هل انتقلت واشنطن إلى (الخطة «باء») في المنطقة؟

هل انتقلت واشنطن إلى (الخطة «باء») في المنطقة؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٥ يوليو ٢٠١٥

إذا كانت المخابرات الأميركية تتجسس على قادة دول متحالفة معها مثل فرنسا وألمانيا وتستخدم المعلومات التي تجمعها من خلال هذا التجسس لمصلحتها الإستراتيجية في العالم فإنه من الطبيعي جداً أن تكون للمخابرات الأميركية قدرة هائلة في التجسس اليوم وفي كل لحظة على المنظمات الإرهابية المسلحة التي تدعمها علناً وكذلك التي تدعمها سراً ما دامت تخدم المصالح الأميركية.
ولذلك يرى المختصون بالسياسة الأميركية أن منظمتي (داعش) و(النصرة) تقعان في قلب بؤرة الاختراق الأميركي المخابراتي وهذا الاختراق هو الذي يوفر لواشنطن التحكم غير المباشر باتجاهات عملياتها وخصوصاً أن الجميع يرى بأم عينه أن واشنطن نجحت بعدم توجيه عمليات داعش ضد دول حليفة مثل السعودية والأردن وتركيا وقطر، والكل رأى أن عملية تفجير مسجدين في السعودية لم تكن موجهة ضد النظام السعودي بل ضد مسجدين للمسلمين «السعوديين الشيعة» لأن داعش رفعت شعار حرب طائفية وكان مثل هذا الشعار يلتقي مع السياسة السعودية ضد طهران وحزب الله وكأن داعش أرادت أن تقول من خلال هاتين العمليتين إنها تدعم هذه السياسة السعودية، وتريد التحالف مع دولها.
وفي الكويت جرى استهداف مسجد للمسلمين الشيعة أيضاً وضمن قواعد اللعبة (الأميركية- الداعشية) نفسها لكن ما جرى في الكويت بعد التفجير الإرهابي أثار قلق واشنطن والرياض معاً لأن الجمهور الكويتي قرر أن يجتمع الكويتيون في صلاتهم في أي مسجد للسنة أو الشيعة تجسيداً لوحدتهم الوطنية ورفضهم لسياسة «الحرب الطائفية» بينما لم تظهر مثل هذه المبادرة الجريئة في السعودية بعد تفجير المسجدين.
لذلك لاحظت واشنطن أن عمليات داعش بدأت تولد بعض النتائج السلبية على قواعد اللعبة الأميركية وهذا ما ولد قلقاً أميركياً من ظهور ضعف أميركي مخابراتي بالتحكم غير المباشر بعمليات داعش.. ويرى المختصون بالسياسة الأميركية في معهد برينستون للدراسات الدولية أن أوباما قد ينتقل إلى الخطة (باء) أو الخطة (رقم 2) تجاه داعش وهي محاولة توليد انشقاق داخل قياداتها وبطريقة تحافظ على التحكم غير المباشر بعملياتها… وربما لهذا السبب وتجاوباً مع الخطة (باء) قررت واشنطن التوافق مع الاقتراح الروسي بتشكيل تحالف إقليمي ودولي لشن الحرب على الإرهاب بعد أن أخفق التحالف الأميركي مع عدد من الدول العربية في هذه الحرب ضد داعش.
ويبدو أن واشنطن ستسير باتجاه توليد أو استنساخ (داعش) معتدلة على غرار محاولتها استنساخ معارضة سورية مسلحة (معتدلة) بعد أن انضمت معظم المجموعات المسلحة التي حملت اسم «معارضة» إلى النصرة وداعش وجيش الفتح وغيرها من أسماء المنظمات الإسلامية المتطرفة والوهابية!
ولا شك أن (داعش) التي تنوي استنساخها واشنطن من «الدواعش» المتوافرة في سورية والعراق يراد لها أن تكون الأدوات الاحتياطية السياسية والإرهابية في كل من سورية والعراق لتمثيل المصالح الأميركية إلى جانب بقية فئات المعارضة التي دعمتها واشنطن منذ بداية الأزمة.. فالولايات المتحدة «تلعب» بشكل شبه مكشوف في أكثر من ساحة لكن فشلها وخسارتها المتواصلة داخل ساحات حلفائها جعلها منذ أسابيع قليلة تضع على جدول عملها خطة «باء» بهدف تعويض ما خسرته.. ولا شك أن تضامن الكويتيين ووحدة الصف التي جسدوها في الصلاة سنة وشيعة في مساجد واحدة لن يرضي واشنطن ولن يرضي الرياض بشكل خاص لأن هذا الموقف يتعارض مع كل ما عملت واشنطن وحلفاؤها على فرضه من تقسيم وتفتيت للأمة العربية ووحدتها الوطنية والقومية.
ويبدو أن واشنطن وكل من تحالف مع أهدافها الطائفية سيعترفون بأنهم تلقوا صفعة شديدة على يد جميع الصامدين والمقاومين لمؤامرة تفتيت سورية والعراق بشكل خاص وبقية دول المنطقة بشكل عام.