كيري يسترضي الاحتلال.. ونتنياهو يطلب اعترافاً بالاستيطان

كيري يسترضي الاحتلال.. ونتنياهو يطلب اعترافاً بالاستيطان

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥

بعد أن قرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون تشديد الإجراءات القمعية والعقابية ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في لقائهما أمس، اشتراطه تعزيز السلطة الفلسطينية باعتراف أميركا بمشروعية الاستيطان.
ويشكل موقف نتنياهو هذا إفساداً لكل المحاولات الأميركية الرامية إلى تهدئة الأجواء في الضفة الغربية ومنع انفجار الموقف فيها. ومن الجائز أنه لا ينبغي أخذ مواقف نتنياهو هذه على أنها تكتيك، بل هي جزء من محاولته إرضاء اليمين الإسرائيلي المطالب بشنّ عملية «سور واقي 2» لإعادة احتلال بعض المدن الفلسطينية، وفي مقدمتها مدينة الخليل.
وأشارت مواقع إخبارية إسرائيلية إلى أنه في نطاق محاولات إسرائيل قمع الهبّة الشعبية الفلسطينية، والإثقال على أهالي الضفة الغربية، قررت المؤسسة العسكرية دراسة خيار إبعاد أهالي من ينفّذون عمليات في الضفة إلى قطاع غزة. وتعيد هذه الفكرة أساليب إسرائيل في الضفة الغربية إلى ما كانت تتبعه في قطاع غزة مطلع السبعينيات من هدم للبيوت وإبعاد لأهالي النشطاء إلى وسط شبه جزيرة سيناء. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن المؤسسة العسكرية تدرس هذا الخيار مع المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بين خيارات ووسائل أخرى طلب منها نتنياهو ويعلون الشروع فيها.
وكان نتنياهو ويعلون قد أجريا، أمس الأول زيارة لقيادة «لواء عتسيون» المشرف على المنطقة بين الخليل وبيت لحم، حيث أعلن يعلون أن الجيش اتخذ جملة إجراءات بينها تفتيش السيارات الفلسطينية التي تسير في طرق يستخدمها المستوطنون. ويتم التفتيش في إطار عمليات نشر مكثّف لأفراد الجيش على هذه الطرق، وإقامة مواقع ثابتة ودوريات متحركة ومواقع طيارة. وفي هذا السياق تم إرسال كتيبتي مشاة لتعزيز القوات فقط في منطقة الخليل.
كذلك أعلن نتنياهو أن المؤسسة العسكرية ستعمل على منع إصدار تصاريح عمل أو تنقل لأي من أبناء عائلات من ينفّذون عمليات ضد إسرائيليين، مؤكداً أن «لا حقّ بالعمل في إسرائيل لمثل هذه العائلات». وأوضح نتنياهو أنه لا يقصد فقط أقرباء الناشط من الدرجة الأولى وإنما أيضا أقاربه من الدرجة الثانية.
ووصل الهوس بأعضاء الكنيست والوزراء الإسرائيليين لأن يعرضوا مقترحات ومشاريع قوانين لم يسبق لها مثيل. وهكذا فإن عضو الكنيست بتسائيل مزراحي من «البيت اليهودي» عرض اقتراحاً وقّع عليه 12 عضو كنيست، بينهم اثنان من حزب «كلنا» (المعتدل) يطالب بإغلاق كل مسجد يشهد تحريضاً ضد إسرائيل. ولأن إسرائيل تعتبر أن لا أسباب البتة للفلسطينيين في الانتفاض على الاحتلال، وإن الدافع الوحيد لذلك هو التحريض، فإن التحريض صار خطراً «وجوديا». وهكذا فإن وزير المخاطر الإستراتيجية في حكومة إسرائيل يوفال شتاينتس اقترح على الحكومة أن تبدأ بقطع خطوط الانترنت عن الفلسطينيين، لأنها تشكل أرضية التحريض الأهم ضد إسرائيل. ولم يكتف شتاينتس بقطع الانترنت وإنما يطالب أيضا بإغلاق جميع محطات الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية العاملة في الأراضي المحتلة.
وقد بدأ كيري اتصالاته مع القيادات الإسرائيلية بهدف تحقيق ما كان أعلنه من أهداف لهذه الزيارة، قبل أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.
