مع غياب الإجراءات وتضارب المواقف فوضى ورش صيانة السيارات في شوارع دمشق.. استمرارية غير مقنعة واتهامات بسوء التوزيع والخدمات!!

مع غياب الإجراءات وتضارب المواقف فوضى ورش صيانة السيارات في شوارع دمشق.. استمرارية غير مقنعة واتهامات بسوء التوزيع والخدمات!!

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٢ أبريل ٢٠١٥

أدى انتقال ورش صيانة السيارات والمهن المرافقة لها إلى مركز المدينة نتيجة الأعمال الإرهابية للمجموعات المسلحة التي استهدفت المجمعات الصناعية، إلى أضرار بالغة السلبية على المنطقة من خلال التلوث البيئي، وإزعاج الجوار، وعرقلة السير، وبروز حالة من الفوضى التي تجلت بإصلاح السيارات على قارعة الطريق، ما استدعى محافظة دمشق لتوجيه إنذارات لنقل هذه الورش إلى المجمعات الصناعية في حوش بلاس ومجمع الشام بعد إعادة تأهيلها، لكن غياب التنسيق بين المحافظة والجمعية الحرفية لصيانة السيارات والمهن المرافقة لها، وغياب المعايير والضوابط في عملية النقل وتوزيع الأماكن لمن لا يملكون محلات في هذه المجمعات، كان إحدى أهم الإشكاليات التي برزت في عملية نقل ورشات صيانة السيارات، إضافة إلى تفرد المحافظة في قراراتها بعيداً عن التشاركية مع الجمعية الحرفية في أغلب مفاصل عمليات النقل التي تمت، ما أدى إلى وجود ثغرات كبيرة عانى وسيعاني منها الحرفيون ما لم تتخذ المحافظة إجراءات لتصحيح الوضع وفق متطلبات المهن، كما يقول الحرفيون وجمعيتهم!.
مطالب لتصحيح الأخطاء
هكذا كان رأي الحرفيين الذين وجهت لهم المحافظة إنذارات إخلاء من مركز المدينة للتوجه إلى المجمع الصناعي في حوش بلاس من الورش المؤقتة التي افترشت الأرصفة إلى المحلات التي تم فتحها لهذه الغاية، وأضافوا أن هناك الكثير من علامات الاستفهام التي لم يجدوا لدى المحافظة إجابات واضحة عنها، حيث تم توزيع أماكن فارغة (مساحات هواء)، كما سماها الحرفيون في ساحات المجمع بعيداً عن مشاركة الجمعية في هذا التوزيع، لأنه من المفروض أن يكون للجمعية الرأي الأساسي في هذه العملية لتتمكن من تقديم خدماتها لأعضائها المشتركين والملتزمين، وأشار الحرفيون إلى توزيع أماكن على الكثير من الأشخاص من خارج نطاق الجمعية الحرفية، أو ممن لم يقدموا براءة ذمة في تسجيلهم في الجمعية، ما يعني هدر مبالغ كبيرة كانت ستعود على خزينة الدولة بالنفع عبر الاشتراكات المفروضة، كما أدى غياب التنسيق أيضاً إلى الجهل بمتطلبات أساسية تستوجبها هذه الحرف، وأهمها: عدم وجود أماكن لوضع العدد الصناعية، على اختلاف أحجامها للحرفيين، وصعوبة نقلها يومياً إلى المجمع، وعدم وجود مرافق صحية جماعية، وعدم تفعيل مركز صحي لضرورته، وعدم وجود مركز إطفاء في المجمع، إضافة إلى فقدان خدمات جوهرية متعددة للورش الموجودة في الساحات مثل المياه والكهرباء، ما يعني تخصيص حيز مكاني فقط، لأن أصحاب المحلات التي عادوا إليها يملكون الخدمات الأساسية، أما الوافدون في الساحات فهم شكل لا أكثر، كما استغرب الحرفيون عدم توجيه إنذارات لبعض المحلات الموجودة في مركز المدينة، غامزين لعلاقات أصحاب هذه المحلات مع أصحاب القرار في المحافظة، ومتسائلين عن الازدواجية في الطرح والمحسوبية التي تثقل كاهل المهنة، وعدم نقل كل الحرفيين إلى المجمعات الصناعية.

