«الذئاب المنفردة»... جيش داعش الجديد المنطلق من «ولاية» خراسان

«الذئاب المنفردة»... جيش داعش الجديد المنطلق من «ولاية» خراسان

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٨ مايو ٢٠١٥

ملثمون، غير معروفي الهوية، عرب أم غير عرب، أجسامهم رياضية وعضلاتهم مفتولة، يتدربون تقريبا ليلاً ونهاراً حسب صور وأشرطة فيديو، وكل واحد منهم لديه خبرة قتال ميداني لسنوات في أكثر معكسرات التدريب قساوة في العالم، بين الجبال وقممها الصخرية وفي الكهوف والوديان اين ترقد الثعابين، يسيرون على مسالك وعرة جدا، تأقلموا على البرد القارس والثلوج في الشتاء وتحمل حرارة ولسعة شمس الصيف المحرقة.

انهم المقاتلون المخضرمون الذين قد يكون أغلبهم من المشاركين منذ التسعينات إلى اليوم في معارك قتالية ضد الروس والأميركيين وقوات التحالف في أفغانستان، إنهم المقاتلون المنفصلون عن حركة «طالبان» التي تحارب القوات الأميركية من إجل إعادة الإمارة إلى الحياة مجدداً وعودة الملا عمر كأمير للمؤمنين. وبانفصال عدد من المقاتلين عن حركة «طالبان» عضد تنظيم «القاعدة»، فإن شق الصقور بينهم يبدو وفق تقارير أميركية انضم لدعم تأسيس فرع دولة الخلافة التي أنشأها «داعش» على أرض نفوذ «القاعدة».

عشرات المقاتلين التي عرضتهم لقطات من مقاطع فيديو سربها «داعش» على شبكات التواصل الاجتماعي يبدو أنهم سيشكلون قوة خارجية قد يستغلها التنظيم للتوسع أو للقيام بعمليات نوعية خارجية وقد أطلقت عليها مؤسسات أميركية مثل مؤسسة «بروكينغز ايديكايشن» بالذئاب المنفردة.

وبذلك فإن موالاة بعض محاربي «طالبان» القدامي والجدد لتنظيم الدولة الإسلامية من شأنها أن تزيد من توسع قدرات جيش «داعش» في ولايته الجديدة «خراسان» التي تمتد على منطقة جغرافية واسعة تشمل ما يعرف بإقليم «خراسان الإسلامي»، وتقع شمال غرب أفغانستان، وتشمل أجزاء من تركمانستان، إضافة إلى إقليم خراسان الحالي في إيران.

انفصال مقاتلين عن «طالبان» وانضمامهم إلى معسكر «داعش» في خراسان يفسر بعض الانقسامات التي تجري داخل صفوف «طالبان» و«القاعدة». هذه الانقسامات يبدو أن تنظيم «الدولة الإسلامية» استفاد منها بشكل جيد حتى أنه أعلن في كانون الثاني الماضي ولايته الجديدة في خراسان وتعيين الشيخ حافظ سعيد خان واليا عليها فيما عيّن الشيخ عبد الرؤوف خادم أبو طلحة نائباً له حسب تسجيل صوتي بث في يناير الماضي لأبي محمد العدناني الناطق باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» داعياً «جميع الموحدين في خراسان إلى اللحاق بركب الخلافة، ونبذ التفرق والتشرذم».

الخلافات بين مقاتلي «طالبان» خصوصا بسبب مستقبل تموقع الحركة إما كشريك سياسي في الحكم في أفغانستان أو كنواة إمارة تمهد للخلافة، قادت إلى تخيير بعض المقاتلين للانضمام إلى نواة «داعش» الجديدة في أفغانستان، ومن أجل تحريض المقاتلين على الإقبال على معسكر «داعش» بث تنظيم الدولة رسائل صوتية ومقاطع فيديو لتدريبات لعدد من المقاتلين عرفهم «داعش» على أنهم مقاتلو ولاية التنظيم في خراسان وبث صورا لتدريباتهم القتالية على أنواع مختلفة من الأسلحة في دعوة لحث أكثر ما يمكن من المقاتلين في أفغانستان وباكستان إلى الانضمام لجيش «داعش» الدولي.

حسب موقع «اينكوايستير» ذكرت تقارير أمنية بعد تداول مواقع اجتماعية لبعض صور لمقاتلين ملثمين مجهولين يتدربون في معسكرات خاصة في أفغانستان أن «الصور الجديدة من معسكرات تدريب سرية لـ(داعش) يشير إلى أن التنظيم ينمو بسرعة. كما أن وجود تنظيم الدولة في أفغانستان على وجه الخصوص في ازدياد مستمر حيث تدفع الاضطرابات في الشرق الأوسط ببطء إلى نقطة الغليان».

