رحيل يفغيني بريماكوف: المستشرق السوفياتي في زمن التحولات

رحيل يفغيني بريماكوف: المستشرق السوفياتي في زمن التحولات

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٧ يونيو ٢٠١٥

رحل رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف عن عمر ناهز 86 عاماً بعد معاناة مع المرض.
يعتبر الرجل من السياسيين السوفيات والروس الكبار الذين مرُّوا في التاريخ السياسي الحديث على حد سواء. وقد وصفه رفاقه السياسيون بأنَّه كان شخصية سياسية لامعة تملك من الذكاء والخبرة حداً كبيراً، إلى جانب أنَّه مارس السياسة والعلم بأخلاق رفيعة، كما كان له أعداء على المستويين السياسي والشخصي.
ترأس بريماكوف الحكومة الروسية منذ شهر أيلول في العام 1988 حتى شهر أيار 1999، ثم ترأس وزارة الخارجية وكذلك جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية العام 1991، وترشح في العام 2000 لرئاسة روسيا.
ولد بريماكوف في العام 1929 في مدينة كييف الأوكرانية، وعاش طفولته وشبابه في تبليسي في جورجيا.
بدأ يفغيني بريماكوف حياته مستشرقاً. في العام 1953 أنهى تعليمه في القسم العربي في معهد الاستشراق الموسكوفي، وفي العام 1956 أنهى الدراسات العليا في الاقتصاد في جامعة موسكو الحكومية، وعمل في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الخارجية التابع لأكاديمية العلوم السوفياتية، ثم عضواً في المجلس الأعلى للأكاديمية. منذ العام 1956، عمل في محطة الراديو السوفياتية، وهو ما فتح أمامه الطريق ليكون محرراً ومتابعاً أساسياً للكثير من الأحداث في العديد من البلدان العربية.
بين العامين 1962 و1970 أضاء على الأخبار والأحداث في منطقة آسيا، وأفريقيا، والشرق الأوسط في جريدة «البرافدا» التي كانت ناطقة باسم «الحزب الشيوعي» السوفياتي، حيث تعرَّف إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ونائبه عزة الدوري ووزير خارجيته طارق عزيز، إلى جانب الكثير من قادة المنطقة.
بدأ بريماكوف حياته السياسية في نهاية العام 1980، وفي العام 1988 اختير ليكون نائباً في مجلس السوفيات الأعلى، ليصبح في العامين 1989 – 1990 رئيساً للمجلس.
وبعد استقالة وزير الخارجية الروسي اندريه كوزريف في العام 1996 ، احتل بريماكوف المنصب، حيث أدار الوزارة بكثير من الحنكة والديبلوماسية، ما أدى إلى حدوث الكثير من التغييرات في إدارة السياسة الخارجية الروسية، إذ استعادت الديبلوماسية الروسية الخارجية وضوحَها في العلاقات مع الكثير من الدول.
تولى منصب رئاسة الحكومة الروسية بطلب من الرئيس بوريس يلتسين، حيث لمع نجمه أكثر في إدارة السياسة الروسية. ويذكر أنه عاد بالطائرة التي كانت تقله إلى واشنطن بعد علمه ببدء الغارات الجوية على يوغوسلافيا، واعتبر البعض أن هذا الموقف إنَّما يدلّ على شخصيته القوية في اتخاذ القرارات في أحلك الظروف.
بعد تقديم استقالته من رئاسة الحكومة الروسية في أيار 1999، تابع بريماكوف حياته السياسية مترئساً كتلة «الوطنية – عموم روسيا»، واعتبر يوري لوجكوف، عمدة موسكو آنذاك، أن بريماكوف مارس السياسة بكل منطق وترفع عن الخاصية، وقدم نموذجاً راقياً في ممارسة العمل السياسي. «لقد كان شخصاً كبيراً ويكتب اسمه بأحرف كبيرة».
في الأعوام 2001 – 2011، ترأس «غرفة التجارة والصناعة» الروسية، وبذلك، انفتح على رجال الأعمال من مختلف الدول، وكان للبنان نصيب من هذا الانفتاح.
يعتبر بريماكوف من الرجال الكبار الذين لعبوا دوراً مهماً في تاريخ روسيا، سواء في حقبة البيريسترويكا أو في عمله الحكومي. وفي تاريخه، تشير بعض المعلومات إلى أنَّه كان أحد أفراد جهاز الاستخبارات السوفياتي «كي جي بي»، وكان يحمل اسماً حركياً: «مكسيم».
وصفه الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف بالشخصية الناصعة التي تملك ثقافة عالية، وأنه صاحب دور طليعي في الحياة السياسية للدولة، وأنه باقٍ في ذاكرة كل شخص، والتاريخ سيذكر أعماله ودوره.
بدوره، اعتبر رئيس أكاديمية العلوم الروسية فلاديمير فورتوف أنَّ بريماكوف هو بمثابة النموذج الذي يحتذى بالنسبة اليه، وقد عمل الكثير من أجل روسيا على المستويات السياسية والعلمية والثقافية.