أزمة ائتلاف نتنياهو وقرب انتهاء الولاية

أزمة ائتلاف نتنياهو وقرب انتهاء الولاية

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٦ يوليو ٢٠١٥

عاد رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان ليلعب من جديد دور الزعيم في الحلبة السياسية الإسرائيلية بعد أن أسقط مخطط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتمرير صفقة الغاز مع حيتان رأس المال الإسرائيلي والأميركي. وساهم موقف ليبرمان، من حيث لا يريد، في إظهار ليس فقط عجز حكومة نتنياهو ولا حتى سبل اتخاذ القرارات فيها وإنما أيضاً في مدى التداخل بين الداخلي والخارجي والسياسي والاقتصادي والسلطة ورأس المال.
وبعدما ظهر ليبرمان بمظهر البطل من دون أن يدَّعي أنه يخدم المواطن كشف نبوءته باستحالة أن تتمكن حكومة نتنياهو من إكمال العام الجاري من دون توسيع. وبرغم أن توسيع الحكومة ممكن نظرياً في كل الاتجاهات إلا أن الثمن المطلوب دفعه من نتنــياهو والليكود باهظ جداً. فـــإن ذهــب نتنياهو لحزب العمل فالثمن سيكون سياسياً ووزارياً وربما أيديولوجــياً حيث أن تماسك الليكود بين متطرفيه و «معتدليه» هش إلى هش جداً.
كما أن التوجه نحو حزب العمل يعني بأشكال مختلفة تفكيك «التحالف الطبيعي» مع «البيت اليهودي» بزعامة نفتالي بينت، ما يضعف الليكود في الحلبة اليمينية.
ويصعب جداً على نتنياهو العودة للتحالف مع يائير لبيد وكتلة «هناك مستقبل» بسبب عدم التئام الجروح من الحكومة السابقة حينما قرر نتنياهو تصعيد الخلاف مع لبيد والذهاب إلى انتخابات مبكرة. وهذا ينطبق أيضاً على أفيغدور ليبرمان و «إسرائيل بيتنا» حيث خاض نتنياهو ضدهم «حرباً قذرة» في الحملة الانتخابية وهو ما يثأرون له حالياً. وفي واقع كهذا يبدو أن اختيار نتنياهو لائتلاف الـ 61 لم يكن اختياراً طوعياً وإنما إلزامي، وأن الشهور القليلة التي مرت على تشكيل الائتلاف زادت الضغينة بين أطراف الحلبة السياسية ما يجعل الانتخابات الخيار المتوفر الأقل تكلفة.
وبرغم اعتقاد كثيرين أن اللجوء إلى انتخابات مبكرة قد لا يحمل حلولا وأن النتائج يمكن أن تكرر نفسها لتعيد إنتاج الأزمة الحالية، فإن هناك من يعتقد أن الانتخابات المبكرة قد تقود إلى إبعاد نتنياهو عن الواجهة. فالذهاب إليها يعني أمام الجميع أن ما كان نتنياهو ينادي به من استقرار الحكم تبدد وأنه عملياً بأسلوبه يقود مؤسسة الحكم الإسرائيلية إلى الزعزعة والهشاشة. ومن المحتمل أن الذهاب إلى انتخابات مبكرة مرة كل عام أو عامين سيثير غضب الإسرائيليين ويدفعهم إلى الانتقام من نتنياهو. والأدهى أن هناك في إسرائيل تفكيراً بتشكيل ائتلاف انتخابي جارف يشبه ذاك الذي شكله أرييل شارون عندما أنشأ «كديما» تحت شعار عمومي واسع.
ومشكلة نتنياهو هي في الواقع مشكلة إسرائيل الراهنة. فهي تواجه تطورات بالغة الأهمية في الإقليم وفي العالم أجمع، وتجد نفسها عاجزة عن مواكبة التطورات وتزداد تشدداً. ونتنياهو واليمين من خلفه يأمل بأن يظل المحيط العربي منشغلاً بنفسه وأن لا تتعرض إسرائيل لا لضغوط ميدانية ولا سياسية من أجل إيجاد حل للمسألة الفلسطينية. كما تأمل إسرائيل أن تقود المخاوف من الأصولية الإسلامية الأنظمة العربية إلى تجاوز القضية الفلسطينية وإنشاء تحالفات مع إسرائيل في وجه الأخطار الجديدة الناشئة. لكن هناك في إسرائيل من يلاحظ أن هذه المخاطر وبدلاً من أن تعزز العلاقات التي كانت مع النظام الأردني، مثلاً، صارت تضعفها.
في كل حال تواجه إسرائيل حالياً تراكم الأخطار الكامنة في حالة عدم الاستقرار في المحيط العربي بالصمت، والاتفاق النووي مع إيران برفع العقيرة وزيادة التهديد بالضربة العسكرية. ولكن ذلك لا يحل لإسرائيل أي مشكلة لا مع الفلسطينيين ولا مع العرب ولا مع الإيرانيين. والأهم أن ائتلافاً يقوم على مبدأ النصف زائداً واحداً في ظل انقسام النصف على نفسه لا يضمن تسيير أمور الدولة والحكومة. وهناك اعتقاد واسع بأن حكومة نتنياهو سوف تعجز عن إقرار الميزانية العامة، وهو أمر يعبِّر عن ضعف سوف يتجلى أيضاً في مواجهة أي قرار هام آخر. فهل يمكن لحكومة هشة بهذا الشكل أن تبادر لاتخاذ قرار بشن حرب سواء في الشمال أو الجنوب أو توجيه ضربة عسكرية لإيران؟ المنطق يقول إنه خلافاً للإجماع الذي يمكن أن ينشأ في إسرائيل حول الرد بالحرب على أي هجوم كبير تتعرض له فإن المبادرة للحرب أمر بالغ الصعوبة.
وفي تأكيد لمثل هذا المنطق أعلن ليبرمان «الواضح أن حكومة نتنياهو بصيغتها الحالية لن تكمل العام 2015. إذ يستحيل إقرار الميزانية وأنت مرتبط بصوت عضو كنيست واحد سيأتيك بكل أنواع المطالب المحقة وغير المحقة وأحياناً الغريبة. وإقرار ميزانية معقدة بائتلاف الـ 61 عضو كنيست أمر غير واقعي. كذلك في شأن الغاز، وبالتأكيد سنرى ذلك بأشكال أشد إثارة في مـــداولات الميزانية. لذلك يبدو أننا سوف نضطر للتعود على حدوث تغييرات».
في كل حال يؤمن كثيرون بأن أثر السحر في أداء بنيامين نتنياهو صار في نهايته وأن جانباً من ذلك يعود إلى أسلوبه في إدارة التحالفات ووحشيته في التعامل مع «رفاق المهنة» داخل الحزب وفي الحكومة. وليس صدفة أن ألد أعداء نتنياهو في الحلبة الإسرائيلية هم من كانوا أقرب الناس إليه في السابق. وليبرمان ونفتالي بينت مجرد نماذج، ولكن الأمثلة أوسع من ذلك بكثير. ولكن المسألة لم تعد نتنياهو بل صارت أزمة حكومة وائتلاف ويصعب تخيل الطريقة التي ستدار بها الأمور لاحقاً.