لبنان: إتمام عملية تسليم العسكريين في جرود عرسال وهذه تفاصيل الصفقة..

لبنان: إتمام عملية تسليم العسكريين في جرود عرسال وهذه تفاصيل الصفقة..

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١ ديسمبر ٢٠١٥

عانق العسكريون اللبنانيون الـ16 وجثمان الشهيد محمد حمية الحرية.
16 شهراً من الانتظار والمعاناة والصبر والمفاوضات.. إلى أن تمكّن لبنان من انتزاع حرية العسكريين واستعادة جثمان أحد الشهداء.
جرح سيبقى مفتوحاً مع استمرار أسر تسعة عسكريين لدى تنظيم "داعش"، لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أكد لـ"السفير" أنه على وعده لأهالي العسكريين بأن يبقى هذا الملف الوطني والانساني في أولوية أولوياته حتى يستعيدوا حريتهم ويعودوا سالمين الى عائلاتهم وبلدهم.
حتى ساعات الفجر، استمرت المفاوضات الاجرائية بين الأمن العام اللبناني و"جبهة النصرة" باشراف مباشر من اللواء ابراهيم الذي لم يُغادر منطقة البقاع الشمالي منذ صباح الاثنين الماضي، وهو ظلّ يتصرّف من مقر اقامته في بلدة اللبوة، على قاعدة أن لبنان يُنفّذ الشقّ المتعلّق به في صفقة التبادل على الرغم  من محاولة الخاطفين التنصّل من بنود الاتفاق، الأمر الذي أدى الى إحراجهم أمام الوسيط القطري وكذلك أمام من كان يمثلهم في العاصمة التركية.
ما أن تم انجاز الاجراءات اللوجستية صباح اليوم، حتى تم تحديد ساعة الصفر، وكانت البداية متزامنة بتسليم جثمان العسكري الشهيد محمد حمية الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتوجُّه قافلة من المواد التموينية الى مخيمات النازحين السوريين لتبدأ بعد ذلك مرحلة تبادل العسكريين والمفرج عنهم من السجون اللبنانية.
العسكريون اللبنانيون المفرج عنهم من قبل "جبهة النصرة" هم: ناهي ابو قلفوني وريان سلامة وجورج خوري من عسكريي الجيش، احمد عباس، محمد طالب، جورج خزاقة، بيار جعجع، ايهاب الأطرش، عباس مشيك، سليمان الديراني، لامع مزاحم، رواد ابو درهمين، وائل حمص، ماهر فياض، ميمون جابر وزياد عمر من عناصر قوى الأمن الداخلي الذين كانوا يخدمون في فصيلة درك عرسال.
كما شملت العملية كما بات معروفاً تسليم جثمان الشهيد العسكري في الجيش اللبناني محمد حمية، وكان لافتاً للانتباه موقف عائلته التي قالت إنها غير معنية بالصفقة الا بعد إلقاء القبض على من تتّهمه بقتل ابنها، أي الشيخ مصطفى الحجيري(ابو طاقية).
أما المفرج عنهم الـ 13 من السجون اللبنانية، فان القاسم المشترك بينهم عدم صدور أي احكام في حقهم، الأمر الذي سهّل اتخاذ قرار الإفراج عنهم، وهم: شابان لبنانيان، شابان فلسطينيان، أربعة شبان سوريين، بالاضافة إلى خمسة نساء هن: العراقية سجى الدليمي طليقة "الخليفة" أبو بكر البغدادي الذي تزوّجها لمدة شهر وأنجبت له ابنة تدعى هاجر وأُوقفت على أحد حواجز الشمال في تشرين الثاني 2014، اللبنانية جمانة حميد التي أُلقي القبض عليها اثناء قيادتها سيارة مفخخة بما يزيد عن 100 كلغ من المتفجرات في شباط 2014 كانت متجهة من عرسال نحو اللبوة في منطقة البقاع الشمالي، والسورية علا العقيلي زوجة القيادي في "داعش" أنس جركس الملقب بـ"أبو علي الشيشاني" والتي أُوقفت في كانون الأول 2014 في منطقة الشمال وزوجة شقيق جركس السورية ليلى عبد الكريم النجار، بالاضافة الى سمر الهندي.

