صورة جثة آيلان كردي تهز أوروبا..وحكوماتها

صورة جثة آيلان كردي تهز أوروبا..وحكوماتها

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٣ سبتمبر ٢٠١٥

أثارت صورة جثة الطفل السوري على أحد الشواطئ التركية، غضب العالم أجمع من كيفية تعاطي حكومات الدول الأوروبية مع أزمة المهاجرين، ولكنها أيضاً شكلت مزيداً من الضغط على هذه الدول لتبني سياسات أكثر إنسانية مع أزمة متفاقمة جراء استمرار الحرب في الشرق الأوسط.
وأكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن الصورة التي أثارت مشاعر العالم لجثة الطفل السوري الذي توفي بعد غرق زورق مهاجرين متجه إلى اليونان ووجدت على أحد شواطئ بوضروم التركية، تعكس "الحاجة الطارئة للتحرك".
وغرد فالس "اسمه آيلان كردي. التحرك حاجة طارئة. الحاجة طارئة إلى تعبئة أوروبية"، ناشراً صوراً لشرطي تركي ينقل جثة الطفل.
ونشرت الصورة أولاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم نشرت الخميس على الصفحات الأولى لكثير من الصحف اليومية الأوروبية.
من جهتها، قالت وزيرة التعليم الفرنسية نجاة فالو- بلقاسم عبر تلفزيون "إي تيلي" إن "الأمر لا يحتمل".
وأضافت "في الوقت ذاته، ينبغي ألا نخطئ في النقاش على ما يحصل غالبا. الأمر الذي لا يحتمل أكثر من هذه الصورة، التي ينبغي نشرها برأيي لأنه يجب ألا نشيح بنظرنا عنها، هو وضع هؤلاء المهاجرين".
واعتبرت الوزيرة الفرنسية أن "البعض يتساءل إن كان من المناسب إظهار هذا النوع من الصور، أرى انه يجب فعل ذلك بالتأكيد"، معتبرة أنه "علينا أن نفتح أعيننا ونطلع على حقيقة هذه الهجرة، هذا البؤس، هذه الأوضاع المريعة التي تدفع بالمهاجرين إلى الطرقات مع أطفالهم معرضين حياتهم للخطر".
وذكرت فالو- بلقاسم بأنه "منذ مطلع العام، غرق أكثر من 2500 مهاجر في المتوسط".
وأضافت "نعم نتحمل مسؤولية مشتركة. وأوروبا بالنسبة إلينا أيضاً تتحمل مسؤولية، لذلك في ملف المهاجرين ينبغي الامتناع عن الإدلاء بتصريحات نهائية".
أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الخميس، أنه "تأثر بشدة" بصورة الطفل السوري الذي عُثر عليه ميتاً على شاطئ تركي، ووعد بأن تتحمل بريطانيا "مسؤولياتها الأخلاقية" في أزمة اللاجئين.
لكنه لم يعلن أي تدابير ملموسة جديدة لمعالجة الوضع، رغم تزايد الضغوط على حكومته للسماح بدخول مزيد من اللاجئين الى بريطانيا.
وقال كاميرون، خلال زيارة الى أحد المصانع في شمال شرق انكلترا، إن "كل من شاهد تلك الصور ليلاً تأثر، وكوني أبا فقد تأثرت بشدة لمشهد هذا الطفل الصغير على شاطئ في تركيا".
وأضاف أن "بريطانيا أمة اخلاقية وسوف نتحمل مسؤولياتنا الأخلاقية"، مشيراً إلى أن بلاده ستبقي عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول البلاد "قيد المراجعة".
وقال كاميرون "نحن نبدي اهتماماً.. وسنقوم بأكثر من ذلك، نحن نقوم بأكثر من ذلك، ولهذا السبب ارسلنا البحرية الملكية الى المتوسط".
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ان "الحل ليس باستقبال الناس فقط، يجب ان يكون حلا شاملا".
ووقع اكثر من 100 الف شخص عريضة تحض بريطانيا على استقبال مزيد من اللاجئين، وقد تناقش في البرلمان.
