كيف ستُترجم “العواقب الوخيمة”؟

كيف ستُترجم “العواقب الوخيمة”؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٥

فتح اسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق سوريا من قبل الطائرات الحربية التركية الباب على مصراعيه في تقويم العلاقات بين موسكو وانقره، وصولاً الى ما يمكن أن تؤول اليه تلك العلاقات على الصعد كافة، خصوصاً وان العلاقات بين الشعبين الروسي والتركي قد مرت بمراحل متأرجحة طغت عليها الحروب في معظم الاحيان منذ سقوط الامبراطورية الرومانية في القرن الخامس عشر بعد احتلال عاصمتها القسطنطينية عام 1453 على أيدي العثمانيين الذين كانوا يخططون لبناء سلطنتهم، فيما سعى الروس الى وراثة الامبراطورية المنهارة.

فالعلاقات الثنائية بين الشعبين بدأت في العام 1492 من خلال رسالة من أمير روسيا ايفان الثالث  للسلطان العثماني بايزيد الاول الى ان تُرجمت باقامة علاقات ديبلوماسية في العام 1920 إثر إنهيار السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وقد شملت مختلف الشؤون التجارية والصناعية والزراعية والانماء، استكمالاً للنفط والغاز حيث تعتمد تركيا على نصف استهلاكها من الغاز على روسيا، حتى وصلت في العام 2008 الى مستوى قياسي إذ بلغ حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين 34 مليار دولار اميركي، فيما تخطى عدد السياح الروس الى تركيا الثلاثة ملايين في العام 2010، مضافاً اليها “مبادرة” تركية قدمها رئيس الوزراء حينذاك رجب طيب اردوغان لانشاء “منطقة من الاستقرار والتعاون في القوقاز” وهي المنطقة التي تضم غالبية اسلامية بفضل السياسات العثمانية المتعاقبة.

اما في المجالات العسكرية فالمعادلات مختلفة واقسى بكثير على الجانب العثماني – التركي، ففي سياق الحروب بين الشعبين سُجلت ثلاثة عشر مواجهة اولاها في العام 1568، ربحت فيها روسيا ثمانية، وتم التعادل بواحدة انتهت بمعاهدة، ولكن الابرز في كل تلك الصراعات ان الروس استطاعوا تثبيت اقدامهم في شبه جزيرة القرم والسيطرة على البحر الأسود وانتزاع حق مرور اساطيلهم في مضيقي البوسفور والدردنيل بدون قيود او شروط.

بعد حادث اسقاط الطائرة الروسية وصف الرئيس فلاديمير بوتين الحادث بمثابة طعنة في الظهر، واعداً ب “عواقب وخيمة” على العلاقات بين البلدين، بدون ان تكون حتماً عبر مواجهة عسكرية كما اشار المندوب الروسي لدى الاتحاد الاوروبي، الذي أكد أن الحادث كان مدبراً.

ولكن اولى بوادر تلك العواقب ظهرت عبر نقل منظومات صواريخ من طراز  S 400 الى سوريا، ورسو احد ابرز الطرادات العسكرية الروسية قبالة ميناء اللاذقية الامر الذي يتيح فرض حظر جوي كامل على مجمل الاراضي السورية، وبالتالي قطع الطريق على أي تفكير تركي باقامة منطقة عازلة على اراضٍ سورية،  اضف الى ذلك مراجعات قريبة بشأن توريدات الغاز الروسي وتركيز مجهر روسي على الواردات الزراعية من تركيا والحبل على الجرار… حتى تُظهر انقره موقفها النهائي وتتوضح كامل صورة الوضع في الشرق الاوسط، والقضاء على الارهاب كهدف روسي يحمي البلاد الباردة من قاطعي الرؤوس.