استجواب جديد في الكويت: انقسام المعارضة يمنع انفراط الحكومة؟

استجواب جديد في الكويت: انقسام المعارضة يمنع انفراط الحكومة؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٤ يناير ٢٠١٨

انتهت جلسة استجواب وزيرة الشؤون الاجتماعية في الكويت، هند الصبيح، إلى تقدم 10 نواب بطلب لطرح الثقة فيها، يُفترض أن يناقش أواخر الشهر الجاري. تأييد متواضع يتوقع أن يرجّح كفة معارضي استجواب الصبيح وطرح الثقة فيها، الذين يرون أن اللحظة السياسية الراهنة تفترض توحد صفوف المعارضة لإنجاح المفاوضات الجارية مع الحكومة بشأن إطلاق سراح معتقلين

 
 

بعد مرور أقل من شهرين على تشكيل حكومة كويتية جديدة برئاسة جابر مبارك الحمد الصباح، إثر استقالة سابقتها على خلفية طرح الثقة بأحد وزرائها، تُواجِه الحكومة الوليدة تحدياً جديداً متمثلاً في طرح الثقة بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية فيها، هند الصبيح. خطوة من شأنها وضع الصبيح أو الحكومة على عتبة الاستقالة أو التسبب بحلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات نيابية جديدة، لولا أنها تحظى بتأييد ضئيل داخل «مجلس الأمة» لا يتجاوز عشرة أصوات.

هذه الهشاشة ربما تضعّف تلك السيناريوات وتسمح للحكومة بإطالة عمرها، إلا أنها لا تلغي نهائياً احتمال تكرر سيناريو 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 (تاريخ تقديم الحكومة السابقة استقالتها) أو ما يعادله؛ بالنظر إلى إمكانية ظهور مفاجآت مبنية على انقسام المعارضة على نفسها، وتشرذم كتلتها.
وأعلن رئيس «مجلس الأمة» (البرلمان)، مرزوق الغانم، أمس، تقدم عشرة نواب بطلب طرح الثقة في الوزيرة هند الصبيح. وقال الغانم، في كلمة خلال جلسة عادية للبرلمان، إنه «وفقاً للمادة 102 من الدستور الكويتي، والمادة 144 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، لا يجوز لمجلس الأمة أن يصدر قراراً بشأن هذا الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه»، مضيفاً أنه بناءً على ذلك «أُرجئ التصويت على الطلب إلى جلسة خاصة يوم الأربعاء المقبل، الموافق لـ31 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي». وجاءت كلمة الغانم في ختام جلسة استجواب للصبيح، كان قد تقدم بطلب بشأنها ثلاثة نواب محسوبين على المعارضة هم: الحميدي السبيعي، وخالد العتيبي، ومبارك الحجرف. وحمّل مؤيدو الاستجواب، الصبيح، المسؤولية عن «تعيين مجلس غير متخصص لإدارة الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة»، متهمين إياها بـ«حرمان مستحقي المساعدات الاجتماعية، ولا سيما مرضى التوحد، كفالة الدولة التي نص عليها الدستور»، واصفين الممارسات الحكومية في هذا الإطار بأنها «مخالفة للكرامة الإنسانية». في المقابل، رفض معارِضو الاستجواب تحميل الصبيح المسؤولية عن الفساد في وزارة الشؤون الاجتماعية، معتبرين الاتهامات الموجهة إليها «غير منهجية ومجحفة»، وواصفين إياها بأنها «أمينة ونظيفة وتعمل بصدق». انقسام أدى إلى تأييد 10 نواب فقط لطلب طرح الثقة في الصبيح، خلافاً لما كانت عليه الحال في الأزمة الأخيرة السابقة، حينما أيد 30 نائباً من أصل 50 طرح الثقة بوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وزير الإعلام بالوكالة (سابقاً)، محمد العبدالله الصباح، علماً أن سحب الثقة من أي وزير يتطلب موافقة النصف زائداً واحداً من أعضاء البرلمان.

هذا التأييد المتضائل قد يمكّن الصبيح من تجاوز قطوع الاستجواب بنجاح، مثلما تجاوزته في مرتين سابقتين، على الرغم من أن النواب المؤيدين لطرح الثقة بها يتوقعون إقدامها على تقديم استقالتها خلال الأيام المقبلة، شأنها شأن وزير الإعلام السابق، سلمان الحمود، الذي اضطر إلى تقديم استقالته في شهر شباط/فبراير 2017، بعدما أيدت أغلبية برلمانية سحب الثقة منه. لكن تشكل أغلبية كهذه اليوم يبدو متعسراً، بالنظر إلى أن طلبي الاستجواب وسحب الثقة يأتيان في وقت يتفاعل فيه بقوة الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في تشرين الأول/نوفمبر الماضي، والقاضي بسجن نواب حاليين وسابقين بتهمة المشاركة في «دخول مجلس الأمة عنوة عام 2011» إبان موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في ذلك العام.
وفي ظل اعتزام عدد من قادة المعارضة تسليم أنفسهم للسلطات، على غرار ما فعله سابقاً مسلم البراك وجمعان الحربش ووليد الطباطبائي، يرى قسم من البرلمانيين المحسوبين على المعارضة أن التقدم بطلبات استجواب وطرح ثقة في هذا الوقت بالذات إنما يستهدف الوقوف حجر عثرة في طريق الجهود المبذولة للإفراج المؤقت عن المعتقلين، أو استصدار عفو برلماني عنهم، فيما يدافع أصحاب تلك الطلبات بأن الوعود بإطلاق سراح المعارضين المعتقلين، أو بإعادة الجنسيات إلى الأشخاص المسحوبة منهم لأسباب سياسية، أو بالعفو العام والشامل، أضحت نوعاً من «المسكّنات» الهادفة فقط إلى حفظ استقرار الحكومة وتيسير أعمالهما وتمرير مشاريعها، من دون أن تحظى المعارضة في المقابل بأي مكاسب، لا على المستوى السياسي ولا على مستوى العمل البرلماني.