مطالب مشروعة
تساءل حرفيو مجمع القدم الصناعي عن سبب عدم تخصيصهم في حوش بلاس، علماً أنهم تركوا محلاتهم منذ ما يزيد على عامين ونصف نتيجة الهجمات الإرهابية للعصابات المسلحة، وعدم إنصافهم من قبل المحافظة في كثير من النقاط أهمها: عدم إعفائهم من الإيجار ورسوم الخدمات، لأن محلاتهم مملوكة للمحافظة رغم التوقف لهذه الفترة الطويلة، وجل ما قدم لهم هو إعفاؤهم من الضرائب المالية، علماً أنهم كانوا ملتزمين بدفع مستحقاتهم بشكل دوري ونظامي، ويسألون المحافظة: أين العدالة في التعامل؟ وأين حقوقهم في التخصيص في أي مجمع قبل غيرهم، لأنهم مازالوا متضررين، وبعيدين عن أماكن عملهم، ومازالوا مكلفين من قبلها مالياً بكل التفاصيل؟!.
واقترح الحرفيون أن يتم تخصيص أرض لمن لم يجد مكاناً في المجمعات الصناعية في حوش بلاس في كفرسوسة قرب مجمع خدمات المحافظة لوجود أرض تتسع وتتبع للمحافظة ريثما يتم حل مشكلة عودتهم إلى مجمع القدم الصناعي وفق ضوابط يتم الاتفاق عليها بين الاتحاد العام للحرفيين، تمثّله جمعية صيانة السيارات والمهن المرافقة لها، والمحافظة لتخديم هذا القطاع الحيوي وعماله الذين طالهم الأذى أكثر من غيرهم كما يدعون.

خطوة في الاتجاه الصحيح
مروان دباس، رئيس اتحاد حرفيي دمشق، لفت إلى أن اتحاد الحرفيين قدم للحرفيين المسجلين في مهنة صيانة السيارات وبيع قطع الغيار مجمعين صناعيين في دمشق هما: (حوش بلاس)، و(مجمع الشام)، وهناك خطة لإنشاء مجمع في منطقة دير علي يستوعب أكثر من 1400 حرفي، حيث بدأ العمل في الإنشاءات لإنجاز المجمع، ويرى دباس أن قرار المحافظة في إعادة الحرفيين إلى المجمعات الصناعية ضروري جداً لوجود تعديات على الحرفيين المسجلين وعلى المواطنين من حيث عدم وجود الخبرات المطلوبة، وتحميل المواطن تكاليف زائدة نتيجة ارتفاع الأجور، وغياب الضوابط والرقابة التي كانت موجودة في المناطق الصناعية، ولا يمكن التغاضي عن الازدحام والتلوث الذي تسببهما الورش المتنقلة، إضافة إلى الجشع في الأسعار، وخصوصاً قطع التبديل عكس الموجودة في المناطق الصناعية والخاضعة للرقابة في الجودة، والسعر، والنقطة المهمة التي أشار إليها هي الخدمة المتكاملة للمواطن في المجمع الصناعي والمفقودة في الشوارع، حيث سيستفيد المواطن من وفر يقدر بأكثر من 50% من قيمة الصيانة في المجمعات، وأضاف دباس بأن الخطة باستيعاب الحرفيين ممن لا يملكون الورشات في ساحات المجمعات كان من المفروض أن تتم بإشراف اتحاد الحرفيين والبلدية مجتمعين، أما بالنسبة لمخاوف الحرفيين من أمان الطرق والمناطق الصناعية، فقد أزيلت، وعاد عدد كبير منهم إلى المجمعات، وهم يمارسون أعمالهم، وعن القدرة الاستيعابية للحرفيين في المجمعين الصناعيين في حوش بلاس ومجمع الشام، بيّن دباس بأنها تقدر بنحو 3000 محل وورشة، ما يعني أنها قادرة على استيعاب كل حرفيي دمشق المسجلين في مهنة صيانة السيارات وبيع قطع التبديل، ودعا الحرفيين غير المسجلين في الاتحاد لتسجيل أسمائهم في الجمعيات الحرفية ليتمكن الاتحاد من مساعدتهم، وتأمين أماكن عمل نظامية لهم في المجمعات، وختم دباس بالاستفسار عن السبب الذي دفع بالمحافظة إلى تمديد مهلة نقل الحرفيين إلى المجمعات الصناعية منذ تشرين الثاني الماضي،  علماً أنها شبه جاهزة، وفيها عدد لابأس به من الحرفيين يزاولون مهنهم، ومتى سيتم تفعيل عدد من الخدمات الأساسية المطلوبة بعد أن تمت عملية نقل الحرفيين مثل النقطة الطبية، ومركز الإطفاء، و”البراكيات” الجاهزة ليتم تسليمها للحرفيين في الساحات لوضع عددهم ومتعلقاتهم، وتخديمها بالمرافق الصحية والماء والكهرباء والهاتف، رغم أنها كما يتم الادعاء مؤقتة!.

