صيف دموي من اليمن إلى سورية ورسائل نصرالله مُتعددة الاتجاهات

صيف دموي من اليمن إلى سورية ورسائل نصرالله مُتعددة الاتجاهات

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٤ مايو ٢٠١٥

على عكس كل ما قيل وكتب، لم يحمل مستشار مرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي الخامنئي للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في زيارته القصيرة الى بيروت والتي دامت 24 ساعة الاسبوع الماضي. اية رسائل خاصة لا للحكومة اللبنانية ولا لـ«حزب الله» وهي كانت مخصصة للمشاركة التكريمية له في مؤتمر «الملتقى العلمائي لأجل فلسطين» ولشكر الجمهورية الاسلامية الايرانية على الدعم اللامتناهي الذي تقدمه للقضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية وكل فصائل المقاومة في وجه الارهاب الصهيوني - التكفيري ورعاتهما الدوليين والاقليميين.
وتؤكد مصادر مواكبة لزيارة ولايتي ان باستثناء لقاءاته الرسمية برئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، التقى ولايتي الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لساعات قبل مغادرته بيروت متوجها الى دمشق في ساعة متأخرة. كما سبق لقاء ولايتي - نصرالله، تلبية ولايتي لمأدبة غداء اقامها «حزب الله» في حارة حريك على شرفه وشارك فيها عدد محدود من قيادات الحزب بالاضافة الى مسؤول الملف الفلسطيني النائب السابق حسن حب الله والمعني بالمؤتمر عن فلسطين واساس الزيارة، وكذلك الامين العام لـ«حركة الجهاد الاسلامي» رمضان عبد الله شلح. وتشير اوساط المشاركين في الغداء «الضيق» الى ان ولايتي لم يحمل اية رسائل او طروحات لا للحكومة ولا لحزب الله باستثناء الطابع البروتوكولي وتأكيد الدعم للبنان حكومة وشعبا ومقاومة واستعداد طهران لتقديم كل اشكال الدعم للبنان من السلاح الى الجيش الى القطاعات الاقتصادية والانتاجية والطاقة على شكل هبات.
وتنفي الاوساط ان يكون في جعبة ولايتي طروحات لحل الاستحقاق الرئاسي واسماء معينة لتسويقها وفرضها بـ«وهج» تقدم المقاومة على اكثر من جبهة ومحور وتسجيلها انتصارات متتالية على العدوان التكفيري وآخرها استحقاق القلمون.
وتؤكد ان الزيارة محصورة بالمشاركة في المؤتمر والقاء كلمة فيه وهي مناسبة لبعض اللقاءات البروتوكولية وبطبيعة الحال التشاور مع الحلفاء والتأكيد على اهمية معركة القلمون والانجاز الهام للمقاومة فيها وكسر شوكة الارهابيين والتكفيريين وإبعاد خطرهم وتهديدهم للقرى والحدود اللبنانية.
اللقاء بين السيد نصرالله وولايتي كان حميميا ووديا بحسب المصادر لا سيما انه جرت العادة ان يلتقي كل مسؤول ايراني يزور لبنان في زيارة خاصة او رسمية نصرالله. وتشير الى ان ولايتي هو ارفع المسؤولين الايرانيين الذي زار لبنان خلال عامين. وتطرق الحديث المطول بين الرجلين وفق المصادر الى تطورات المنطقة من القلمون الى سورية فالعراق واليمن وكان تأكيد على ضرورة ازالة التهديد الوجودي للارهاب التكفيري ومواجهته مهما كان الثمن وان كلفة ازالته ودحره اقل بكثير من كلفة بقائه. وخصوصا ان المرحلة الحالية هي الاخطر على الاطلاق من عمر الازمات في المنطقة عموما والازمة السورية خصوصا فما هو متوفر من معلومات يؤشر الى صيف دموي والى وجود تصميم خبيث من رعاة الارهاب الصهيوني - التكفيري لتغيير موازين القوى في المنطقة. فلم يحدث خلال الاعوام الاربعة ونصف الماضية ان اتفق القطريون والسعوديون والاتراك على تدريب الفصائل التكفيرية وفروع القاعدة وتمويلها وتسليحها ومدها بالرجال والعتاد والاتيان بمقاتلين لها و«جهاديين» من اصقاع الارض كافة وخصوصا من دول البلقان والشيشان وتحت انظار وموافقة الاميركيين وحلف «الناتو». وذلك لهدف واحد وهو تغيير الواقع الميداني في سوريا تمهيدا لاستنزاف الجيش العربي السوري بالكامل ومحاصرته وإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد وكل حلفائه ولا سيما حزب الله وايران.
ميدانيا تشير المصادر الى ان توسع سيطرة «داعش» والنصرة وباقي التنظيمات التكفيرية على المناطق الصحراوية والبادية في الجنوب والشمالية - الجنوبية لا يعكس تغييرا في موازين القوى على الارض فمعظم هذه الاراضي باتت خالية من السكان ولا تشكل خطرا بالمعنى العملي على التوازنات الديمغرافية او التوزع الجغرافي للسيطرة بين اراض صرف تحت سيطرة النظام او المعارضة. وتقول ان بقاء نظام الرئيس الاسد واستمرار سيطرة الجيش النظام على المناطق المأهولة يشكل ضمانة لحماية المدنيين من المذاهب والطوائف كافة وحماية الاقليات ووقف المذابح والتهجير العرقي والطائفي كما يحافظ على بنية الدولة السورية ومؤسساتها وهذا النقاش اخذ حيزا من لقاء نصرالله - ولايتي.
التهديد الوجودي حضر ايضاً في اللقاء الذي جمع السيد نصرالله بعد ظهر امس الاول بكوادر وجرحى المقاومة بمناسبة عيد المقاومة والتحرير. وحرص «حزب الله» على «تسريب مدروس» لبعض مقتطفات منه اولا عبر رسائل نصية قصيرة وعبر الواتساب لمجموعات اعلامية غير رسمية وداعمة للمقاومة فور انتهاء اللقاء ولاحقا لبعض الصحف ووسائل الاعلام الداعمة للمقاومة. وهدف التسريب الى تعميم الرسائل التي اراد السيد نصرالله توجيهها اولا الى الخصوم ولا سيما تيار المستقبل وتحذيرات الرئيس سعد الحريري لحزب الله من خوض معركة جرود عرسال، فلا حدود سياسية او ميدانية تمنع المقاومة من التصدي للتهديد التكفيري الوجودي لا في عرسال وجرودها او في اي بقعة ينعكس شعاعها على لبنان والقرى اللبنانية.
فالامر متروك حتى الساعة للحكومة والسلطة السياسية ولتيار المستقبل لايجاد حلول وإن اضطر الامر ان يتواصلوا مع شركائهم من الدول الراعية والداعمة لارهابيي جرود عرسال. وثاني الرسائل ان التضحيات وفاتورة الدم لا تخيف «حزب الله» ولا تجعل بيئته الحاضنة وجمهوره واهالي الشهداء الاحياء منهم في الاموات يندبون حظهم او يتذمرون فالمعركة صعبة والتحديات كبيرة والامر ليس نزهة والمقاومة تعرف كما جمهورها ان الطريق التي سارت فيها منذ ثلاثة عقود ليست مزروعة بالورود والرياحين.