نتائج الضربات الروسية بدأت تتضح: الكلمة للميدان والشروط ستتغيّر

نتائج الضربات الروسية بدأت تتضح: الكلمة للميدان والشروط ستتغيّر

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٤ أكتوبر ٢٠١٥

عباس ضاهر
ما معنى ان يحدد الروس اربعة اشهر عمرا افتراضيا لحملتهم العسكرية ضد الإرهابيين في سوريا، بعد ان كان رسم الأميركيون قبلهم خريطة زمنية تصل الى عشر سنوات لمحاربة "داعش"؟!
مرّ اكثر من سنة من عمر حرب "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن على الارهاب في سوريا والعراق ولم تظهر نتائج عملية لا في ضرب بنية تنظيم "داعش" ولا في الحد من تمدده، في الوقت الذي شلت فيه مقاتلات روسية قدرة تنظيمات مسلحة عدة في سوريا خلال ساعات فقط. راقبوا ما يجري في ادلب وريفها والرقة ودير الزور. انسحابات جماعية لمسلحي "جبهة النصرة" و جيش "الفتح" و"أحرار الشام" نحو الحدود التركية، وهي مجموعات تحظى بدعم تركي - عربي- غربي. وانسحاب تدريجي لمقاتلي "داعش" نحو الاراضي العراقية.
هذا لا يعني ان نتائج الضربات الروسية بدأت تتضح سريعا، لكن المؤشرات تتظهر مع ازدياد عدد الغارات الروسية.
في دمشق يُرصد الكلام العسكري لخبراء ومطلعين يمتلكون اليوم اعلى معنويات منذ بدء الازمة السورية. هم يجمعون على ان المرحلة الجديدة تحمل معها الانتقال خلال اشهر من المواجهات العسكرية المفتوحة مع المسلحين الى الحالة الامنية المستمرة التي سيعتمدها الارهاب بعد تشتيت قوته الميدانية وشل قدراته نهائيا الى غير رجعة.
هناك من يقول بالمقابل ان المتطرفين سيحولون سوريا الى افغانستان ضد الروس، لكن المقاربة خاطئة بالمطلق بنظر السوريين العارفين بخبايا ما يجري.
يستند العارفون مثلا الى ما حصل في الساعات الماضية في دير الزور او الرقة. عند هروب "داعش" من بعض مناطق شرق سوريا الى العراق خوفا من الضربات الروسية، سرعان ما هلل المواطنون السوريون فرحاً، فخلعت النساء الرداء الاسود على الوجوه وعادت الى اعتماد الرداء الاسلامي التراثي على الرأس فقط، على وقع ترداد اللعنات لتنظيم "داعش". بدا المشهد كمن يخرج من سجن الى حرية الحياة. هؤلاء الناس سيكونون حتما مع روسيا حليفة دمشق التي تعيد بلادهم الى سابق عهدها على طريق الامن والاستقرار. هذه الرواية تترافق على ذمة الخبراء والعارفين في سوريا مع تقديم المواطنين المصنفين في خانة "خلايا نائمة" لمصلحة الدولة معلومات عن تواجد المسلحين واعدادهم ونوعية أسلحتهم. يوميا يحصل انتقال بين الشرق والشمال والوسط الى دمشق ضمن حركة المواطنين القائمة. المعلومات يجري تقديمها شفويا في غالب الاحيان.
يتحدث العارفون عن مفاجآت عسكرية مقبلة. الحرب البرية آتية، لكن اتجاهاتها ومساراتها تبقى في "غاية السرية". قد تكون جسر الشغور ثم ادلب في الأولوية او محيط الطريق الى حلب، او انزالات في الرقة ودير الزور.
هناك خطتان ستعتمدان قرب الحدود التركية والعراقية لضبط الإمدادات ومنع وصول الاسلحة والمعدات وثم التفرغ للداخل.
اذا كانت ادلب وصولا الى منبج وجرابلس تجذب خطة الحسم بسبب طبيعة المسلحين، فإن الرقة والدير مساحة الوصل مع الجغرافيا العراقية.
تأتي الاستعدادات في العراق والتمهيد السياسي ونوعية الاسلحة الروسية القادمة الى سوريا في اطار خطة المنازلة الكبرى ما بين العراق وسوريا لإعادة فتح المعابر وتأمين الطرق. هذه أولوية إيرانية جرى الاتفاق عليها مع الروس والسوريين. لكن هويات المسلحين الشيشان والايغور الصينيين وغيرهم في شمال سوريا تشكل أولوية لروسيا والصين لضربهم ومنع عودتهم الى بلادهم. هذا ما لمح اليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا بتحديد اهداف الحرب على الارهاب.
يشير العارفون انفسهم في سوريا الى ان ريف دمشق سيشهد على انهيارات تلقائية للمسلحين بانت معالمها باستعداد مجموعات لتسوية أوضاعها. بدأ التفاوض عمليا في بعض المناطق او تسليم يجري في مناطق الغوطة.
اهم ما يحصل هو هروب قيادات ومسلحين ضمن قوافل المهاجرين الى اوروبا، ما يعني امكانية تفكك الأجسام المسلحة بعد سنوات من التمدد وأحلام الوصول الى السلطة.
لا تبدو المهمة العسكرية الروسية- السورية - العراقية- الإيرانية سهلة. لكن الساعات الماضية رسمت ملامح واضحة، ولذلك جاءت ردة فعل داعمي المعارضة السورية عنيفة.
الخبراء انفسهم يقولون ان الروس يتدرجون في ضرب المجموعات ضمن خطة لخصوها ببضع نقاط:
- استهداف مراكز المسلحين نهائيا، مع ما تحويه من معدات و برامج سياسية واجتماعية وبنيوية وتخطيطية.
- استهداف تحركاتهم في كل المناطق، ما يعني منع الإمدادات العسكرية.
- التركيز على مراكز التدريب ومخازن الاسلحة، لضرب المؤنة البشرية والعسكرية.
- محاصرتهم لاحقا ضمن مناطق معزولة عن بعضها البعض ومراقبة حركة اتصالاتهم وشلها عند الحاجة.
- تمهيد للعمليات البرية المحددة ضمن نطاقات جغرافية، التي سيخوضها الجيش السوري وحلفاؤه.
بالمقابل لا حديث في السياسة اليوم. الميدان سيحدد نوعية المرحلة. الشروط ستتغير حتما.
النشرة