كيسنجر: روسيا عنصر رئيسي في أي توازن عالمي جديد

كيسنجر: روسيا عنصر رئيسي في أي توازن عالمي جديد

أخبار عربية ودولية

السبت، ٦ فبراير ٢٠١٦

دعا بطرك السياسة الخارجية الأميركية هنري كيسنجر إلى صياغة “مفهوم جديد للعلاقات الأميركية الروسية بما يخدم تسوية القضايا الخلافية” بين البلدين.
وفي مقال نشرته له صحيفة “ناشيونال انتيرست” الخميس شباط في أعقاب زيارة قام بها إلى روسيا مؤخرا، اعتبر هنري كيسنجر أن العلاقات بين موسكو وواشنطن في الوقت الراهن “تكاد تكون في أسوأ أحوالها منذ انتهاء الحرب الباردة”. وكتب بهذا الصدد، أن “الثقة المتبادلة بين البلدين قد تبددت، فيما حلت المجابهات محل التعاون الثنائي”، مشيرا إلى أن الكثير من المراقبين في البلدين يجمعون على أن “حربا باردة جديدة” قد اندلعت بين الولايات المتحدة وروسيا. وأكد كيسنجر أن الخطر الرئيس حسب رؤيته، “لا يكمن في العودة إلى المجابهات العسكرية، بقدر، ما يكمن في ترسيخ صحة النبوءة التي تتحقق بشكل تلقائي” وتنذر بتدهور العلاقات لا محالة بين البلدين.
وأضاف: “مصالح البلدين الآجلة تتطلب منظومة عالمية تتحول فيها الهزات الحالية والتغيرات، لتفرز توازنا جديدا يكون أكثر تعددية وذا نطاق عالمي أوسع”.

وأعرب كيسنجر عن ثقته التامة بأن التهديدات تبرز في المرحلة الراهنة، وبالدرجة الأولى، لا من جراء اشتداد مركزية سلطة الدولة، بل من جراء تشتتها، ومن “بروز عدد متنام من المناطق الخارجة عن السيطرة” في العالم. وتابع: “لا يمكن لأي دولة مهما عظمت قوتها أن تتغلب على فراغ السلطة المتزايد، والمواجهة على هذا الصعيد تتطلب التنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من الدول الكبرى”.

وفي التعليق على الأزمتين السورية والأوكرانية، نصح كيسنجر: “في ظل تكون العالم متعدد الأقطاب، أوصى بالنظر إلى روسيا كعنصر رئيسي في أي توازن عالمي جديد، عوضا عن اعتبارها الخطر الوحيد والمطلق الذي يتهدد الولايات المتحدة”.
وبصدد سبل التسوية في أوكرانيا وفض أزمتها، دعا كيسنجر إلى ضرورة “دمج أوكرانيا في إطار هيكلية الأمن الدولي والأوروبي، بحيث تصبح جسرا يربط بين روسيا والغرب، عوضا عن أن تكون منطلقا لهذا الجانب أو ذاك” ضد الآخر.

وفي الشأن السوري كتب: “لقد تجلى عجز الجهات المحلية والإقليمية عن إيجاد الحل، في حين يمكن من خلال تنسيق الجهود الروسية والأمريكية أن تُخلق، وبالتنسيق مع الدول الكبرى الأخرى، هيكلية لصياغة الحلول السلمية في الشرق الأوسط، وربما في غير ذلك من مناطق العالم”.
ولم يهمل كيسنجر في ما كتب، الدور الذي لعبه بطرك السياسة الخارجية الروسية، الراحل يفغيني بريماكوف، والذي ترأس وإياه ما يسمى “بمجلس” الحوار الروسي الأميركي غير الرسمي بين عامي 2007 و2009، وأشاد به صديقا وشريكا. واقترح في هذا الصدد، “تقدير ذكرى بريماكوف” عبر مواصلة بذل الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.

هذا، وترأس كيسنجر خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى موسكو “مجلس” الحوار الروسي الأميركي غير الرسمي، كما التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي التعليق على زياراته إلى روسيا، التي تستمر طوال نصف قرن من الزمن، أشار إلى أنها “لا تعود بالنفع عليه في جميع المرات”.
يشار إلى أن كيسنجر وزير خارجية أميركي أسبق، وسياسي أميركي مخضرم، كما عمل مستشارا للرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، وهو خبير دولي ضليع في شؤون السياسة والجيوسياسة الدولية.