التدخل الروسي.. يعزل تركيا ويسقط «جيش أميركا»

التدخل الروسي.. يعزل تركيا ويسقط «جيش أميركا»

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٧ أكتوبر ٢٠١٥

يظهر يومًا بعد يوم، حجم التغيرات التي أرساها التدخل الروسي العسكري المباشر على خط مكافحة الإرهاب في سوريا، فالغارات الروسية المكثفة على مواقع المجموعات المسلحة وخاصة في منطقة الشمال السوري، دقت الأبواب التركية، وجعلتها تبدو في عزلة عن محيطها الجغرافي المتوجه بأكمله نحو مكافحة الإرهاب الذي تدعمه تركيا. فالضربات الموجهة ضد المجموعات المسلحة ستطال الدول الداعمة لها، وخاصة ما يدور منها في الفلك الأميركي، وصولاً الى تركيا التي تعتبر أراضيها مراكز تدريب لأفراد تلك المجموعات قبل توجههم الى الداخل السوري، لذلك فإن روسيا فهمت طبيعة عمل المجموعات المسلحة، فعملت على ضرب بنيتها التحتية من طرق إمداد عسكرية ولوجستية، ومن هنا يمكن إكتشاف الإهتمام الروسي بالشمال السوري الذي يمتد الى الحدود مع تركيا.

إضافةً الى ذلك، فإنّ لتركيا مكانة هامة في حلف شمال الأطلسي، فهي تعتبر بوابة الحلف الأطلسي الى الشرق الأوسط، مما سيعطي روسيا دورًا هامًا في إنهاء سيطرة "الناتو" على أجواء الشرق الأوسط، بعد الحظر الجوي الذي تسعى روسيا الى فرضه بدءًا من الشمال السوري. وترى تركيا في التدخل الروسي أن أحد أهم أهدافه هو منع إقامة منطقة أمنية عازلة طالبت بها مرارًا، لكنها كانت تقف عند الرفض الأميركي، ليتم القضاء نهائيًا على الأحلام التركية بمنطقة أمنية تؤمن لها تواجدًا عسكريًا في سوريا، بالتدخل العسكري الروسي.

ومما زاد العزلة التركية، دخول العراق التحالف العسكري القائم بين روسيا وسوريا وإيران الى جانب المقاومة اللبنانية، الساعي الى ضرب الإرهاب في سوريا والعراق، وهذا ما جاء على لسان المتحدث الإعلامي باسم رئيس الحكومة العراقية سعد الحديثي، الذي أعلن عن بدء عمل مركز المعلومات الذي اتفق على إنشائه بين العراق وروسيا وسوريا وإيران. وأوضح الحديثي أن "عمل المركز يبدأ بعد اكتمال الإجراءات والاستعدادات اللوجستية وتجهيز المبنى الخاص به وتوفير المستلزمات له، وتسمية الخبراء الذين سيمثلون الدول الأربع ووصولهم إلى بغداد لمباشرة العمل، في وقت قريب". يأتي هذا الكلام بعد تأكيد المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع العراقية والمتحدث الرسمي باسمها نصير نوري محمد نهاية الشهر الماضي، أن "اتفاقاً قد تم بين العراق وروسيا وإيران وسوريا، على إنشاء مركز معلومات تنسيقي، مقره في العاصمة بغداد، للقضاء على الإرهاب".

ويهدف المركز إلى إيجاد صلة تنسيق معلوماتية مشتركة بين الأطراف الأربعة، تخدم الحرب القائمة في شمال وغرب العراق وصولاً الى الداخل السوري، للقضاء على التنظيمات الإرهابية المسلحة. وفيما تتواصل غارات المقاتلات الجوية الروسية على مواقع التنظيمات المسلحة في سوريا، أشارت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي الى أن "بلادها ستبحث في توسيع نطاق ضرباتها الجوية ضد المتشددين في سوريا بحيث تشمل العراق إذا تلقت طلبًا بذلك من بغداد". وفي سياق متصل تحدثت معلومات عن زيارة وفد عسكري عراقي إلى موسكو للتنسيق بشأن ضربات روسية ضد داعش في العراق.

كل هذه التطورات، دفعت أردوغان الى الكلام حول خسارة روسيا لما اعتبره الصداقة مع تركيا، وذلك بعد إعلان الجيش التركي أن "مقاتلات تركية تعرضت مجددًا لما أسمته مضايقة من مقاتلة ميغ-29، وأنها وضعتها في مرمى نيرانها على الرادار على الحدود السورية". وكانت السفارة الروسية لدى انقرة قد أكدت انها تتحرى صحة مزاعم بانتهاك إحدى طائراتها العاملة في سوريا المجال الجوي التركي للمرة الثانية. في غضون ذلك، حذّر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان روسيا من امكانية خسارة صداقة بلاده "في ظل انتهاكات المقاتلات الروسية المجال الجوي التركي" وفق اردوغان.

من جهته، أعلن البيت الأبيض أنّ "على روسيا ألّا تتصدى للقوات المدعومة اميركيًا في سوريا"، ويأتي ذلك بعد الكلام الذي نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مصادر حكومية في الولايات المتحدة أن "المقاتلات الروسية التي تحارب الإرهاب في سوريا تستهدف مواقع فصائل معارضة مدعومة من قبل "سي آي ايه"". وذكرت المصادر أن "السلطات الأمريكية استنتجت في الأيام القليلة الماضية أن التوجه الروسي لاستهداف المعارضة المسلحة المرتبطة بوكالة الاستخبارات المركزية "يعد حركة متعمدة". وقال مسؤول أمريكي للصحيفة: "في اليوم الأول، كان بإمكاننا أن نقول إنه مجرد خطأ. ولكن في اليومين الثالث والرابع، لم تعد هناك شكوك حول الطابع المتعمد لهذه الغارات. إنهم (الروس) يعلمون ماذا تستهدف ضرباتهم".

وقد سبق للبنتاغون أن رفض تسليم الجانب الروسي إحداثيات مواقع المجموعات المسلحة التي تعتبرها واشنطن "معتدلة". ويذكر أن وكالة "رويترز" قد نقلت يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر عن حسان حاج علي قائد الجبهة الشمالية في لواء صقور الجبل المعارض في سوريا إن "غارات روسية استهدفت معسكرًا تدريبيًا للواء في إدلب"، مؤكدًا "معسكرنا التدريبي يقع في جبل الزاوية في إدلب وكنا نتلقى دعمًا عسكريًا أمريكيًا" .