مؤشرات التراجع الأميركي والتطورات المقبلة في المنطقة

مؤشرات التراجع الأميركي والتطورات المقبلة في المنطقة

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٣ يوليو ٢٠١٥

لا أحد يشك أن الإدارات الأميركية تحاول في معظم خططها السياسية رسم خريطة الشرق الأوسط عن طريق خلق الحروب الداخلية والنزاعات بين دول المنطقة، ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى (1918) حتى الآن لم تتمكن واشنطن من فرض خريطتها السياسية على جميع أرجاء المنطقة رغم كل ما ترتكز إليه من تحالفات مع عدد من دول المنطقة.
وهذا ما يعترف به السفير الأميركي (تساس فريمان) الذي خدم سفيراً لبلاده في السعودية عام 1991 وهو رئيس سابق (لمجلس الشرق الأوسط السياسي) منذ 1997 حتى 2009.
فهو يقول في مجلة (المجلس): إن الشرق الأوسط هو المنطقة التي تلتقي فيها ثلاث قارات: إفريقيا وآسيا وأوروبا وهي التي تذكرنا بعدم الانتصار في بعض الصراعات لكن من دون انتهاء هذه الصراعات، ويرى هذا الخبير الأميركي في المنطقة أن واشنطن يمكنها أن تتعلم من الهزيمة دروساً أهم من التعلم من بعض النجاح الذي تحققه في تلك المنطقة ويحدد (فريمان) عدداً من عناوين الفشل والهزيمة الأميركية ومنها: الفشل في تحقيق الأهداف الأميركية في سورية والعراق والفشل في احتواء إيران والفشل في إغلاق ملف القضية الفلسطينية، ويعترف أيضاً أن السياسة الأميركية في السنوات العشر الماضية تسببت بضعف الثقة بقدرة أميركا على الاستفراد في رسم خريطة الشرق الأوسط وحدها على المستوى الدولي والإقليمي، وفي دراسة أعدها (كينيت بولاك) أحد المسؤولين عن (مركز السياسة الخارجية) للشرق الأوسط وقدمها للجنة الشؤون العسكرية في مجلس النواب الأميركي، يكشف الكاتب عن تزايد احتمالات خروج الشرق الأوسط أو بعض مناطقه عن السيطرة المطلوبة من أميركا ويحذّر من تطورات الوضع في العراق ووجوده بين إيران وسورية بشكل خاص ومن المراهنة على عدد من الحكام المتحالفين مع أميركا لأنهم تحولوا إلى عبء في طريق مصداقية المصالح الأميركية وفي طريق الانفراج الدولي مع موسكو وبكين والرأي العام الأوروبي.
ويرى محللون أميركيون أن التوصل إلى اتفاق بين واشنطن والدول الأخرى مع إيران في الموضوع النووي سيفتح بوابة لسياسة أميركية جديدة في الشرق الأوسط لأن واشنطن تشعر وتدرك أنها لا يمكن أن تؤجل الموضوع النووي الإيراني بسبب الأبعاد الكبيرة التي ستحملها احتمالات النزاع والمجابهة مع إيران بعد أن حققت إيران تقدماً وثقة في علاقاتها مع العراقيين وأصبحت قادرة على تطوير هذه العلاقات وليس حمايتها فقط.. وكان معهد (هودسون) الأميركي قد طرح قبل عام ونصف العام في موقعه الإلكتروني عدداً من السيناريوهات على شكل أجوبة على تساؤلات مثيرة كان من بينها: ماذا ستفعل واشنطن حين تتمكن سورية والعراق من إنهاء المجابهة مع المجموعات المسلحة- القاعدة وغيرها؟ وماذا لو تعرض الأردن لعامل داخلي وغيّر سياسته؟، وماذا لو تحركت إسرائيل في قلب هذه الأزمات وشنت حرباً على سورية ولبنان؟ وفي هذه السيناريوهات حذر (شموئيل بار) الإسرائيلي من تدهور الوضع الداخلي في تركيا والأردن بشكل خاص سواء لأسباب تحملها مجموعات القاعدة والنصرة وغيرها أو لأسباب داخلية اقتصادية واجتماعية واعتبر أن تحشيد حلفاء واشنطن يجب أن يستند إلى تعزيز (حرب دينية مذهبية) يقف فيها الأغنياء الخليجيون مع الدول العربية الأخرى ضد إيران وحلفائها.
ورأى (مايكيل دوران) من معهد هودسون للدراسات أن المطلوب من واشنطن إذا لم تتمكن من تحقيق أهدافها في سورية وإيران والعراق ولبنان أن تتجنب خسارة بعض حلفائها لأن مصر لم تعد كما كانت في عهد مبارك كما أن مراهنة أوباما على الإخوان المسلمين فشلت بعد هزيمة مرسي.
ومع ذلك نرى نحن في المنطقة أن الأطراف والدول المتحالفة مع واشنطن ستجد نفسها الخاسر الأكبر والأكثر ضعفاً في المنطقة حين يجري التوقيع على اتفاق (الدول الخمس+1) مع طهران وحين تتسع أشكال المجابهة المشتركة العراقية- السورية- بمشاركة حزب الله ضد جميع المجموعات الإرهابية المسلحة وفي مقدمها داعش والنصرة، فأزمات أوروبا تزداد وأزمة واشنطن تتسع بينما يزداد تمسك موسكو وبكين بإستراتيجيتهما المشتركة لدعم الدول المناهضة للهيمنة الأميركية في المنطقة، وهذا ما جعل البروفيسور الأميركي (غاريت بورتر) يتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة تطورات تزيد من القيود المفروضة على واشنطن في المنطقة وتفتح آفاقاً أوسع أمام سورية وإيران والعراق بشكل خاص.
تحسين الحلبي - الوطن