تفاصيل صفقة التبادل
وفي التفاصيل التي حصلت عليها "السفير" استناداً الى مصادر واسعة الاطلاع، أنه مع حلول مساء السبت الماضي، اكتملت كل عناصر صفقة التبادل بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم و"جبهة النصرة" برعاية القطريين وضمانتهم المباشرة.
اكتملت لوائح الأسماء من الجانبين وأنجز القضاء اللبناني المقتضيات القانونية التي تُتيح الإفراج عن 13 شخصاً من الذين سيخرجون من السجون اللبنانية ووّضعوا في عهدة الأمن العام.
وفي الوقت نفسه، تمّ تجهيز قافلة المواد الغذائية المتفق على حمولتها وكميتها ووجهتها نحو بلدة عرسال ومخيمات النازحين السوريين فيها، فضلا عن نقل الجرحى من الجرود الى أحد المستشفيات في بلدة عرسال بضمانة عدم التعرض لهم.
قرابة الحادية عشرة من ليل السبت الماضي، تبلّغ الأمن العام اللبناني مؤشرات سلبية من جانب "النصرة"، عبر محاولة تعديل بنود الاتفاق المعقود واضافة بنود جديدة اليه، أبرزها نقل جرحى المجموعات المسلحة من الجرود الى تركيا عبر مطار بيروت بدل توفير ممر يُتيح نقلهم الى أحد المستشفيات الميدانية في عرسال، فضلا عن السماح بدخول المواد التموينية الى جرود عرسال وليس الى البلدة.

ابراهيم يتصرف كأن الاتفاق قائم
غير أن المدير العام للأمن العام، الذي أمضى ليلة السبت الأحد في مقر المديرية العامة للأمن العام، أعطى الأوامر لكل فرق الأمن العام بالتصرف على أساس أن الاتفاق سيُنفّذ اعتباراً من فجر الأحد من دون الالتفات الى محاولات فرض شروط جديدة. اتخذ هذا القرار بحضور ممثل قطر وبمعرفة من كانوا يتولون المفاوضات عن "النصرة" في تركيا.
وبالفعل، انطلقت عند الثالثة من فجر الأحد قوافل المواد الغذائية التي كان قد تم تجهيزها في العاصمة اللبنانية باتجاه عرسال بمواكبة من الأمن العام، وكان قد سبقها الى هناك قرابة السادسة فجراً أربعة مواكب للأمن العام كانت تُقلّ ضابطاً كبيراً يُعاونه الفريق المولج بتنفيذ صفقة التبادل.
وقرابة التاسعة صباحاً، كانت قافلة المواد الغذائية قد وصلت الى مدخل عرسال من جهة اللبوة.
بعد ذلك، انطلق موكب للأمن العام للقاء مسؤولي "النصرة" الذين سيُشرفون على تنفيذ الاتفاق في أقرب نقطة الى وادي حميد في جرود بلدة عرسال، لكنهم وبعد ساعات من الانتظار، وعلى الرغم من الاتصالات التي أجراها الموفد القطري، فان قيادة "النصرة" في "إمارة القلمون" لم تتراجع عن مطالبها!
في الوقت نفسه، أخذ اللواء عباس ابراهيم على عاتقه بالتنسيق الكامل مع رئيس الحكومة تمام سلام بوصفه رئيس خلية أزمة العسكريين أن يسمح بدخول المواد التموينية إلى جرود عرسال في لفتة انسانية إزاء آلاف العائلات السورية النازحة التي تُقيم في ظروف سيئة هناك.
وعلى الرغم من هذه المبادرة في محاولة منه لوضع "النصرة" في الزاوية واحراجها وصولاً إلى إظهارها في موقع المعرقل للاتفاق في مقابل الالتزام الحرفي للحكومة اللبنانية بكل البنود، وعلى الرغم من إلحاح القطريين، حاولت "النصرة" اضافة مطالب جديدة أبرزها إثارة قضية تسوية الأوضاع القانونية للشيخ مصطفى الحجيري الملقّب بـ"أبو طاقية"، غير أن اللواء ابراهيم، اعتبر أن هذا المطلب وغيره (نقل الجرحى الى تركيا بدل عرسال) هي مطالب تعجيزية مخالفة لنص الاتفاق وتلامس الخطوط الحمراء التي رسمتها خلية الأزمة اللبنانية.

