هلال وتهليل وأهلّة

هلال وتهليل وأهلّة

افتتاحية الأزمنة

الجمعة، ٣ أكتوبر ٢٠١٤

تحالفات للاختلاف لا للائتلاف، تصديقات على عقود وعهود ومواثيق تتبعها مشاريع مخططة ومائعة وضائعة ومنفلته تلج النور، أو تبقى في الظلمة تضيء لذاتها أولاً وأخيراً، تنتهي خراباً أو تستمر تتبعه بحثاً عن كفاءات ومنفذين. نشطاء يؤيدون أو يدينون، إسهامات، تشاركات، قوانين وأنظمة، دساتير تشريعات تتغيّر بتغيّر الظروف، اعتقالات وإفراجات، أحكام ومتهمون وأبرياء، فتاوى تصيب وتصب في المصالح، وتدمّر وتنهي مطامع جهات تعتبر بعضها أجنبية أو محلية، أي إنّها تبقى غريبة على بعضها، حتى الأخوة حين نشوء الخلاف يصبحون أجانب في أي بلد كانوا، فكيف بالدول التي لا تعتبر وجودها كذلك، حتى وإنْ كانت على حدود وأبواب بعضها. تحذيرات من التهادن، رحلات مكوكية خارجية وداخلية، مصالحات ومؤتمرات ولجان مصغرة وكبيرة، أعياد وأفراح وأتراح تنظر الهلال أو الأقمار الاصطناعية لتعلن بدأها أو نهايتها، تدمير وتخريب وإصلاح وإعمار وتنمية، كهرباء، مياه، غذاء، مواصلات، إغلاق حدود وفتحها، انهدام الفكر الإنساني، فوضى عارمة خلاقة تدميرية همجية أو إبداعية، الكلّ يريد أن يتغير، كيف يغيّر بعضه أو كلّه أو أن يبقى كما هو ولا اعتقد أن أحداً استطاع أن يبقى كما هو.
قائمة سوداء، قائمة بيضاء، وهناك أيضاً رمادية ومحايدة ومسالمة ومؤيدة وضد وداعمة، جدل ومداهمات واستعراض للقوى المسلحة وغير المسلحة، فتح ملفات وتدمير ذاتيات وتنويم مغناطيسي للمؤرشف إضرابات وتظاهرات ومسيرات معارضة ومؤيدة، سيطرة سياسية اقتصادية وسيطرة دينية سياسية وأخرى متشددة إرهابية سلفية من كل الديانات والمذاهب والطوائف، غياب تام للعقلانية والتفكرية والتأملية لصالح الاقتصاديات.
تحالفات لم تعد تؤمن بوجودها بحضورها مع الأعداء، مع الأصدقاء، بين الأخوة الأعداء والأصدقاء اللا إخوة، صديق الأمس عدو اليوم، وعدو اليوم صديق الغد، أنا وابن عمي على الغريب وأنا والغريب على ابن عمي وأخي. حِكم وأحكام وحُكَام دون فهم للتنوع البيولوجي والروابط الجينية، هلال يضيء ليلاً، هلال أحمر، صليب أحمر، ونجمة حمراء، صيني وبوذي علاقته ارتبطت بالدم وهو على غير ذلك، فمنه اشتق التهليل والأهلة وله كانت هللوليا أرادوا استلاب فكرة الإله أو الرب أو يهوى، فأعطوه اللون الأحمر لون الموت القادم من الصراع لينتج عنه ثكلى وجرحى تسرع إليهم الأهله بأنواعها وهو على غير ذلك يستمد لونه من نور الشمس، حُوّل إلى شعار إغاثة ومساعدات للطوارئ من الجرحى والشهداء واللاجئين والنازحين والوافدين المشردين منهم والمهاجرين الذين تقطعت بهم سبل العيش، مناقشات، مناسبات، معالجات صباح مساء، لا استمرار لأي شيء ولا اتفاق على شيء، اتفاقات للتنمية وتبادل المعرفة والخبرات والبرامج، وتنمية روح التشاركية والتطوع، والحث على العلم والفهم والتعليم، ومدارس خاصة وعامة وجامعات كذلك، وأيضاً معاهد مهنية وتقنية تخصصية ومعاهد شرعية وغيرها، مساجد ومعابد وكنس وكنائس، أسواق بسيطة تاريخية وحداثوية، أساليب حديثة وعصرية تنشر ثقافة الشراء والطعام والدعارة والشراب، صالات أفراح وأتراح، ومشاريع سكن وإسكان، مبادرات تناقش كل صغيرة وكبيرة، تنتج عنها تحالفات جديدة تنجب ظروفاً عائمة، طبيعية أو استثنائية، تغلق هنا تفتح هناك، ورش عمل تحفر وتردم تحت عناوين الإصلاح، احتلالات للفكر الإنساني والأرض المدّحية، منع دخول وترحيل هدم، تحذير وتخدير، وتعثر هنا وانفراج هناك، نفي وتأكيد، وتكثيف لجهود البحث عن فرْجٍ أو فرَجٍ أو إفراج أو انفراج، خطط أممية طبيعية وطارئة، قمم للأمم تصرخ وتعيط وتنهي أعمالها بالتهديد والوعيد كما هي حال أي قمة مناطقية أو إقليمية، تحالفات للاختلاف ينشئها البشر من أجل بقائهم في ما هم عليه لا من أجل إنقاذهم، فما يجري يطوّر كل شيء على وجه الأرض وتحت السماء، إلا فكر الإنسان الذي يصرّ عليه بأن يبقى في حال اختلاف وهو على اتفاق من حيث أنّ كلّ إنسان رضي بعقله حينما استلمه ووعى عليه وهرب به، إنّما لم تعجبه رزقته فتطلع إلى أرزاق الآخرين، فعاد بفكره ليختلف مع الآخر دون أي مراجعة أو حساب للذات.
د. نبيل طعمة