك قبيل صدور القرار الأممي، بعد تفاهم أنتجته زيارة كيري إلى موسكو وارتضت بسببه الخارجيتين الروسية والإيرانية المشاركة يتضمّن تكليف دي ميستورا بالمهمتين، ما يفترض أن لا يحدّد موعد انعقاد لقاء جنيف قبل إنجاز المهمتين، لكن دي ميستورا تواطأ وتلكأ عمداً ليفرض أمراً واقعاً لحساب السعوديين، وإحراج الحكومة السورية فتقاطع بسبب مخالفة الدعوة للقرار الأممي، لكن القيادة السورية فاجأت بالحضور وبتكتيكها التفاوضي القائم على التمسك بالحلّ السياسي والإصرار على تسلّم لائحة بالمفاوضين باسم المعارضة للبدء بالمحادثات وهو ما بقي يحاذر الوقوع فيه دي ميستورا لعلمه أنّ أسماء إرهابيّين مثل محمد علوش سترد في عداد الوفد ما سيضعه في موقف حرج.

جاءت التطورات العسكرية المدروسة في الريف الشمالي لحلب، لتقول إنّ الخاسر من المماطلة هو الخاسر في الميدان، وإنّ الدولة السورية تأتي للعملية السياسية من موقع القوي، الذي يملك البدائل، وبعد فك الحصار عن نبّل والزهراء، حدث الانهيار المزدوج، فانهارت الأجسام العسكرية المدعومة من تركيا والسعودية، وأصيب الوفد المفاوض بالانهيار.

تستثمر واشنطن حال حلفائها والهستيريا المسيطرة عليهم، وتنصح الرياض وأنقرة بعدم إضاعة الوقت والمسارعة إلى حشد بري يشارك في الحرب على «داعش»، فيسبق الجيش السوري إلى الرقة، ويمسك بجزء من الجغرافيا يجري تسليمها للقوى التابعة لتركيا والسعودية، وجعل وحدة سورية الجغرافية رهناً بالتوافق مع هذه الجماعات تفاوضياً، وفي هذا السياق جاء الكلام المتصاعد التركي والسعودي عن تحضيرات برية للتدخل في سورية، بعدما تفاءل للحظات بعض جماعاتهم أنّ المقصود الدخول على خط القتال ضدّ الجيش السوري، قبل صدور التوضيحات التي تقول إنّ روسيا تمتلك قوة حضورها لأنها جاءت تحت عنوان الحرب على الإرهاب، وتحاول تركيا والسعودية فعل الشيء نفسه.

وزير الخارجية الأميركية جون كيري منح الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا والسعودية فرصة تنفس بالدعوة إلى وقف النار، بمعزل عن شروط تصنيف الجماعات الإرهابية، وهذا شرط من شروط القرار 2254 الذي اتهم كيري روسيا وسورية بمخالفته، لأنّ أيّ تحضير تريده أميركا مع حلفائها يحتاج قدرة ووقتاً.

السؤال حول القدرة والسرعة مشروع أيضاً، في ظلّ الاهتمام التركي بمناطق سيطرة الجماعات الكردية ورفض أميركا المساس بحضورهم، وفي ظلّ التورّط والاستنزاف الذي يعيش السعودي آثاره في اليمن.

الوقت المتسارع لا يترك مجالاً للتردّد والانتظار وفقاً لقائد المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية، الذي يقيم في أنقرة، والذي نقلت مواقع أميركية عسكرية أهمّها موقع «انتليجنت ديفانس» عنه قوله إنّ الطريق أمام الجيش السوري للنصر الكبير يبدو سالكاً إذا انتهت معركة حلب كما تبدو صورتها الراهنة مع الحصار المحكم على المسلحين بداخلها، والانهيار الذي يعيشونه معنوياً بعد قطع طريق إمداداهم من تركيا وحجم النيران الروسية، ودرجة الاندفاع التي يتحرك عبرها الجيش ومساندوه الذين يبدون بالآلاف.