تركيا تعيش هاجس الانتخابات المبكرة

تركيا تعيش هاجس الانتخابات المبكرة

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٣١ يوليو ٢٠١٥

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة في بلاده في حال فشلت الجهود لتشكيل ائتلاف حكومي، بعد خسارة "حزب العدالة والتنمية" الحاكم غالبيته الساحقة في البرلمان في انتخابات 7 حزيران. وفي الوقت نفسه بدأ تحقيق قضائي، الجمعة، في تركيا بحق الرئيسة الثانية لـ"حزب الشعب الديموقراطي" المؤيد للأكراد، فيغن يوكسيكداغ، المتهمة بـ"الترويج لمجموعة إرهابية" غداة فتح تحقيق بحق الزعيم الآخر للحزب صلاح الدين ديميرطاش، بحسب ما أعلنت وكالة أنباء "الأناضول" التركية. وفيما لا تزال تركيا من دون حكومة كاملة رغم مواجهة البلاد تحديات من بينها شن عمليات عسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"- "داعش" في سوريا و"حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق، يقول بعض الناقدين إن إردوغان شن العملية العسكرية على أمل أن تؤدي إلى انتخابات مبكرة في محاولة منه لإصلاح آداء "حزب العدالة والتنمية" الضعيف في الانتخابات البرلمانية.
ونقلت صحيفة "حرييت" وغيرها من وسائل الإعلام عن الرئيس التركي قوله للصحافيين الذين رافقوه على متن طائرته أثناء توجهه في زيارة رسمية إلى أندونيسيا: "سننتظر لنرى ما إذا كان سيتم تشكيل ائتلاف. إذا لم يحدث ذلك علينا أن نعود إلى الإرادة الوطنية فورًا حتى يقرر الناس مرة أخرى، وسنخرج من الوضع الحالي".
وتابع إردوغان أن الأكراد السوريين سعوا إلى "تشكيل ممر من أقصى الشرق إلى البحر المتوسط"، إلا أن تنظيم "داعش" أعاق خططهم في مدينة جرابلس في شمال سوريا على الحدود التركية، حيث دارت اشتباكات بين التنظيم المتطرف والقوات الكردية.
وتدارك قائلاً: "ولكن تركيا لن تسمح بلعبة الإرهابي الجيد والإرهابي السيئ. فالإرهابي هو إرهابي".
ومنذ النجاح الذي حققه ديميرطاش الملقب بـ "أوباما الأكراد" في الانتخابات التشريعية التركية أخيراً، بات هدفًا تركز عليه السلطات التركية المحافظة التي تستغل الغموض في علاقات حزبه أحياناً مع "حزب العمال الكردستاني".
وتشن تركيا عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد رغم أنهم لعبوا دوراً كبيرًا في قتال تنظيم "داعش" في سوريا.
وتعتبر تركيا "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقاتل التنظيم المتطرف في شمال سوريا، فرعاً محلياً لـ"حزب العمال الكردستاني" المحظور في تركيا".
وأصبح ديميرطاش زعيم "حزب الشعوب الديموقراطي"، في سن الـ42، المعارض الأول للرئيس التركي، ولا يتردد في استفزازه علناً ومباشرة متساءلًا مثلاً عن صحته العقلية.
وديميرطاش، الحائز شهادة في الحقوق، مشهور بمواهبه الخطابية التي يحظى بفضلها بتغطية إعلامية كبيرة أمام زعماء آخرين في المعارضة أقل "كاريزما". وقد وصفه إردوغان بإزدراء بأنه "كافر" و"نجم بوب".
وفتح بحق ديميرطاش تحقيق قضائي بتهمة "الإخلال بالنظام العام" و"التحريض على العنف".
وتعود الوقائع إلى تشرين الأول العام 2014، لكن التحقيق أطلق الخميس في إطار الهجوم الذي تشنه السلطات التركية على عناصر "العمال الكردستاني".
