«جبهة النصرة» تتفتّت.. والتفكك بات مسألـة وقت!

«جبهة النصرة» تتفتّت.. والتفكك بات مسألـة وقت!

أخبار سورية

الأحد، ١٢ أبريل ٢٠١٥

منذ الاعلان عن تشكيلها في آواخر العام 2011 كان حضور جبهة النصرة كفصيل متشدد دينيا هو الحضور الأقوى بين الفصائل الإسلامية المتشددة حيث حددت جبهة النصرة في بيانها الأول الذي أصدره زعيمها أبو محمد الجولاني في 24 كانون الثاني 2012 هدف جبهة النصرة بأنه يسعى إلى لإعادة سلطان الله إلى الارض داعية إلى حمل السلاح في وجه الدولة السورية ثم ما لبثت أن أعلنت النصرة تبنيها لعدد من العمليات الانتحارية في دمشق وحلب وغيرها من المدن السورية.

الجولاني لم يتأخر في إعلان بيعته للظواهري وانضوائه حتى جناح تنظيم القاعدة ورايتها مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد إلى تصنيفها ضمن المنظمات الإرهابية ثم ما لبث مجلس الأمن الدولي أن أعلن فرض عقوبات على جبهة النصرة الأمر الذي أثار رفضا من قبل العديد من الفصائل والشخصيات المعارضة السورية التي كانت تشير بأصابع الاتهام إلى الحكومة السورية باعتبارها منشئة النصرة ثم ما لبثت أن أصبحت جبهة النصرة فصيلهم المدلل و يتباركون بلقاء قادته وتبويس لحاهم .

من الناحية العملية تعتبر الفصائل الإسلامية بحسب منشأها وبنيتها العقائدية الدينية المتشددة هي الأقوى تنظيميا والأشد تماسكا لذلك كان خطرها هو الأشمل كونها باتت الملجأ الأوسع لقدوم الإرهابيين من الخارج للالتحاق بصفوفها لذلك كانت النصرة إحدى تلك الفصائل التي استقطبت المقاتلين من كل حدب وصوب مستفيدة من غطاء القاعدة وخبرة المقاتلين الأجانب في القتال في مختلف أنواع الظروف القتالية .

محاولة فك ارتباط النصرة بالقاعدة غير خاف على احد وهو موضوع مشاورات عديدة جرت في أوساط النصرة على أعلى مستوى إذ شكل ارتباطها وتبعتيها للقاعدة إحراجا لحلفاء واشنطن ولا سيما السعودية وقطر لذلك فإن فك الارتباط هذا سيعيد ترتيب الأوراق وصولا إلى رفع النصرة من قائمة المنظمات الإرهابية ورفع العقوبات عنها مما يجعلها في دائرة الدعم الخليجي المباشر والعلني وهو ما تسعى إليه قطر حيث ترددت الأنباء عن اجتماعات جرت بين مسؤولي أجهزة مخابرات خليجية وجبهة النصرة للوصول إلى فك الارتباط مع القاعدة مقابل الدعم الخليجي إلا أن الجولاني حسم أمره بالإبقاء على الارتباط التنظيمي مع القاعدة رافضا فكرة الانفصال عنها كما فعلت كتائب عبد الله عزام وهذا سيضع النصرة أمام عدة احتمالات وتيارات سيجعل انفصالها امرا واقعا ومسألة وقت فقط وهذه التيارات هي :

التيار الاولى : سيدفع وبمساعدة الجولاني ورضاه إلى الإبقاء تحت راية القاعدة وعدم الانفصال عنها لأنه يرى في محاولة مشروع الانفصال محاولة لزج جبهة النصرة في مواجهة تنظيم داعش مباشرة وهذا هو الهدف المستور من تلك المحاولات فلن تكون النصرة في هذه الحالة سوى أداة لقتال داعش لذلك حجم الضرر المتولد عن ذلك لن يقاس بحجم الفوائد منه وقد أعلن الدكتور سامي العريدي احد قادة النصرة عن هذا التوجه قائلا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ” : «كلما أقرأ ما يُكتب عن فك ارتباط جبهة النصرة بالقاعدة أبتسم. كأنه لم يبق عثرة في وجه نجاح الثورة السورية إلا ارتباط جبهة النصرة بقاعدة الجهاد. وما علموا أن إعلان الشيخ الفاتح الارتباط بالقاعدة في تلك الأيام كان رحمة وإنقاذاً للساحة مما لا تُحمد عقباه».