ووفقا للموقع نفسه فإن «صوراً جديدة من معسكر تدريب لـ(داعش) متمركز في محافظة لوغار شرق أفغانستان يظهر بعض الرجال يتدربون على السيارات والدراجات وما يثير القلق في الصور هو ظهور الجنود ملثمين يحملون بنادق وعلامات التنظيم».

وقد سرب صحافي يدعى سليم محسود صور تدريبات المقاتلين في معسكر (داعش) الجديد في أفغانستان ونشر الصور في تغريدة له على حسابه على ( تويتر). ثم تم نشر هذه الصور من قبل مجلة «لونغ وور على موقعها». وحسب تحليل موقع «اينكوايستير» وهو موقع إخباري فإن تسريب صور تدريبات داعش لا يبدو أنه بمحض الصدفة. ووفقا للموقع نفسه فإن «تصميم هذه الصور قد يكون داعش من يقف وراءها من أجل نشر الدعاية والترويج لانتداب أعضاء من جنوب آسيا وحتى الهند للالتحاق بالتنظيم والمشاركة بعد ذلك في الحرب الدائرة بينه وبين التحالف في الشرق الأوسط». وحسب الموقع ذاته فإن معسكر تدريبات (داعش) في أفغانستان سمي باسم مقاتل يدعى سعد بن أبي وقاص كان يقاتل مع طالبان، وتظهر التدريبات مظاهر قتالية تقشعر لها الأبدان يقوم بها بعض المحاربين المسلحين والملثمين.

وحسب موقع مؤسسة «بروكينغز ايديكايشن» من المنتدى الأميركي الإسلامي العالمي فإن نفوذ الدولة الإسلامية كنموذج ينتشر بشكل لافت حتى في العديد من البلدان الإسلامية حيث لا يوجد لتنظيم الدولة الإسلامية وجود قوي. ويعود ذلك لارتفاع سلوك التطرف بين سكان هذه الدول التي تستضيف محاضن لداعش كما ساعدت أفكار تدعو للتحريض على الطائفية على تقبل وجود أفكار داعش في مجتمعات إسلامية مختلفة. إلى ذلك فإن الاضطراب الذي تشهده المنطقة أسهم في نجاحات الدولة الإسلامية في سورية والعراق.

العديد من المراقبين في واشنطن منهم إدارة أوباما دعت إلى التغلب على داعش منذ فترة طويلة بالمشاركة عسكرياً في العراق وسورية. ولكن هناك شخص واحد حذر من ارتفاع صيت الدولة الإسلامية وتهديدها واعتبارها أكثر إثارة للخوف وهو أيمن الظواهري.

زعيم تنظيم القاعدة نبه في واقع الأمر من تهديد صعود الدولة الإسلامية لكونه قد يسبب زوال تنظيم القاعدة. عندما رفض زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي سلطة تنظيم القاعدة وأعلن في وقت لاحق الخلافة.

قال الظواهري حينها إن البغدادي شق صفوف الحركة الجهادية وجعلها منقسمة. الرجلان اليوم يتنافسان الآن ليس على قيادة الحركة الجهادية بل أنهما يتنافسان على روحها، يضيف تقرير مؤسسة «بروكينغز ايديكايشن». واضاف التقرير أن «الذي سيخرج منتصرا غير واضح المعالم. ومع ذلك، فإن الآثار المترتبة على انتصار جانب واحد سيدفع نحو استمرار انقسام عميق للعالم الإسلامي، وانقسام في تشكيل الأهداف المحتملة للحركة الجهادية، وقدرتها على تحقيق أهدافها، والاستقرار الشامل في الشرق الأوسط. وهنا يمكن للولايات المتحدة من استغلال هذا الانقسام، وذلك لتقليل خطر وإضعاف الحركة ككل».

وبينت مؤسسة «بروكينغز ايديكايشن» انه «انطلاقا من المقارنة بين القاعدة والدولة الإسلامية فإن القاعدة وفروعها لا تزال تشكل تهديدا للولايات المتحدة، في حين أن خطر الدولة الإسلامية هو أكثر لاستقرار المصالح في الشرق الأوسط والولايات المتحدة في الخارج.

في الوقت الحالي تركز الدولة الإسلامية في المقام الأول على العراق وسورية وبدرجة أقل على الدول الأخرى في العالم الإسلامي، وخاصة ليبيا، ففي الولايات المتحدة وأوروبا يعتمد التنظيم على خطة الذئاب المنفردة لمهاجمة بعض الأهداف الخارجية، إلى ذلك فإن تنظيم القاعدة هو أضعف وأقل حيوية من الدولة الإسلامية، ولكن لا يزال مثل السابق أكثر تركيزا على مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.