توقعات 2015

توقعات 2015

افتتاحية الأزمنة

السبت، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٤

يصطلِح حال منطقة الشرق الأوسط هذا العام بعد انكسار مشروع ما سمي بالربيع العربي، ويعود الأخوة الأعداء إلى بناء علاقات متفائلة جديدة، وتنتهي غربة الأصدقاء عن بعضهم إلى حدٍّ ما ريثما تتم استعادة الثقة المفقودة، وقد لا يكفي عام 2015 لإنجاز الكثير، إنّما الحلول تأخذ مسيرها إلى النور، وتدور العجلة الاقتصادية بهدوء بعد تقييم حجم الكارثة، وتتفاعل سياسات المنطقة ويخبو لهيب العسكرة، لتبقى تداعيات الأزمة تحت واقع المتابعة، وأهم من كلّ هذا وذاك تتجه المنطقة برمتها لإعادة بناء إنسانها، وضرورة تقديم جرعات فكرية أخلاقية وإنسانية قبل التفكير بإعادة ما تهدم من حجر وغرس الشجر، فالاهتمام بداية التعلق ما يؤدي للتخلق، ومدُّ اليد بالعون بداية الحب، وطرح مشروع الصدق والصداقة بداية الاكتفاء، الإهمال بداية الخيانة، الابتعاد بداية الكره، الحنين هو اشتياق لجزء من الجسد الروحي موجود في مكان آخر لا يكتمل إلا بلقائه، لا تتخذ قراراً وأنت في حالة الغضب، ولا تعطِ وعداً وأنت في قمة السعادة، صحيح أنّ في دفن الميت عبرة لكن العبرة الأهم هي أنّ القبر الفارغ محجوز لشخص موجود بيننا لا يُعرف مَن هو مهما بلغت قوة التوقعات، مَن أراد قربك اقترب، مَن أراد رؤيتك أتى، مَن أراد سماع صوتك اتصل بك، كذلك لا تمنعه الظروف بل تثنيه الإرادة، حينما ترى أحداً تغيّر إلى الأفضل فلا تذكره بماضيه وتتهمه بالتناقض لأنّ الإنسان كلما كبر فهم وتعلم وتغيّر شكله وفكره، عندما تقسو الحياة علينا يعني أنّ هناك درساً من دروسها لم نتعلمه بعد، الشخصية القوية هي الشخصية التي تستمر في النمو والتطور، إنّ بعض الألم مفيد بكونه يسبب صحوة في غفلة، أغرب ما في الحياة أنّ كلّ الأشياء تبدو واضحة جداً ولكن بعد فوات الأوان، من الجميل أنْ تبقى دائماً منتظراً تباشير الفرح وأنت تعيش ظلمة الأزمات، أنْ تكون ذكراً فهذا قدرٌ لكن أنْ تكون رجلاً فهذا فن المسؤولية، الاهتمام أهم من الحب فلو خُيّرت بين شخص يحبني وآخر يهتم بي لاخترت الذي يأسرني باهتمامه، النجاح يحتاج القضاء على الاستسلام للنوم والتراخي في العمل والخوف والكسل والغضب والمماطلة، تأكد أنّك حينما تنكسر لن تجبرك إلا نفسك، وحينما تنهزم لن تنصرك إلا إرادتك، والقدرة على الوقوف بعد السقوط لا يمتلكها إلا سواك.
لماذا يهتدي الجميع إلى الله لحظة حصول المحن وينسونه مع المسرات والسعادة والمجون والفتن؟ إذا كان الله ليس موجوداً فكلّ شيء مباح حتى الجريمة فكيف بنا لا نؤمن بالله؟ وما دونه ينبغي وضعه على مائدة النقاش والحوار والقبول والرفض، من أجل كل ذلك ينبغي أنْ نشكّ كي نصل يقين الحياة في وجوده أو في غيابه، البحر يشكل السياسة، والأبدية قوتها، والجيوش أداتها، المال يسيطر عليها ويقودها إلى أين؟ إلى النهاية، والنهاية خراب للبشرية إنْ لم نتعظ، تأليب الأخ على أخيه يدلنا على نهاية الوجود السليم وبدء زمن الشرور، فإذا كنت مكتئباً فأنت تعيش الماضي، وإنْ كنت قلقاً فأنت تعيش المستقبل، وإنْ كنت سالماً فأنت تعيش الحاضر، الندم ليس عيباً بل دليل قاطع على أنّك شخص لديه ضمير، وكذلك نصف العلم أخطر من الجهل كلّه، ومَن قال لا أعلم فقد أفتى، لا تستعجل الأيام فإنّك ذاهب إليها وعندما تصلها تتمنى أنْ ترجع إليها، المرأة الجميلة ليست دائماً طيبة لكن المرأة الطيبة دائماً جميلة، كن حريصاً ألا تخسر إنساناً قد لا تقدمه لك الحياة مرة أخرى، لنعلم أنّ أي حديث مُعرّض لسوء الفهم، حتى الصمت قد يُساء فهمه، فلا حقوق للأفكار إنّما الأشخاص لهم حقوق، أشياء تغيّر نظرتك إلى الحياة، الفقر والغنى، المرض والغربة، العمل والبطالة، الحب والكره، لتعلم أنّ إسعاد إنسانٍ واحد يتابعك القدر حتى يجد الفرصة المؤاتية كي يجازيك على ما فعلت ويسعدك، لا تتحدث عن سعادتك أمام حزين ولا عن أموالك أمام مدين ولا عن والديك أمام يتيم، الإحساس بمن حولك ينبغي أنْ يتفوق على إحساسك بنفسك، وأيضاً الاعتذار والسماح سمتان لا تجدهما إلا في الشخص العاقل، لا تكن عدواً لأحد ولا صديقاً لأي أحد، الجهل بالماضي يساوي تماماً الجهل بالمستقبل.
وعلى الرغم من أهمية علوم الفلك والتخاطر واستحضار الأرواح وقراءة الكف وضروب المنادل إلا أنّ مَن يظهرون على الإعلام بوسائله المتعددة والمنتشرة بين المجتمعات إما منافقون ودجالون أو مرتبطون بأجهزة الأمن التي تقدم لهم المعلومات، فالإشاعات وفبركة القضايا حول أشخاص ذوي أهمية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية من موت وعزل وتنحٍ وسجن وإبعاد ونفي ما هي إلا برامج مخططة وموضوعة مسبقاً، وإنّ الأهم من كلّ ذاك هو الاعتماد على العلم والثقة بالمكوّن الكلّي الذي أعطى الإنسان قوى روحية وعلمية، إنْ آمنّا بها وعملنا عليها بثقة وإخلاص خرج جميعنا من جلّ المصائب.
أيُّها الناس ثقوا بأنفسكم أولاً، وبالله كي يثق بكم ثانياً، وثقوا ببعضكم فيثق الوطن بكم، وتعلّموا الإخلاص في العمل كي تصلوا النجاح فتعلمون أنّه (كذب المنجمون ولو صدقوا) (ولو كنتُ طبيباً للهوى لأوجدت لصلعتي دواء) ناقشوا توقعات 2015 وما قبله ولكم الحكم بعد أنْ تعقلوا وتتفكروا.
د. نبيل طعمة