مخطط إسقاط إدلب هدفه الاستراتيجي إسقاط اللاذقية..

مخطط إسقاط إدلب هدفه الاستراتيجي إسقاط اللاذقية..

أخبار سورية

الأحد، ٢٩ مارس ٢٠١٥

 لا يمكن لأي محلّل عسكري ان يعطي رأياً في العمليات العسكرية الميدانية دون معرفة الخلفية السياسية للجهات المتحاربة، وهو أمرٌ في غاية الأهمية، كون الحرب هي إحدى أدوات السياسة.
وما يجري في سورية ليس مجرد حرب تدور بين الدولة السورية وجيشٍ عدو، انما تتجاوزها لتصل الى نوع من الحروب مختلف ومعقد لدرجة عاليةٍ من التعقيد.
والأمر الأكثر وضوحاً منذ بداية الأزمة كان الموقف الواضح لأميركا واوروبا ودول الخليج والأردن المعادي للدولة السورية والمشارك في التخطيط والتدريب والتسليح للجماعات المسلّحة التي تخوض معاركها منذ اربع سنوات.
في الشمال السوري لا بد من التأكيد على أهمية وخطورة الدور التركي الذي يحاول منذ بداية الأزمة تثبيت مصالحه على ايقاع طبول الحرب وببحور من الدماء.
وانطلاقاً من هذه المواقف تجري العمليات العسكرية في محافظة ادلب وتحديداً تلك التي تستهدف المدينة والتي تحمل في طياتها هدفين اساسيين:
1- السيطرة على ادلب وجعلها عاصمة لإمارة الجولاني لإحداث التوازن مع إمارة "داعش" في المنطقة الشرقية لسورية والممتدة الى العراق.
2- تثبيت نقاط ارتكاز جغرافية جديدة تكون بديلاً عن كسب لتهديد اللاذقية ضمن خطة تعتمد هذه المرة على الحصار والزحف من الشرق وليس من الشمال.
وقبل الدخول في تفصيل الخطة التركية لا بد من الإشارة الى أمر في غاية الأهمية وهو أن اعادة الإنتشار أو عمليات إعادة تجميع القوات في اي معركة عسكرية لا تقل أهمية احياناً عن خوض العمليات الهجومية أو الدفاعية، وهو أمر تقرّره القيادات العسكرية انطلاقاً من تقدير الموقف المرتبط بعملية تقييم لحجم القوى البشرية والقدرات العسكرية وإمكانية الإستمرار في خوض المعركة من عدمها في نقاط التمركز الحالية.
وبما أنني لا امتلك المعلومات الدقيقة عن حجم القوة الدفاعية للجيش العربي السوري في مدينة ادلب فلا استطيع الإدلاء برأي جازم اذا ما كان الإنسحاب مرتبطاً بنقص القوى البشرية أو بأمر آخر تم تقديره من قبل القيادة العسكرية السورية.
إن قراءة العقل المخطط لهذه الجماعات المتواجد في تركيا ويشمل خبراء من اميركا ودول عديدة وبتمويل سعودي وقطري يمكن أن يدلنا على مسار خطط تركيا التي تمثل الجماعات المسلّحة ادوات تنفيذية لها.
منذ بداية الأزمة كان للسيطرة على الشمال السوري اهمية كبرى اعطتها تركيا الأولوية ولا زالت منذ اربع سنوات تعمل على تحقيق قوس انتشار وسيطرة يبدأ من حلب ويمر بإدلب وينتهي في كسب، لما لهذا القوس من أهمية في تنفيذ الحلم التركي حتى لو كان تحت سيطرة الجماعات المسلّحة التي تأخذ اوامرها الميدانية من تركيا مباشرة.
وفي خطوة تُعبّر عن دهاء العقل التركي وفي ظل هزيمة محتملة لتنظيم "داعش" في العراق وسوريا استنادًا الى التطورات الميدانية، تعمد تركيا الى تسويق جماعات الجيش الحر وجبهة النصرة بشكل جديد تم التعبير عنه بتشكيل جيش الفتح الذي ينفذ العمليات حالياً في مدينة إدلب، لتشكل بديلاً محتملاً لتنظيم "داعش" امتداداً الى محافظة الرقّة التي يسيطرعليها حالياً "داعش".
