واشنطن تؤخر القدر المحتوم .. لا بديل عن الجيش السوري

واشنطن تؤخر القدر المحتوم .. لا بديل عن الجيش السوري

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٦ يوليو ٢٠١٥

علي مخلوف
تتصرف واشنطن فيما يتعلق بالملف السوري على مبدأ تأخير القدر المكتوب الذي سيقع ولو بعد حين، بمعنى آخر فإن الإدارة الأمريكية لاتريد بأي شكل من الأشكال أن توجد قناة اتصال مع القيادة السورية أو أن يكون هناك تعاون استخباراتي وأمني مع دمشق، أو حتى مجرد إشعار السوريين أن هناك طرفاً غربياً بحاجة لمساعدتهم ، وعلى هذا الأساس، يقوم الأمريكيون بعدد من الخطوات كوضع خطة لتدريب من يُسمون بالمسلحين المعتدلين من أجل تشكيل ميليشيا مضمونة الولاء لواشنطن بهدف قتال داعش، إضافةً إلى لجوء أمريكا إلى دول المنطقة من أجل الحصول على معلومات استخباراتية حول التنظيم المتطرف، بحيث يكون هناك تجاهل كامل لحقيقة ان سورية هي الأكثر قدرةً على التأثير في المجال الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب.
كل تلك الخطوات الأمريكية تندرج كما قلنا ضمن بند تأخير القدر المحتوم، القدر الذي يقول أنه لا بديل عن سوريا ممثلةً بقيادتها من أجل مكافحة الإرهاب، القدر الذي سيكتشفه الأمريكيون لاحقاً وهو أنه مهما توسع التعاون الاستخباراتي والأمني والعسكري مع كل الأطراف الإقليمية فإن ذلك لن يغني واشنطن شيئاً ولن يحقق الهدف في تحقيق نتيجة فعّالة إن لم يكن هناك تعاون حقيقي مع دمشق.
ضمن هذا المشهد أشار الكاتب جيف سيلدن في موقع ذا فويس أوف أمريكا إلى أن جهود هزيمة تنظيم داعش وصلت إلى مأزق في مسألة إنتاج قوة سورية مقاتلة على الأرض لتتكامل في عملها مع قوات التحالف الدولي، مشيراً إلى أن أمريكا لم تنجح سوى في تدريب 100 مسلح فقط من الـ /5000/ الموضوعين كعدد لتدريبهم ضمن الخطة الأمريكية، وأن هناك اختبارات سيخضع لها المقاتلون لضمان أنهم معتدلون فعلاً ومستعدون لقتال داعش.
بالتالي فإن الأمريكي الآن أمام معضلة حقيقية، هو لم ولن يستطيع تجميع ميليشيا معتدليه لأن كل هؤلاء وببساطة مؤدلجون بمال وهابي خليجي، ولا يمكن ضمان اتجاههم العقائدي فالمعتدل الممول سعودياً يتحول في أية لحظة إلى مشروع متطرف، كما أن واشنطن لا تستطيع أن تقوم بالاعتماد على الجيوش النظامية لحلفائها من أجل دخول سورية لأن لذلك تبعات إقليمية ودولية خطيرة، لا سيما ما يتعلق بحلفاء دمشق أي روسيا وإيران، في حين يبقى الجيش العربي السوري هو الخيار الأكثر واقعية للرهان عليه لأنه مكون من كل أطياف المجتمع السوري ما يعني أنه الطرف الوحيد المعتدل، وهو الذي أثبت قدرةً على التماسك وإلحاق تنظيم داعش خسائر فادحة على الأرض.
وفي سياق متصل فقد أشارت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إلى أن واشنطن اضطرت إلى الاعتماد على شركائها الإقليميين لتوفير المعلومات الاستخباراتية حول تنظيم داعش، وفقاً لما قاله مدير وكالة المخابرات المركزية السابق ستيفن كابس.
وهنا تكمن معضلة أخرى، إذ يستحيل على شركاء أمريكا مثل تركيا والسعودية وقطر والأردن أن يزودوا واشنطن بالمعلومات الاستخباراتية الدقيقة، وكل هؤلاء متهمون بدعم التطرف أساساً، الأتراك دعموا داعش في تل أبيض قبل سيطرة الأكراد عليها وزودوهم بالكهرباء،ويحظى التيار "الجهادي" بحرية نشاط على الأراضي التركية لا سيما في اسطنبول، كما أن النظام السعودي هو الممول الرئيسي لكل الحركات الراديكالية وفق دراسات الاستخبارات أمريكية ذاتها، فضلاً عن كون الرياض تتسم بالكيدية تجاه سوريا، وهذه الكيدية تجعل السعوديين يصوغون معلوماتهم بطرق غير دقيقة، وكذلك يسري الأمر على كل من قطر والأردن، بالتالي فإن المخابرات الأمريكية على علم بأن كل هؤلاء الشركاء لن يكفوا للتزود بمعلومات دقيقة تستحق التعامل معها، بحيث يكون القدر المحتوم مرةً أخرى هو أن تلجأ واشنطن عبر وسيط مثلاً لطلب مساعدة الأجهزة الأمنية السورية العاملة على الأرض في مكافحة الإرهاب، لم لا فقد لجأ الفرنسيون إلى ذلك سابقاً وتم رفض طلبهم من قبل السوريين لأن الشروط لم تكن عادلة.
عربي برس