"النصرة" تتراجع السبت
لذلك، أعطى اللواء ابراهيم أوامره بعودة القوافل التموينية من مدخل اللبوة الى بيروت وعودة كل فرق الأمن العام الى بيروت، بعدما كان قد انتقل هو شخصياً فجر السبت الى البقاع، وأقام غرفة عمليات في "بارك أوتيل شتورة" لمتابعة العملية لحظة بلحظة، وتخلل ذلك مشاركته في احتفال احياء ذكرى أربعين الراحل الياس سكاف في مدينة زحلة.
ومع حلول ساعات المساء عاد ابراهيم الى بيروت وأطلع الرئيس سلام على المعطيات التي أدت الى تعثّر تنفيذ عملية التبادل، لكنه أبلغه أن القطريين يصرون على المضي في العملية وهم مستمرون بلعب دور ايجابي لأجل الوصول الى "الخواتيم السعيدة".
حصلت اتصالات مكثفة ليل الأحد ـ الاثنين وكان آخرها عند الرابعة فجرا، حيث تبلغ اللواء ابراهيم من القطريين أن مطلب تسوية وضع "ابو طاقية" قد سُحب من التداول وكذلك موضوع نقل الجرحى الى تركيا، وتم التأكيد على بنود الصفقة مع تعديل وحيد بمبادرة من الجانب اللبناني والمتمثّل بادخال المواد التموينية الى مخيمات جرود عرسال.
وقبيل السادسة من صباح الاثنين، انتقل اللواء إبراهيم برفقة عدد من الضباط والعسكريين من الأمن العام الى منطقة البقاع الشمالي حيث أقام غرفة عمليات في بلدة اللبوة، وتحرّك أكثر من مرة باتجاه جرود عرسال من جهة بلدة اللبوة، حيث عاين المنطقة التي ستتمّ فيها عملية التبادل في وادي حميد.
وتزامن وصول ابراهيم مع تحرّك قافلة المواد الغذائية مجدداً من بيروت الى اللبوة في الموعد المحدّد لها، فيما تم نقل الموقوفين من بيروت إلى عرسال على أن يُترك لهم الحق بتقرير وجهتهم سواء بالبقاء على الأراضي اللبنانية بعد تسوية أوضاعهم القانونية (إلغاء مذكرات التوقيف وحظر السفر) أو السفر الى تركيا أو التوجه الى جرود عرسال.
وعلمت "السفير" أن الجانبين اتفقا على ملاحق سرية للاتفاق لا تتضمن اطلاق سراح أشخاص غير المتفق عليهم من السجون اللبنانية ولا تتضمن أي مبالغ مالية، وتردد أن هذه الملاحق يحتفظ كل من اللواء ابراهيم والجانب القطري بنسخة عنها، مع تفاهم مسبق بعدم تظهيرها اعلامياً.
وعلمت "السفير" أن اللواء ابراهيم، الذي يُشرف شخصياُ على عملية التبادل في وادي حميد، طلب شراء 16 بدلة عسكرية جديدة للعسكريين الأسرى الذين نشرت قناة "الجزيرة" الصور الأولى لتحريرهم، كما تم تحضير أعلام لبنانية ستحملها مواكب المفرج عنهم مباشرة من عرسال الى السرايا الكبير حيث سيتم استقبالهم استقبال الأبطال بحضور عائلاتهم وكبار المسؤولين في الدولة، على أن يقام احتفال رسمي للمناسبة.
اما العسكريون التسعة الذين يستمرون في الأسر لدى تنظيم "داعش" فهم: محمد يوسف، ابراهيم مغيط، خالد حسن، حسين عمار، مصطفى وهبي، علي المصري، علي الحاج حسن، سيف ذبيان وعبد الرحيم اللويس، وجميعهم من جنود الجيـــش اللبناني.