مدير الآثار في سورية: العالم يتفرّج على تدمير الحضارة

مدير الآثار في سورية: العالم يتفرّج على تدمير الحضارة

أخبار سورية

الجمعة، ٢٢ مايو ٢٠١٥

منذ اقتراب تنظيم «داعش» من مدينة تدمر الأثرية في البادية السورية، قبل نحو أسبوع، أصدرت مديرية الآثار والمتاحف السورية بياناً نبهت فيه إلى ضرورة التحرك لمنع وصول التنظيم التكفيري إلى هذا المعلم التاريخي الذي يمثل إرثا للإنسانية جمعاء، إلا أن مناشدات المديرية السورية المسؤولة عن حماية وحفظ الآثار لم تتمكن من تحريك أي ساكن، فغدا اليوم التنظيم في أحضان «مملكة زنوبيا»، يمكنه أن يمارس فيها هوايته في تدمير الحضارة.
وأوضح مدير الآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم، خلال حديث إلى «السفير»، أن «المديرية تسعى في الوقت الحالي للتواصل مع جهات في المجتمع المحلي في مدينة تدمر بشتى السبل للوقوف على ما تتعرض له المدينة الأثرية هناك، بعد الاعتداء الإرهابي لتنظيم داعش على مدينة تدمر رغم صعوبة عملية التواصل»، مشدداً على أن مديريته «تعتمد على أبناء المجتمع المحلي في سبيل تحييد الموقع الأثري والدفاع عنه»، مذكراً بتجارب سابقة في هذا السياق مثل إدلب وبصرى، التي نجحت فيها المساعي الأهلية بالحفاظ قدر الإمكان على المعالم الأثرية رغم ضراوة المعارك.
عبد الكريم، خلال حديثه إلى «السفير»، أكد أن «المئات من التماثيل المهمة والقطع المتحفية تم نقلها من ‫‏تدمر‬ إلى أماكن آمنة خارج المدينة منذ فترة، وذلك بفضل جهود العاملين في ‫المديرية‬ ‫العامة‬ ‫للآثار‬ ‫والمتاحف،‬ وبدعم من ‫الجهات‬ ‫المختصة». وقال «الخوف الأكبر لدى المديرية بأن تدمر الحضارة التدمرية على يد مجرمي داعش».
وفي وقت حذرت فيه المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) ايرينا بوكوفا، عبر تسجيل مصور بث أمس من أن تدمير مدينة تدمر سيشكل «خسارة هائلة للبشرية»، انتقد مدير الآثار في سوريا «تقاعس المجتمع الدولي»، قائلاً ان «المجتمع الدولي رغم المناشدات المتكررة التي أطلقتها مديرية الآثار للدفاع عن تدمر، باعتبارها مدينة تراث إنساني عالمي، اكتفى بالتعاطف الذي عبرت عنه مؤسسات وجامعات دولية»، مضيفاً «هذا لا يكفي. فالتعاطف لا يقف بوجه التنظيم، ما يجري فعليا هو أن العالم يقف متفرجا على تدمير الحضارة».
وتابع عبد الكريم «مدينة تدمر من أمهات المدن التي كانت مركزاً للقوافل عبر التاريخ البشري، وبلغت ذروتها السياسية والعسكرية والمعمارية في عصر الملكة زنوبيا، ما حدا بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم إلى إدراجها على لائحة مواقع التراث العالمي منذ العام 1980»، موضحا أنها من أهم المدن السياحية المشهورة عالميا بمعابدها ومدافنها ومسرحها وطريق الأعمدة وغيرها من المكونات المعمارية، وأن «الاعتداء على تدمر الأثرية خسارة للمجتمع الدولي وللحضارة الإنسانية».
وقال «نشعر بالحزن والإحباط أمام تقاعس المجتمع الدولي متمثلاً بعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2199 الصادر في شباط العام 2015، والقاضي بتجفيف منابع الإرهاب وحماية التراث الثقافي المهدد في سوريا والعراق. كان أملنا أن يكون هناك تحرك لمنع داعش من التقدم نحو المدينة، لكنه للأسف لم يحدث ذلك».
وأضاف «أملنا الوحيد ألا تكون الأضرار بحق هذه المدينة وآثارها قاسية، ونصلي ألا يصيب الأذى من تبقى من العاملين في مديرية الآثار الذين لم يبخلوا بكل ما لديهم للدفاع عن تراثهم خلال السنين الأربع الماضية. وندعو كل أبناء شعبنا إلى التضامن والوحدة في سبيل الدفاع عن تراثنا، الذي هو هويتنا وذاكرة شعبنا».
وتضم تدمر الكثير من المعابد الأثرية، أبرزها «بل» الذي يعود بناؤه الى القرن الأول الميلادي، و «نبو» الذي بُني في القرن الأول الميلادي على شكل شبه منحرف، و «بعلشمين» الذي يعود إلى القرن الثاني الميلادي، و «اللات» و «يلحمون» و «مناة»، إضافة إلى الحمامات والمسرح ومجلس الشيوخ والآغورا والأسوار والأعمدة التذكارية وقلعة فخر الدين، والعديد من المدافن التاريخية والكنائس التي تعود إلى القرن الخامس الميلادي.