وخلافاً لما حاول كيري على مرّ الوقت إظهاره وكأنه وسيط حيادي، انشغل هذه المرة بمراضاة الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين. فقد أعلن أن لإسرائيل الحق والواجب في الدفاع عن نفسها في مواجهة ما أسماه بـ «الاعتداءات الإرهابية» على المستوطنين، مضيفاً أنه يدين بشكل مطلق سلسلة العمليات التي نفّذها فلسطينيون مؤخراً.
وقال كيري، في مستهل لقائه مع نتنياهو، «إنه لا ينبغي لأي شعب في أي مكان أن يتعايش مع عنف يومي ومع هجمات في الشوارع». وأضاف «واضح جداً لنا أن عمليات الإرهاب هذه تستحق كل إدانة تنالها، وبودّي الإعراب عن إدانتي المطلقة لكل عمل إرهابي ضد أبرياء». وكان واضحاً في كلام كيري أن الإرهاب هو من جهة واحدة، وأنه موجّه فقط ضد الإسرائيليين.
من جانبه، قال نتنياهو أنه «لا يمكن أن يكون سلام فيما يقع هنا اعتداء إرهابي». وأضاف أن «العالم شهد هجمات من جانب الإسلام الجهادي، وإسرائيل تحارب هذه القوى بشكل مباشر، وغير مباشر، عبر مكافحتها لمصادر التحريض». وتابع «نحن نرى أنه ينبغي للأسرة الدولية أن تدعم إسرائيل في مكافحتها للإرهاب، لأن هذه ليست فقط معركتنا، وإنما معركة العالم كله».
ونشرت مواقع إسرائيلية عدة أقوال مصدر رسمي عما جرى بين نتنياهو وكيري، أشار إلى أن رئيس الحكومة أوضح لوزير الخارجية الأميركي أنه ليس هناك أي تجميد للاستيطان، ولن يكون في المستقبل. وأوضح نتنياهو أنه إذا كانت الأسرة الدولية تنتظر من إسرائيل أذونات بناء للفلسطينيين فإنها تتوقع منهم بالمقابل الاعتراف بالبناء في المستوطنات. وقال المسؤول إن هذه كانت رسالة نتنياهو لكيري، وأن الشرط الأول لتغيير الظروف الأمنية والاقتصادية على الأرض يتمثل في إعادة الهدوء. وأشار نتنياهو إلى أن حث المشاريع المدنية التي يريدها الفلسطينيون ممكن فقط إذا تراجع مستوى العنف ولبى الفلسطينيون المتطلبات الأمنية لإسرائيل.
وحسب المسؤول الإسرائيلي فإن نتنياهو أوضح لكيري أن المشكلة الأساسية في موجة الإرهاب الحالية تنبع من التحريض الديني الفلسطيني في الشبكات الاجتماعية، وخصوصاً بشأن الحرم القدسي، واتهم السلطة الفلسطينية بالمشاركة في التحريض.
وأعلن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو وكيري بحثا في الأوضاع الأمنية في المنطقة، مع التركيز على ما يجري في سوريا و «داعش». وأضاف أن الرجلين بحثا في الخطوات الواجب اتباعها لوقف موجة الإرهاب ضد الإسرائيليين، فضلاً عن سبل تعزيز التعاون الأمني بين إسرائيل وأميركا في ظل عدم الاستقرار في المنطقة.
ومعروف أن كيري اجتمع أيضا مع زعيم المعارضة الإسرائيلية اسحق هرتسوغ.
وكانت صحيفة «هآرتس» قد نشرت أن نتنياهو يطالب كيري الاعتراف بالبناء الاستيطاني في الكتل والمستوطنات مقابل رزمة التسهيلات التي تطالب أميركا بمنحها للفلسطينيين. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي أن هذا الأمر قد تم عرضه في اجتماع نتنياهو السابق قبل أسبوعين مع كيري، ويتوقع إعادة طرحه. وقال المسؤول الإسرائيلي إن «الإدارة الأميركية تطالب إسرائيل بتنفيذ رزمة من الإجراءات الجدية، لكن رئيس الوزراء قال لهم بان إسرائيل تريد مقابل ذلك اعترافا أميركيا بالكتل الاستيطانية وبحق إسرائيل في البناء فيها».
و «تشمل رزمة الإجراءات التي قدمها نتنياهو خلال لقائه كيري، في واشنطن في 11 تشرين الثاني الحالي، في الأساس تسهيلات اقتصادية، بما فيها المصادقة على تنفيذ مشاريع اقتصادية للفلسطينيين ودفع مشاريع أخرى تتعلق بالبنية التحتية قدماً، وأخرى تتعلق بتسهيلات تتعلق بالسماح للفلسطينيين بالبناء في بعض مناطق الضفة» وفقا للمصدر الإسرائيلي.