ناموس الحياة

ناموس الحياة

افتتاحية الأزمنة

السبت، ١٥ مارس ٢٠١٤

قيمة وقوة الإنسان الذي نسعى إليه، بغاية إحداث الفرق بين إسلام الحق والمتأسلمين؛ الذين يسعون بكامل قواهم لإنهاء الديانة المحمدية "جوهر الإسلام" بمبادئها السمحة، فلم يخترقوا العالم فقط بل اخترقوا العروبة والمشاعر القومية وقواعدها، حيث نراهم يتسلّقون منابر الإعلام والعلم والعلميّة والعلمانيّة، ومن المفترض بالإنسان عندما يتقدم إلى الأمام أو يرقى بدرجات الصعود إلى الأعلى أن يمتلك غاية رئيسة ألا وهي إفادة نفسه ومجتمعه وأمته، لكنهم لبسوا لبوس الكل؛ وعبْر صيغ الاستئثار لا الإيثار؛ وفي غمرة من حدوث فراغات اجتماعية يحاولون اصطيادها، يتقدمون من حقيقة أمرهم ليظهروا كمدافعين عن الديانة الإسلامية وبأنهم إسلاميون مسلمون، جوهرهم خائف من قيمة وقيم الإسلام، لذلك اختبؤوا تحت عباءته، لم يفهموا منه إلا لغة العبودية، فكانوا تحت ظلِّه عبيداً، لم يعرفوا لغة الحب والتعاضد والإيثار، لم يمتلكوا إلا لغة الكسب والتكسّب من صورته، يستشهدون بآيات كتابه المكنون، والأحاديث الشريفة التي لا يفرِّقون بين الوضعية منها والصحيحة، وأيضاً أقوال العلماء من الجهلاء، إنهم صنف يناهض التطوّر والتقدم على الرغم من أنهم يؤدّون الفرائض في صورتها! ويرسمون صور إسلامهم على وجوههم وضمن حركاتهم وأفعالهم وانفعالاتهم، لا يثقون بأنفسهم ولا بالآخرين، وفي الناتج النهائي تجدهم قلقين يحلّلون المحرّم حين يفيدهم، ويحرٍّمون المحلّل عندما لا يجدون فيه ما ينفعهم، يسعون للوصول إلى سُدَد الحكم باسم الله دون وعي لجوهر الاسم العظيم..
منه ندخل إلى عنواننا بغاية تحديدهم، فما تُقرِّر القيام به في يومك يحدد من أنت، يرسم قوة أو ضعف حضورك، وكذلك يؤكد مدى إيمانك أو كفرك بما تنجزه أو تخطط لإنجازه، ومن خلال ذلك؛ إما أن تكون فاعلاً تتشابه مع الله؛ بحكم أنك صورته على الأرض، أو أن تكون شيطاناً تتماثل حركته في الخفاء، ولحظة أن يفقد المرء عمله من أجل الآخر الطيّب المظلوم؛ والمشاركة معه في بناء التكوين الحياتي يفقد إيمانه: أي دينه بما يدين، ومؤكد أنه يفقد معه الصورة النسبية التي أرادها الكلّي له، ومنه تكون قدرة الإنسان بمفرده أو مع الآخر على صنع عالم أفضل حين يريد التحول من خصوصية الشكل إلى جوهر الكل.. فإذا كنّا لا نمتلك خيار البداية فمن البديهي أن النهاية ليست بيدنا، والحياة المادّية الإيجابية لا تتحقق إلا باتحاد قلب يملؤه الحب مع عقل تسكنه العلميّة والأخلاق وتنساب منه فعلاً بناءً لا لغة، فتتحقق البصمة التاريخية التي تستمر بنا إلى الخلود.
من لا يمتلك ناموس الحياة يحيا على أمّية دينيّة خطيرة، تتحول بقوة وتنمو ضمن الأديان السماوية والثقافية الوضعية، والمتجلية بمن يطلق عليهم في اليهودية: "المتهوّدون" وفي المسيحية "المتمسِّحون" وعند الإسلام "المتأسلمون" وبحكم أن الأزمات السائدة والمنتشرة على كوكبنا الحي تخصّ العالم العربي وعوالمه الإسلامية، فإننا نسير تحت عنواننا لنقول عنهم: إنهم يخافون جوهر الإسلام، يعادونه، يحاربونه، بكونهم لا يعرفون عنه شيئاً؛ بل أنهم متعلقون بقشوره وصوره القادمة من عبوس الوجوه الحاقدة والسوداوية المنتسبة إلى اسم الإسلام فقط، هؤلاء أصحاب الضغينة وقلوب الحسد القميء، عقولهم متعلقة بتقاليد بالية، وعادات ظاهرة من الدسائس والمكائد، مسكونة ضمن متاهات التأسلم دون معرفة أو علم.
إن من لا يؤمن بالآخَر لا يؤمن بالإسلام الحامل لصفات الودِّ والرحمة والمساكنة والجوار والوصايا التسع الواردة في سورة الحجرات من الكتاب المكنون؛ والتي تؤسس لبناء التعامل والعلاقات بين ومع الناس ١- فتبيّنوا ٢- فأصلِحوا ٣- وأقسطوا ٤- لا يسخر ٥- ولا تلمزوا ٦- ولا تنابزوا ٧- اجتنبوا كثيراً من الظنّ ٨- ولا تجسّسوا ٩- ولا يغتب، إضافة للوصايا العشر في الناموس الإنساني الممهورة في مثلث كتب الرسالات السماوية 1. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ 2. لا تصنع لك صنماً ولا ما يشبهه 3. لا تحلِف باسم الربّ باطلاً 4. تذكّر يوم السبت لتقدّسه 5. أكرِم أباك وأمّك 6. لا تزنِ 7. لا تقتل 8. لا تسرق 9. لا تشهد بالزور 10. لا تشتهِ ما لغيرك.. والمؤكد عليها فيها، ومن يمتلكها يمتلك حقيقة الإيمان مسلماً كان أم مسيحياً أم يهودياً.. فأين العالم من هذه التعاليم وتمثّلها والعمل بها، أين هم المؤمنون المسلمون من المتأسلمين؟! ألم يحِن الوقت للفرز بين هذا وذاك؟ ألا يعني لنا أن الإيمان جوهر الإنسانية، حيث تؤمن ببعضها بعضاً، بوجودها، بحقيقة عملها من أجل الاستمرار، ألا يعني التأسلم أنه الاستسلام لأفكار خارجة عن قيم الديانة السمحة التي قدّمت للعالم إضافة أخلاقية مهمة؟ أليس من الضروري الخروج من الأمّية الدينيّة والعودة لجوهر الإيمان الممتلئ بالعلم والعلميّة والحضِّ عليهما لبناء مجتمع مؤمن سليم مسلم، نسالم فيه بعضنا، ونعيش عيش التشارك في الأرض والوطن والبناء؛ من خلال استعادة الناموس