غطاء جوي تركي لمسلحي المعارضة السورية

غطاء جوي تركي لمسلحي المعارضة السورية

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠١٥

كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن وجود اتفاق مبدئي بين أنقرة وواشنطن لتقديم دعم جوي لفصائل مسلحي المعارضة السورية "المعتدلة" التي تتدرب في تركيا.
 وقال جاويش أوغلو في مقابلة أجرتها معه جريدة "صباح" إن مسلحي المعارضة السورية المعتدلة الذين يتم تدريبهم في ثكنة "بختيارأيدن" قرب مدينة كرشهير الواقعة وسط الأناضول سيحظون بدعم جوي أثناء قتالهم تنظيم "الدولة الإسلامية"، مضيفا "لا بد من مساندتهم جويا، إن لم يتم تقديم أي مساندة جوية لهم، فما مغزى البرنامج؟".

وتجاهل رئيس الدبلوماسية التركية الإجابة عن إمكانية استخدام الطائرات المقاتلة بدون طيار، المتواجدة في قاعدة "إنجرليك" لهذا الغرض، مكتفيا بالقول: "هناك اتفاق مبدئي لتقديم الدعم الجوي، أما كيفية تقديم هذا الدعم، فتلك تفاصيل تعني الجيش".

وقال جاويش أوغلو إن بلاده تنتظر الحل السياسي من خلال برنامج تدريب المعارضة المعتدلة، مضيفا "هجمات داعش والنظام مستمرة حتى الآن، لذلك كان لا بد من إعادة التوازن العسكري على الأرض عبر إحداث تفوق عسكري وهذا ما يهدف له البرنامج".

ورأى وزير الخارجية التركي في خطط إقامة منطقة حظر الطيران والمنطقة العازلة جزءا من الحل على المدى البعيد، وأنها أيضا تهدف إلى توفير السلامة للقوات التي سيتم تخريجها من برنامج تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة.

ويهدف برنامج التدريب الأمريكي ـ التركي لقوات المعارضة السورية التي توصف بالمعتدلة، إلى تخريج نحو 15 ألف مقاتل، وفيما تصر واشنطن على أن تقتصر مهمة هؤلاء على محاربة داعش، تلح أنقرة على أن ينخرط أيضا المسلحون الذين سيتم تدريبهم في القتال ضد قوات الحكومة السورية.

وتبدي تركيا حماسة كبيرة لدعم فصائل المعارضة السورية المسلحة، وهي تضغط منذ فترة طويلة بهدف دفع الولايات المتحدة إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا وإلى رسم ممرات آمنة وتقديم المزيد من الدعم العسكري، لتمكين المعارضة المسلحة من التقدم نحو دمشق لإسقاط النظام.

وعلى الرغم من سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة على 7 معابر مع تركيا بما في ذلك داعش، مقابل سيطرة الحكومة السورية فقط على معبرين مغلقين من الجانب التركي، إلا أن أنقرة تعمل بكافة السبل على ما تسميه "إعادة التوازن العسكري على الأرض" وهو ما يعني عمليا ترجيح كفة المعارضة.
ويمكن بإلقاء نظرة سريعة على الخارطة السورية الحالية، ملاحظة أن الأراضي السورية الحدودية مع تركيا جميعها تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة المختلفة ولمسافات بعيدة في العمق السوري، بخاصة بعد سيطرة مسلحي ما يسمى بـ"جيش الفتح" مؤخرا على مستشفى جسر الشغور بريف إدلب، آخر معقل للقوات الحكومية هناك.

واللافت أن القسم الأكبر من الأراضي السورية الحدودية مع تركيا واقع تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" التي تقول تركيا إنها تدرب معتدلي المعارضة السورية لمقاتلتهم، فيما تشير تقارير صحفية موثقة إلى أن أنقرة تغض النظر، على أقل تقدير، عن اجتياز الكثير من المتطرفين لحدودها مع سوريا للانضمام إلى الجماعات العنيفة على شاكلة تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة".

ويمكن القول إن أنقرة تريد خلط أوراق الأزمة السورية المستفحلة من خلال حديثها عن اتفاق بشأن توفير غطاء جوي للمسلحين الذين تعكف على تدريبهم لحمايتهم في قتالهم ضد مسلحي "الدولة الإسلامية"، وبخاصة مع وجود تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة يشن منذ فترة طويلة غارات على مواقع للتنظيمات المتطرفة في سوريا وبخاصة داعش وجبهة النصرة.

ويلاحظ أن المسؤولين الاتراك دأبوا على الحديث عن فرض حظر جوي فوق سوريا، وإقامة ممرات آمنة من دون الإشارة إلى مجلس الأمن، ما يعني أن هذا الإجراء يُراد له أن ينفذ من دون تفويض دولي شرعي.

وربما تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من خلال إظهار تشددها في الملف السوري، إلى تحقيق مكاسب سياسية واستمالة الناخبين للاحتفاظ بالأغلبية النيابية في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في 7 يونيو/حزيران المقبل.

من المحتمل، إذا تم بالفعل دعم المعارضة السورية المسلحة بغطاء جوي، أن تنزلق تركيا إلى مستنقع الحرب السورية خاصة أنها تعمل منذ مدة على تعزيز قواتها البرية والجوية على الحدود مع سوريا. هذا الاحتمال وارد جدا في هذه الظروف، على الرغم من أنها كانت رفضت بشكل قطعي المشاركة في الدفاع عن مدينة عين العرب السورية (كوباني) الحدودية حين اجتاحها مسلحو داعش وظلت تحت رحمة نيرانهم فترة طويلة من الزمن.