وان كان الأمر قد فشل في كَسَبْ ويسير على غير رغبة الجماعات المسلّحة في حلب، فكان لا بد من السير في خطة عمليات تمكّن هذه الجماعات من تحقيق بعض المكاسب لرفع الروح المعنوية المتدنية لهذه الجماعات بنتيجة الهزائم المتلاحقة التي تقع بها منذ اكثر من سنة.
في الجانب العسكري لا بد من الإحاطة بطبيعة الظروف التي تحيط بمعركة إدلب والإمكانيات المتوافرة لخوض هذه المعركة، وما لم يعد خافياً على احد ان الجيش العربي السوري يقاتل في اكثر من ألفي نقطة قتال على جغرافيا واسعة جداً تستلزم مئات آلاف الجنود في الميدان المباشر للمعركة، يؤازرهم عدد مماثل من الإداريين والأمنيين، وهو الأمر الذي لم يتوفر للجيش العربي السوري واستعاض عنه بالعديد من تكتيكات القتال التي تحقق منذ اكثر من سنة نتائج حاسمة وهامة في المجال الحيوي للدولة لتمكين الوحدات المقاتلة من الإستمرار في القتال في معركة صعبة ومعقدة وطويلة.
والخطة الحالية لهذه الجماعات ترتكز على تحقيق نصر معنوي يمكنها من الإنتقال الى المرحلة اللاحقة من الخطة، وهي ما تدركه القيادة السورية في تفاصيلها.
وهذه الخطة التي وضع لها المخطط مراحل مختلفة ركّزت جهدها العسكري من خلال حشد آلاف المقاتلين لتحقيق اندفاع سريع الى داخل ادلب والانطلاق منها الى فتح معركة اريحا مروراً بالمسطومة وجسر الشغور لاحقاً، وربط القوات المهاجمة بخط قتال يصل الى جبل الأكراد والاندفاع منه في معركة تستهدف الساحل السوري وتحديداً مدينة اللاذقية.
وانطلاقاً من الفهم التفصيلي للخطة التركية، ولأن الدخول في معركة دفاعية عن ادلب سيتطلب جهدًا استثنائياً على المستويين البشري والتقني لا يتوفر بشكل كامل، اعتقد ان القيادة العسكرية امرت الوحدات المدافعة عن ادلب بتنفيذ اعادة تجميع في جغرافيا اكثر ملاءمة لخوض العمليات العسكرية، واعني بها منطقة المسطومة ومعسكر القرميد بحيث تكون خلفية الإستناد الموجود في اريحا اكثر قرباً من  الميدان مما يساعد في إجراء المناورات اللازمة لاستعادة زمام المبادرة والتحكم بعمليات الهجوم المضاد، التي من المؤمل لها ان تبدأ في التوقيت الذي تراه القيادة الميدانية مناسباً.
وقد يقول البعض: وهل اللاذقية أهم من ادلب؟ وهو سؤال يجب الإجابة عليه لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعارك حماه وادلب وحلب، حيث تشكل اللاذقية القاعدة الخلفية التي تؤمن لهذه الجبهات الدعم اللوجستي والأمني والإقتصادي كونها تحتوي ميناءً كبيراً يشكل الشريان الأساسي لسورية إضافة الى رمزية المدينة السياسية.
ختاماً: لا بد من الإشارة الى خطورة ما يتم تنفيذه وضرورة الإنتباه الى الثغرات التي يمكن للمخطط ان ينفذ منها والعمل على تلافيها، فالمخطط التركي ومن خلفه السعودية التي تمول المخطط برضى اميركي لن تتراجع بسهولة خصوصاً ان لكل جهة من هؤلاء اسبابه التي تجعله مصراً على تحقيق المخطط.