تنسيق غائب أم مغيّب؟!
رئيس الاتحاد العام للحرفيين ياسين سيد حسن بيّن أنه تم التواصل مع وزارة الإدارة المحلية ووزارة الصناعة لترتيب عودة الحرفيين إلى المجمعات الصناعية التي أخرجوا منها نتيجة الأعمال الإرهابية من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بعد تمديد مهلة عودتهم التي كانت مقررة أواخر تشرين الثاني المنصرم لتستوعب الحرفيين الذين اتخذوا من الساحات العامة مكاناً لمزاولة مهنتهم، علماً أن محافظة دمشق خصصت الساحات الموجودة في المجمعات الصناعية (حوش بلاس)، و(مجمع الشام) لمن لا يملك ورشة للصيانة، ولكن العثرات في التنسيق مع الاتحاد حالت دون اكتمال النقل بشكله السليم، وأفرزت عدداً من المشاكل التي تم ذكرها، وأضاف حسن أن الاتحادات الفرعية في المحافظات كانت تتابع أمور الحرفيين، وتحل مشاكلهم، وفي مرحلة الأزمة التي عصفت بسورية، جل ما استطاع الاتحاد فعله مساعدة الحرفيين على نقل ورشاتهم إلى المناطق الآمنة عن طريق تأمين تراخيص مؤقتة لهم بالتعاون مع الوزارات المعنية، كما يتم التواصل مع الحكومة لتأمين قروض تشغيل ميسرة وقصيرة الأجل للحرفيين ليتمكنوا من الانطلاق بأعمالهم، علماً أن عدد الحرفيين المسجلين في مهنة صيانة السيارات وبيع القطع كان 13234 لغاية 1/1/2014، منهم 2967 في دمشق، و2241 في ريف دمشق، ولم يتم بعدها إحصاء لعدد من بقي على رأس عمله نتيجة الظروف، وأشار إلى الجهود الكبيرة لوزارة الكهرباء في تأمين التيار الكهربائي نهاراً للمحلات الموجودة في المجمعات ليتمكن الحرفيون من إنجاز أعمالهم، وتمنى على المحافظة التنسيق مع الاتحاد لتصحيح الأخطاء التي ظهرت نتيجة غياب التنسيق!.