ودعت صحف عدة في افتتاحياتها، الخميس، الى السماح باستقبال مزيد من اللاجئين. وكتبت صحيفة "ذا صن" في احد عناوينها "لقد انتهى الصيف يا سيد كاميرون. تعامل الآن مع أكبر أزمة تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية". وكتب العنوان فوق صورة لأحد عناصر خفر السواحل الأتراك وهو يحمل جثة الطفل الغريق.
ويعكس تغير لهجة الصحيفة التي انتقدها مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في نيسان الماضي، بعدما قارن أحد كتابها المهاجرين بـ"الصراصير"، الأثر النفسي الذي أحدثته صور المعاناة الإنسانية في أنحاء أوروبا.
ونشر عضو البرلمان عن حزب "المحافظين" الذي يقوده كاميرون، نديم زهاوي، صورة الطفل السوري على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وعلق عليها قائلاً "لا نساوي شيئاً من دون الشفقة. صورة ينبغي أن تشعرنا جميعا بالخجل. أخفقنا في سوريا. آسف أيها الملاك الصغير. أرقد في سلام."
وطالب بعض المشرعين الآخرين من حزب "المحافظين" باتخاذ موقف أكثر رحمة مع اللاجئين.
وكتب توم توجندهات على "تويتر" أن العديد من الناخبين في دائرته يريدون أن تفعل بريطانيا المزيد في هذا الشأن وأنه يتفق معهم.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن جوني ميرسر قوله إن "الأمهات اللاتي يحمين أطفالهن من الغرق بسترات النجاة يجب ألا يعتبرن المملكة المتحدة مكانا لا يرحب بهن".
ومنذ بدأت الحرب في سوريا، استقبلت بريطانيا 216 شخصا في إطار خطة تدعمها الأمم المتحدة لإعادة توطين السوريين المعرضين للخطر بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف لاجئ سوري تمكنوا من الوصول للبلاد بطريقتهم الخاصة.
وتقول الحكومة البريطانية إنه على الرغم من أن بريطانيا استقبلت عددا أقل من المهاجرين مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، لكنها أكثر الدول التي منحت مساعدات مالية للمنظمات الإنسانية لتقديم يد العون للسوريين في بلادهم وفي مخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط.
لكن أصواتاً متزايدة من المنتقدين وصفت هذه الاستجابة بأنها لا ترقى لحجم المأساة.
وقالت إحدى أربعة مرشحين لقيادة حزب "العمال" المعارض، إيفيت كوبر، في خطاب إن على بريطانيا استقبال عشرة آلاف لاجئ آخرين.
وقال وزير الخارجية السابق في حكومة حزب "العمال" ديفيد ميليباند الذي يدير حالياً لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية إنه يرفض الاعتقاد بأن بريطانيا وصلت إلى أقصى حد لاستيعاب اللاجئين.
وفي مؤشر على تنامي الاستياء الشعبي من الموقف الرسمي، تكتسب دعوة لتنظيم مسيرة من وسط لندن وحتى مكتب كاميرون في "داوننغ ستريت" لإظهار التضامن مع اللاجئين تأييداً متزايداً على موقع "فايسبوك".
ووقع ما يقرب من مئة ألف شخص على التماس منشور على موقع البرلمان لقبول المزيد من اللاجئين وزيادة الدعم المقدم لهم.
وغرق زورقان ينقلان مهاجرين بعد انطلاقهما من مدينة بودروم الساحلية التركية باتجاه جزيرة كوس اليونانية بحسب جهاز خفر السواحل التركي.
ولفت صراخ المهاجرين انتباه الجهاز الذي انتشل 12 جثة من بينها جثة إيلان الذي غرق شقيقه غالب البالغ من العمر خمس سنوات كذلك في الحادث.