وكان 35 شخصاً على الأقل قتلوا في الخريف في تظاهرات مدعومة من "الشعوب الديموقراطي" احتجاجاً على رفض النظام التركي مساعدة أكراد سوريا المهددين بتقدم تنظيم "داعش".
ويقول ديميرطاش إن إردوغان مستمر في "معاقبة" حزبه للنتائج غير المتوقعة التي حققها في الانتخابات التشريعية في السابع من حزيران.
وبحصوله على 13 في المئة من الأصوات و80 نائباً، فإن تقدمه الكبير يبرر تراجع "العدالة والتنمية" الحاكم المحروم لأول مرة من غالبيته المطلقة منذ العام 2002.
وهي ضربة لم يتعاف منها بعد الرئيس التركي. وتبرر وحدها الإستراتيجية الحالية للنظام و"حربه على الإرهاب" التي شنت في آن واحد على "العمال الكردستاني" وتنظيم "داعش".
وكان رئيس الحزب المعارض قد ذكر، أمس الخميس، لوكالة "فرانس برس"، أن "هذه الحرب لا ترمي إلى حماية بلادنا بل حماية القصر" الجمهوري، متهما الرئيس التركي بشن غارات محدودة على التنظيم المتطرف "لذر الرماد في عيون الغربيين".
وقال إن السلطات التركية تسعى إلى "زعزعة استقرار" البلاد لاستقطاب تأييد جماهيري للحزب الحاكم في حال تنظيم انتخابات مبكرة.
ولا تزال تركيا تسعى إلى تشكيل حكومة ويقوم "حزب العدالة والتنمية" بتصريف الأعمال بانتظار التوصل إلى اتفاق لإيجاد تحالف حكومي. لكن المباحثات التي أُطلقت مع "حزب الشعب الجمهوري" تتعثر وتراهن الصحافة على انتخابات جديدة في تشرين الثاني.
وديميرطاش المعترف به كالعدو رقم واحد، يبقى رغم كل شيء في موقف دفاعي في شأن "العمال الكردستاني" المصنف "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأبدى السياسي الكردي تحفظاً في إدانة الهجمات الأخيرة لعنصر كردية، مؤكداً انه من المستحيل وضع "العمال الكردستاني" وتنظيم "الدولة الإسلامية" في خانة واحدة كما تفعل أنقرة.
كما يتعرض ديميرطاش لانتقادات بانتظام، بسبب انضمام شقيقه نورد الدين إلى قيادة "العمال الكردستاني" في الجبال شمال العراق. ويؤكد الزعيم الكردي أن أخبار شقيقه انقطعت منذ سنوات وان "حزب الشعوب الديموقراطي"، "ليس الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني" كما تتهمه السلطات التركية.
واليوم، وجهت صحيفة "حرييت" التي تعتبر معتدلة، "رسالة مفتوحة" الى ديميرطاش طلبت فيها منه رفع أي لبس في هذا الخصوص.
وكتبت الصحيفة: "عزيزي ديميرطاش كن أول من تكون لديه الشجاعة في اتخاذ الخطوة الأولى. توجه نحو الجبال وأصرخ. قل لهم : لا يمكنكم الدفاع عن حقوقي من خلال سفك الدماء.. طالما لم تظهر التصميم نفسه مع أولئك الموجودين في الجبال كما مع إردوغان فإن نجمك آفل".
وقد وجهت إلى فيغن يوكسيكداغ التي تشارك في رئاسة "حزب الشعوب الديموقراطي"، تهمة الإدلاء بتصريحات مؤيدة للمقاتلين الأكراد في سوريا الذين تتهمهم الحكومة التركية بالتحالف مع "حزب العمال الكردستاني"، وذلك في وقت سابق من تموز.
ويقول الزعيمان الكرديان ديميرطاش ويوكسيكداغ إن هدف الحكومة التركية هو "معاقبتهما" على النتيجة الجيدة التي حققها "الشعوب الديموقراطي" في الانتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من تموز، وحرمت "العدالة والتنمية" الغالبية المطلقة.
وتأتي هذه التطورات القضائية في خضم الهجوم التي تشنه تركيا على "العمال الكردستاني"، الذي كثف من جهته هجماته الدامية على قوات الأمن.