اختلاف الأولويات يفرضه الواقع
المهندس مازن فرزلي، مدير الخدمات في المحافظة، أشار إلى أن المهلة الأولى التي تم منحها كانت شفهية، تمهيداً لتحديد تاريخ لإزالة الورشات من مركز المدينة ونقلها إلى المجمعات الصناعية في حوش بلاس ومجمع الشام، علماً أن المجمع الصناعي في حوش بلاس كان جاهزاً منذ بداية العام، وتم التمهيد للعودة إلى المجمعات عبر الضخ الإعلامي المركّز، وذلك بعد إنجاز كل الموافقات اللازمة، حيث تمت عودة أصحاب المحلات الموجودة في المجمعات الصناعية، إضافة إلى الورشات المتنقلة التي ليست لها محلات في وسط البلد عبر فعالية متكاملة لعودة الجميع، والهدف الأساسي من التدريج في المهل عدم تسرب العمالة الماهرة التي تتميز بها دمشق إلى خارج البلد مثل: لبنان، والأردن، والعراق، واعتبر فرزلي أن المجمعات الصناعية جزء من الحل، لأنها لا تشكّل أكثر من 30% من عدد الحرفيين، رغم أن الإحصائيات تدل على أن المحلات تساوي عدد الحرفيين المسجلين، كما أن المحافظة اتخذت إجراء لوضع ورشات في الساحات لمن لا يملكون محلات، خصوصاً أن المحلات في الطوابق الأولى تستطيع استيعاب جزء من الأعمال المواكبة للحرفة مثل بيع قطع التبديل، وقد تمت عودة عدد كبير من الحرفيين تصل نسبتهم إلى 45% بعد أن كانت 15% قبل بداية العام الحالي، ورد فرزلي على الانتقاد الذي تم توجيهه للمحافظة بأنها أخطأت بإعطاء مهل إضافية لعودة الحرفيين، لأن أصحاب المحلات في المجمعات الصناعية قاموا بتأجير محلاتهم، واستمروا بالعمل في مركز المدينة، وما رافقها من ارتفاع أسعار قطع التبديل، وإن كان هذا الانتقاد صحيحاً فقد انتهى بعد عودة الورشات إلى  المجمعات الصناعية، حيث تم إعطاء أولويات التوزيع لمن تضررت محلاتهم، وتم تأمين مساحات للحرفيين في الساحات الموجودة في المجمعات ليزاولوا مهنهم بالتنسيق مع جمعية الحرفيين بشرط إعطاء أولوية للحرفيين المسجلين بالاتحاد، وأوضح فرزلي أنه لا يمكن للمحافظة الالتزام بهذه الأولوية لكي لا تساهم بنقل مشكلة محلات صيانة السيارات إلى أماكن أخرى من المدينة بعد إخلاء المحلات من مركزها، وستكون الأولوية لهذه الشريحة التي لا توجد عندها محلات، وتفترش الطرق لتصليح السيارات، وعندما يصبح الأشخاص فاعلين وعاملين على الأرض، فلا توجد أية مشكلة مع اتحاد الحرفيين، حيث سيتمكن من تنظيمهم في الاتحاد، لأننا نعمل بتشاركية وتنسيق، وأوضح أن سبب التأخير بنقل الحرفيين كان  بسبب الضخ الإعلامي الذي انتهجته المحافظة، وعدم تسرب العمالة إلى الخارج من جهة، ومن جهة أخرى لاستتباب الناحية الأمنية، وأوضح فرزلي أنه يتم العمل بآلية إعطاء أرقام للمسجلين  يتم من خلالها تسليم الأماكن للحرفيين وفق تسلسل التسجيل، والأماكن متاحة للجميع بغض النظر عن تسجيلهم في اتحاد الحرفيين أو عدمه، وحالياً ارتفعت نسبة الإشغالات في المجمعات الصناعية بعد أن تم تجهيز البنى التحتية بشكل أساسي، وخصوصاً الكهرباء والماء، أما بالنسبة لمركز المدينة فقد لمسنا تجاوباً من الحرفيين، وهناك انسحابات جزئية وكلية، والجدية تتطلب المتابعة، حيث سيتم حجز العدد للمخالفين كخطوة مبدئية، وقد تم التنسيق مع الشرطة لمتابعتهم، وجزم فرزلي بأن الورشات ستزول من مركز المدينة بعد أن يصبح مجمع حوش بلاس الصناعي مركز الثقل الأساسي للعمل، وبالنسبة لمراقبة الأسعار، سواء في القطع أو الصيانة، فهي مهمة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وجمعية الحرفيين، علماً أن المجمعات الصناعية جاهزة ومراقبة، ويتم العمل على إعادة تأهيل مجمع القدم الصناعي بانتظار الموافقات المطلوبة لإعادة الوضع على ما كان عليه للوصول إلى مرحلة إخلاء المدينة من الورشات، عدا ورشات إصلاح الدواليب، وقد كانت الأضرار في المجمعات الصناعية شبه مقتصرة على البنى التحتية بكاملها، حيث تم العمل عليها وفق خطة مدروسة استمرت لمدة عامين تقريباً، علماً أن مركز إصلاح الآليات الثقيلة لم يتوقف عن العمل، والمحافظة اليوم تقوم بعملية تخديم للمنطقة حسب المطلوب، وهناك محلات تم استئجارها من قبل الحرفيين في المدينة، وتحويلها إلى ورشات صيانة، ومتابعتها ليست أولوية ما لم ترفع شكاوى عليها، علماً أن عدد المحلات في المجمع الصناعي يبلغ تقريباً 2100 محل، وهناك خزان مياه وبئر ومركز هاتف وكهرباء ومياه ومطاعم بسيطة.

تجاهل للدور
من خلال استطلاع آراء الحرفيين نلاحظ وجود هوة كبيرة بين محافظة دمشق والجمعية الحرفية لصيانة السيارات والحرفيين لجهة تجاهل المحافظة للدور الأساسي لاتحاد الحرفيين في تنظيم مهنتهم وأماكن العمل، وغياب التنسيق أدى إلى حرمان الاتحاد من اشتراكات الأعضاء الذين لم يسددوا، ومازالوا على رأس عملهم، إضافة إلى غياب التخطيط السليم في كثير من المفاصل الحيوية لعودة الحرفيين، ونقص الخدمات، وغياب متطلبات أساسية للعمل، وانتفاء العدالة في توزيع الأماكن المخصصة في الساحات، وتحميل الحرفيين المهجرين من مجمع القدم الصناعي أكثر من طاقتهم بما لا حق فيه في الرسوم المفروضة، وبدلات الإيجار، وفواتير الكهرباء لمكان شبه مدمر منذ سنوات خلت، فهل سنرى المحافظة تتراجع عن تفردها بالقرار، وتعمل بتشاركية مع الحرفيين، وتنصف أصحاب الحق، أم أنها ستستمر بتجاهل الآخر، والنظر من منظار مصالحها.. سؤال يطرح نفسه، والحرفيون بانتظار الجواب؟!.

مرهف هرموش-البعث