واشنطن: التقسيم حل وحيد للعراق!

واشنطن: التقسيم حل وحيد للعراق!

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٤ أغسطس ٢٠١٥

هزّ تفجير ضخم حي الجميلة في مدينة الصدر في العاصمة العراقية بغداد، أمس، مخلفا قرابة 300 ضحية بين قتيل وجريح، وهو يعدّ الأضخم منذ تولي حكومة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي مهامها، في مثل هذه الأيام من العام الماضي.
ويأتي التفجير الذي تبنَّاه تنظيم «داعش»، ليعيد إلى الأذهان أعوام العنف الطائفي التي عصفت بالعراق، على وقع تصريحات رئيس الأركان الأميركي بشأن الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه العراق، والتي بيّنت مسألتَين بالغتَي الخطورة، هما: «تقسيم البلاد كحل وحيد»، وإشراك قوات أميركية في العمليات العسكرية ضد «داعش» مستقبلاً.
الرد العراقي على تصريحات المسؤول الأميركي جاء في بيان أصدره مكتب رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، «استغرب» فيه تصريحات المسؤول الأميركي، معتبراً إياها «تصريحات غير مسؤولة». وتطرق العبادي، في البيان، إلى الإصلاحات الأخيرة، قائلاً: «العراقيون يضحون من أجل تعزيز وحدة بلدهم والدفاع عنه، وهم بصدد إجراء إصلاحات كبرى تعيد للعراق مجده وأصالته».
واعتبر رئيس الأركان الأميركي المنتهية ولايته الجنرال رايموند اوديرنو أن «تحقيق المصالحة بين الشيعة والسنة في العراق يزداد صعوبة»، معتبرا أن تقسيم البلاد «ربما يكون الحل الوحيد لتسوية النزاع الطائفي الذي يمزقها».
وقال الجنرال، الذي كان أعلى ضابط اميركي في العراق، والذي يتقاعد من منصبه كرئيس للأركان اليوم، إن تركيز الولايات المتحدة في الوقت الراهن يجب أن ينصب على قتال تنظيم «داعش».
وخلال مؤتمر صحافي وداعي عَبَّر الجنرال الأميركي عن «تشاؤمه» حيال «فرص تحقيق مصالحة بين السنة والشيعة في العراق»، وقال ردا على سؤال عن «فرص المصالحة بين الطائفتين» إن «هذا الأمر يصبح أكثر فأكثر صعوبة يوما تلو الآخر»، قائلاً إن العراق في المستقبل «لن يشبه ما كان عليه في السابق».
وعن إمكانية تقسيم العراق قال أوديرنو: «أعتقد أن الأمر يعود إلى الشخصيات السياسية والديبلوماسيين في المنطقة، وعليهم أن يروا كيف يمكن للأمور أن تجري... ولكنني أستطيع القول إن أمراً كهذا يمكن أن يحصل». وأضاف: «ربما يكون هذا الحل الوحيد ولكني لست مستعدا بعد لتأكيده».
وتابع الجنرال الأميركي أنه «يجب علينا أولا أن نعالج (مشكلة) تنظيم داعش وأن نقرر ماذا سيكون عليه الأمر لاحقا».
وعن الجهود الرامية إلى مكافحة التنظيم المتشدد، قال أوديرنو إن مكافحة هذا التنظيم «تبدو في مأزق نوعا ما»، ولكن الولايات المتحدة تواصل «التقدم».
وكان أوديرنو دعا في السابق إلى عدم سحب كل القوات الأميركية من العراق والإبقاء على قسم منها، وهو اعتبر أمس، أنه ينبغي على الجيش الأميركي أن يبحث امكانية نشر قوات إسناد على الأرض إلى جانب القوات العراقية إذا لم تشهد الأوضاع الميدانية تقدماً في الأشهر المقبلة. كما أيّد الاستراتيجية الراهنة ضد «داعش» التي تقضي باعتماد «حلفاء على الأرض»، معتبراً أن القوات الأميركية تستطيع هزيمة «داعش» لكنها لا تستطيع حل المشاكل السياسية والاقتصادية التي تحدق بالعراق وسوريا.