التيار الثاني : يرى أن تنظيم القاعدة بات عبئا على النصرة وهو يدفع باتجاه فك الارتباط للحصول على المساعدات الخليجية أضف إلى ذلك أن فك الارتباط سيعطي مرونة في التحرك للنصرة وبالتالي سيمنع اتخاذ الارتباط كفزاعة في مواجهة جبهة النصرة وتصنيفها ضمن الفصائل الإرهابية وهذا الأمر يتلاقى مع دعوات متكررة وجهتها جماعة الاخوان المسلمين في سوريا والإتئلاف المعارض لجبهة النصرة بالإعلان عن فك ارتباطها بالقاعدة .

هذا التيار استفاد من معارك ادلب الأخيرة وانضواء النصرة فيما يسمى جيش الفتح والتنسيق العلني بين الفصائل المنضوية تحت مسمى جيش الفتح لتعزيز هذا التوجه.

التيار الثالث : بات أقرب فكريا إلى تنظيم داعش وهو يعكس وجهة نظر عدد لا بأس فيه من مقاتلي النصرة. وللأمر جذوره العقائدية فبعد أن أعلن البغدادي دمج تنظيم دولة العراق الإسلامية مع جبهة النصرة لتشكل تنظيما موحدا باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سارع عدد من مقاتلي النصرة لإعلان البيعة للبغدادي ولا سيما في محافظة ادلب الأمر الذي رفضه الجولاني زعيم النصرة متهما البغدادي بعدم التنسيق معه ووصل الخلاف إلى درجة دعت إلى تدخل الظواهري مباشرة حيث اعلن عن إلغاء دولة العراق والشام الاسلامية”، مضيفا أن أبو بكر البغدادي يبقى أميرا لـ”الدولة الإسلامية في العراق” وأبو محمد الجولاني يبقى أميرا لـ “جبهة النصرة” في سوريا، وذلك لمدة عام كامل مما دفع البغدادي إلى رفض قرار الظواهري معلنا في تسجيلا صوتيا منسوبا له وبثته مواقع جهادية تابعة لتنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت: “أزف بشرى لأهالي العراق والشام بأن أبناء تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام باقي، ولن نتساوم أو نتنازل عنه وتابع: “بعد مشاورة مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق والشام من المهاجرين والأنصار اخترت أمر ربي في مخالفة أمره (أي أمر الظاهري) بالرسالة والمواصلة في طريقنا.

وحصل الطلاق البائن بعدها بين القاعدة وداعش ..ووصل الامر بعد ذلك بفترة قصيرة إلى الصراع المسلح بين داعش والنصرة حيث اضطر الظواهري أيضا للتدخل لوقف المعارك بين الطرفين إلا ان الجهود لم تفلح في وقف المعارك بين التنظيمين حيث المواجهات شبه مستمرة من مكان لآخر وكان آخرها مقتل احد أمراء النصرة في تفجير انتحاري قام به عنصر من داعش حيث تم استهداف مركزا للجبهة الشامية في مدينة مارع بريف حلب.

يبدو ان التيار الأقوى في النصرة هو الأقرب إلى مبايعة البغدادي وهو ما حدث في أماكن عديدة في سوريا منها ما حدث في مدينة البوكمال عندما انشق قادة النصرة عنها وبايعوا البغدادي وتم تسليم المدينة إلى داعش إضافة إلى تعاون مباشرة بين التنظيمين في اكثر من مكان كما حدث في مخيم اليرموك او في عرسال في المواجهات مع الجيش اللبناني إذ لا يمكن تفسير تصادم الفصيلين في مكان وتحالفهما على أعلى مستوى في مكان آخر إلا بنوع من الانفصال والاستقلالية في القرار لبعض فصائل النصرة .

يبدو أن السيناريو يتجه إلى تفكك النصرة أيضا وانقسامها بحسب الولاءات الجديدة إلى ثلاث تيارات:

- الأول: تيار القاعدة وسيحافظ على اسم النصرة وسيدفع الظواهري إلى التراجع عن فكرة فك الارتباط.
– الثاني: سيلحق بالركب الخليجي املا بالحصول على المساعدات والدعم والخروج من فك العقوبات سيما وانه التيار المرشح لتلقي كافة أشكال الدعم والاعتماد عليه خليجياً.
– الثالث: سيلحق بركب البغدادي باعتبار أن داعش أثبت قوته وتلقى المزيد من البيعات على أكثر من مستوى محلي وإسلامي لذلك سيحل نفسه من بيعة القاعدة وسيلتحق بداعش كون الفكرة الأيدلوجية واحدة لكل منهما.

إذا لم تعد الفصائل الإسلامية المتشددة بمنأى عن الانقسام على غرار الفصائل المعارضة الأخرى إذ أن التجاذبات الدولية والتحالفات التي ستعيد تشكيل سير العمليات العسكرية في المنطقة .