نتنياهو يقر بناء مئات المستوطنات

نتنياهو يقر بناء مئات المستوطنات

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٣٠ يوليو ٢٠١٥

بلغ التوتر ذروته يوم أمس، داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية إثر الصدامات الجارية بسبب الخلاف حول هدم مبنيين في مستوطنة «بيت إيل» قرب مدينة رام الله بأمر من المحكمة العليا. فمن عارض أمر المحكمة ليس المستوطنون وحدهم، وإنما أيضا قادتهم داخل الحكم وفي الائتلاف الحكومي، ما قاد إلى صدامات واعتقالات واتهامات لرجال السياسة والمحكمة على حد سواء. وفي محاولة للتملص من آثار هذه الصدامات، أمر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بحث بناء 300 وحدة استيطانية في «بيت إيل»، وبحث مخططات بناء 500 وحدة استيطانية أخرى في القدس المحتلة.
وقال بيان صدر عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية، إنه تم منح أذونات تسويق فوري لـ91 وحدة في «بسجات زئيف» والتخطيط لبناء 24 وحدة في المستوطنة نفسها أيضا، و300 وحدة في «راموت» و70 وحدة في «جيلا» و19 وحدة في جبل أبو غنيم. وكان الوزير من حزب «البيت اليهودي» أوري أرييل قد وجه إنذارا لنتنياهو قائلا إنه «ينتظر خلال ساعة» إعلان بحث بناء وحدات سكنية في المستوطنات ردا على هدم المباني في «بيت إيل».
وبناءً على تعليمات رئيس الحكومة الإسرائيلية، أصدر منسق الأنشطة الإسرائيلية في المناطق المحتلة الجنرال يوآف مردخاي أمرا بتسويق فوري لأراض من أجل بناء 296 وحدة استيطانية في «بيت إيل». وقاد هذا الإعلان إلى إصدار وزير التعليم نفتالي بينت بياناً قال فيه إن بناء الوحدات الاستيطانية يعتبر رداً صهيونياً مناسباً. وأضاف بينت أن وظيفة المحكمة العليا هي أن تصدر الأحكام لكن وظيفة الحكومة هي البناء «وهكذا نبني دولتنا».
وبالرغم من أن قادة في اليمين قالوا إن هدم مبان غير مرخصة وعلى أرض تعود ملكيتها لمالك فلسطيني لن يمر إلا على جثثهم، رفضت المحكمة العليا استئنافات المستوطنين وأقرت هدم المباني. ولكن تطرف المستوطنين لم يتقبل «الإيجابية» الكامنة في القرار والمتضمنة إقرار المحكمة بأن هذه المباني فقط «غير شرعية»، في حين أن كل مباني المستوطنة شرعية. وأعلن بعض قادة المستوطنين أنه ينبغي هدم المحكمة العليا ذاتها وليس المباني غير الشرعية. وبديهي أن هذا أظهر مستوى آخر من السجال بين «أنصار القانون» ومن هم على استعداد لتجيير كل شيء من أجل الاستيطان.
واستدعى قرار المحكمة العليا بهدم المباني في «بيت إيل» ردود فعل غاضبة من قادة اليمين من كل الأحزاب. فقد أعلنت وزيرة العدل أييلت شاكيد من «البيت اليهودي» أنها تحترم حكم المحكمة لكن «البيوت في بيت إيل التي ستهدم سيعاد بناؤها من جديد». أما الوزير ياريف ليفين من «الليكود» فقد حمل بشدة على المحكمة العليا وقال إن حكمها الذي أصدرته معيب وهو «وصمة أخلاقية أخرى على جبين المؤسسة القضائية». كما أن عضو الكنيست موتي يوغاب من «البيت اليهودي» طالب بأن تقوم «جرافة دي ناين» بهدم المحكمة العليا.
ولاحظ مراقبون أن الصراع في جوهره كان بين وزير التعليم زعيم «البيت اليهودي»، نفتالي بينت، ووزير الدفاع موشي يعلون الذي بدا وكأنه «اليساري» في حكومة نتنياهو. فقد وقف بينت وحزبه وأنصار المستوطنين من المتطرفين في جهة، ووزير الدفاع بوصفه المرجعية للحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية حيث المستوطنة في جهة أخرى. وأظهر هذا الصراع كيف تدار الأمور في الائتلاف الحاكم الذي عدا ضعفه، ظهر انه منقسم على حاله بين متطرف وأشد تطرفا، وقد طالب وزير الدفاع الوزراء بالعمل على عدم تشجيع أنصارهم على خرق القانون والتصدي لرجال الجيش والشرطة الموكل لهم تنفيذ قرار المحكمة العليا.
وفي كل حال، فإن حكومة «الـ61 صوتا»، القائمة بفضل فارق صوت واحد، تخوض في داخلها صراع أضداد ظهرت نتائجه بميل رئيس الحكومة إلى نوع من التوازن والتعويض لمنع انفجار الأزمة في وجهه. وهكذا، مقابل تنفيذ قرار المحكمة بهدم المباني وتحت ضغط «البيت اليهودي» وتهديداته، أمر نتنياهو بحث بناء 300 وحدة في «بيت إيل» وبحث التخطيط لـ500 وحدة في القدس. وكان مئات من المستوطنين قد اعتصموا في المباني المعرضة للهدم وقاوموا محاولات هدمها واصطدموا مع رجال الشرطة عبر رشقهم بالحجارة.
وكانت صحيفة «يديعوت» قد أشارت إلى أنه بعد شهرين فقط من تشكيل حكومة اليمين الضيقة، وجد الشركاء في الائتلاف أنفسهم في أزمة سياسية حادة أولى، بالذات في المسألة التي يفترض ان توحدهم – البناء في المستوطنات. ويقف في مركز العاصفة وزير الدفاع موشيه يعلون من «الليكود» الذي تعرض للاتهامات من «البيت اليهودي» ومن أعضاء حزبه على حد سواء في أنه بعث بالقوات في ظلمة الليل لإخلاء منزلي دراينوف في «بيت ايل». وقادت وزيرة العدل آييلت شكيد من «البيت اليهودي» الهجوم إذ ادعت ان يعلون كذب عليها حين وعدها بأنه لن يكون هناك إخلاء.
أما رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت فاتهم يعلون بتنفيذ «فعل متهور، متطرف ومستفز»، واعتبر أنه يعمل ضد المستوطنين في خدمة «اليسار». وفي «البيت اليهودي» هددت مرجعيات الحزب بأنه سيكون هناك ثمن سياسي للمواضيع الائتلافية التي تهم وزير الدفاع وجماعته. أما «الليكود» فاستخف بالتهديد وقال أخيرا «تحقق لبينيت عنوان رئيسي واحد منذ انضم الى الحكومة»، ولكن سياسيين في الحزب اتهموا وزير الدفاع بالخضوع لمحكمة العدل العليا، ووصفوا «السيطرة الليلية» على المبنيين في «بيت ايل» بأنها «خطوة فضائحية لإنفاذ القانون انتقائياً»، كما قال الوزير ياريف لفين.
أما يعلون فرد على هذه الانتقادات بقوله: «عملت من أجل الاستيطان في المناطق، بما في ذلك في بيت ايل، والاغلبية سوية العقل والرسمية هناك تعرف ذلك. من اعتقد أني سأنتهك القانون مخطئ، ولن أسمح بالتسيب». وتسبب الجدال بشرخ في «الليكود» أيضا. فقد وقف بعض المسؤولين إلى جانب يعلون وادعوا أن الوزراء الذين هاجموه عملوا لاعتبارات سياسية «ولا تهمهم سلطة القانون أو الحقائق».