وقال أوديرنو: «قد نستطيع على الأرجح الذهاب إلى هناك بقدر معين من القوات الأميركية وهزيمة داعش. المشكلة هي أننا قد نعود إلى حيث نحن الآن بعد ستة أشهر». وأضاف: «بالنسبة لي، فإن الأمر يتعلق بتغيير الآليات... الآليات السياسية والآليات الاقتصادية. ويجب على أولئك الذين في المنطقة أن يفعلوا ذلك».
واعتبر الجنرال الأميركي أن عمليات القصف التي تقودها الولايات المتحدة ساهمت في تخفيف حدة هجوم «داعش»، مضيفاً: «استعدنا بعض الأراضي معظمها نتيجة عمل عظيم للأكراد وبعض جهود قوات الأمن العراقية».
وعما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة نشر قوات على الأرض قال أوديرنو إنه إذا لم يحرز الجيش العراقي التقدم الذي يحتاجه في الأشهر القليلة القادمة «فإن علينا على الأرجح النظر تماما في نشر بعض الجنود (مع القوات العراقية) ثم نرى إذا كان قد حدث اختلاف». وقال: «هذا لا يعني أنهم سيقاتلون لكن... سيساعدونهم ويتحركون معهم». وتابع: «أعتقد أن هذا خيار علينا أن نطرحه على الرئيس عندما يحين الوقت المناسب».
إلى ذلك، ذكرت الشرطة العراقية ومصادر طبية أن 76 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 212 عندما انفجرت شاحنة مفخخة في سوق مزدحمة، في حي مدينة الصدر في العاصمة العراقية بغداد. ويعد انفجار أمس واحدا من أكبر الهجمات في العاصمة العراقية منذ تولي رئيس الحكومة حيدر العبادي منصبه قبل عام.
وقال الضابط في الشرطة العراقية محسن السعدي إن شاحنة برادات ملغومة انفجرت داخل سوق جميلة نحو الساعة السادسة صباحا، وقتل كثيرون وتناثرت أشلاء الجثث فوق أسطح المباني القريبة. ويقع سوق جميلة في مدينة الصدر شمال شرق العاصمة وهو سوق كبيرة لبيع الأطعمة بالجملة.
وتجمع سكان غاضبون في موقع الانفجار، وكان بعضهم يبكي ويردد أسماء الأقارب المفقودين، والبعض الآخر يهيل اللعنات على الحكومة. وقال الشاهد أحمد علي أحمد: «نحمل الحكومة المسؤولية الكاملة»، ودعاها إلى إرسال قوات الجيش و «الحشد الشعبي» لإدارة نقاط تفتيش في أنحاء العاصمة.
وأعلن تنظيم «داعش» في بيان نشره أنصاره على الإنترنت أن التفجير استهدف أحد معاقل «جيش الدجال». وقال البيان: «بعملية مباركة مكن الله لجنود الدولة الإسلامية تفجير شاحنة مفخخة مركونة وسط تجمع لعناصر من جيش الدجال والحشد الرافضي في أحد أهم معاقلهم في مدينة الصدر».
ودان القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق جورجي بوستن التفجير «البشع والخسيس»، معتبرا أنه «عمل من أعمال العنف العشوائي يستهدف إضعاف عزيمة الشعب العراقي».
كما دانت واشنطن تفجير بغداد وتفجيرات أخرى تبناها التنظيم هذا الاسبوع، معتبرة في بيان أن «هذه الفظاعات تظهر مجددا استخفاف (التنظيم) بالمدنيين». ودانت إيران التفجير، بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية مرضية أفخم. وتلقى العبادي اتصالا من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أدان خلاله التفجير، وأثنى على خطوات رئيس الحكومة «الإصلاحية».