أوكرانيا: إصلاح دستوري ينقلب صدامات عنيفة

أوكرانيا: إصلاح دستوري ينقلب صدامات عنيفة

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١ سبتمبر ٢٠١٥

تحولت تظاهرات نظّمها القوميون لمعارضة إقرار مشروع قانون يضمن حكماً ذاتياً أوسع للشرق الانفصالي الموالي لروسيا، أمس، الى صدامات مع قوى الأمن امام البرلمان في كييف، وأدّت الى سقوط قتيل وعشرات الجرحى.
وهذه هي المرة الاولى تشهد فيها العاصمة الأوكرانية اعمال عنف على هذا المستوى، منذ الانتفاضة الموالية لأوروبا التي اندلعت في مطلع العام 2014، وأدّت الى سقوط الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش.
وأثارت هذه المواجهات قلق الاتحاد الاوروبي الذي يدعم السلطات الاوكرانية، وكذلك روسيا، التي يتهمها الغربيون بدعم الانفصاليين في شرق البلاد.
واندلعت المواجهات بين قوات الأمن وأفراد في حزب «سفوبودا» القومي والمناهض لروسيا أثار اقرار مشروع القانون غضبهم.
وندد الرئيس الاوكراني بيوتر بوروشنكو بما اعتبره «طعنة في ظهر» اوكرانيا متعهدا معاقبة المسؤولين عن اعمال العنف.
وقال بوروشنكو «كان عملا ضد اوكرانيا ينبغي انزال عقاب شديد بجميع المسؤولين عنه من دون استثناء ـ كل ممثلي القوى السياسية»، في اشارة واضحة الى حزب «سفوبودا» اليميني المتطرف الذي حمّلت الحكومة الأوكرانية ناشطيه مسؤولية ما حصل.
والحزب المذكور الذي لم ينجح في دخول البرلمان في الانتخابات التشريعية الاخيرة هو حزب يميني متطرف عرف زعيمه اوليغ تياغنيبوك بخطاباته العالية السقف ضد روسيا واليهود.
وتجمع مئات من المتظاهرين صباحا امام البرلمان منددين بمشروع «مناهض لاوكرانيا» و«مؤيد لـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين»، على حد وصفهم، ثم اخذوا يرشقون عناصر الشرطة الاوكرانية بقنابل دخانية ما ان علموا باقرار المشروع.
وسرعان ما انزلق الوضع الى صدامات. وسقطت عبوة ناسفة مصدرها الحشد عند المدخل الرئيسي للبرلمان مخلفة عددا كبيرا من الجرحى معظمهم عناصر في قوات الامن اضافة الى صحافيين.
وقضى عنصر في الحرس الوطني متأثرا باصابته بشظية بحسب المتحدثة باسم وزارة الداخلية ناتاليا ستاتيكوف.
وقالت شرطة كييف إن ما يناهز مئة شخص اصيبوا بجروح.
وفي حصيلة منفصلة، أوردت سلطات البلدية ان المسعفين احصوا 56 جريحا هم 54 شرطيا وصحافيان.
وقال وزير الداخلية ارسين افاكوف «تم اعتقال ثلاثين شخصاً، وستجري اعتقالات اخرى. تم القبض على مطلق القنبلة» وفي حوزته قنابل اخرى، موضحا انه ناشط في «سفوبودا» ويقاتل في مجموعة شبه عسكرية في شرق اوكرانيا.
وعلق رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك قائلاً «لقد ارتكبت جريمة بمباركة حزب سفوبودا»، مطالبا بمعاقبة المذنب بالسجن المؤبد.
من جهتها، اعلنت نيابة كييف في بيان فتح تحقيق على خلفية ارتكاب «جريمة وأعمال عنف و (التسبب) باضطرابات واسعة النطاق وانتهاك للنظام العام».
ورأت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أن ما حصل في كييف يثير «قلقا كبيرا»، فيما دانت برلين «بأشد العبارات اعمال الشغب الدامية».
بدورها، أعربت روسيا عن «قلقها» حيال اعمال العنف «المرفوضة».
واندلعت أعمال العنف بعيد اقرار البرلمان في قراءة أولى لمشروع اصلاحي يمنح الشرق الانفصالي مزيدا من الحكم الذاتي. وأيّد 265 نائبا المشروع في جلسة صاخبة حاول خلالها النواب المعارضون له الحؤول دون وصول زملائهم الى منصة مجلس النواب، علماً بأن الحد الأدنى من الاصوات المطلوبة لتمرير المشروع هو 226.
وكان حلفاء اوكرانيا الغربيين طالبوا بهذا المشروع الاصلاحي معتبرين انه يساعد في تهدئة النزاع المسلح الذي خلف اكثر من 6800 قتيل في ستة عشر شهراً.
وندّد عدد كبير من الاوكرانيين بالاصلاح ورأوا انه محاولة لإضفاء الشرعية على سيطرة المتمردين على شرق البلاد بحكم الأمر الواقع.
ويمنح الاصلاح سلطات اكبر للنواب المحليين والاقليميين في المناطق الخاضعة حاليا لسيطرة الانفصاليين، كما ينص على تشكيل «شرطة شعبية». الا أن مشروع القانون وخلافاً لرغبة الانفصاليين لا يمنح شرق البلاد ما يشبه حكما ذاتيا كانوا يأملون به، بل ينص على وجوب تحديد هذا الوضع في قانون منفصل ولفترة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
وسيتم التصويت على المشروع في قراءة ثانية في موعد لم يحدد بعد. وهذه المرة، ينبغي ان يحظى بتاييد غالبية الثلثين (450 نائبا) الامر الذي قد يبدو صعب المنال.