مسلحو جنوب سورية أمام اختبار جديد

مسلحو جنوب سورية أمام اختبار جديد

أخبار سورية

الأربعاء، ٤ مارس ٢٠١٥

منذ بدء الرهان على الجبهة الجنوبية في سوريا من قبل الدول الداعمة للمسلحين، كان لافتاً حجم وآلية التحرك التي تقوم بها المجموعات المسلحة في تلك المنطقة، وهو ما يكشف عن أنها لا تقوم بمعارك اعتباطية. لكن هذه المجموعات أمام أكثر الاختبارات جدية مع تقدم الجيش السوري وسيطرته على المزيد من النقاط الإستراتيجية في المنطقة.
فمنذ سنة تقريباً، ومع إخفاق مفاوضات «جنيف 2»، بدأ الحديث غربياً وعربياً عن فتح جبهة الجنوب، ليتلو ذلك انضمام مجموعات مسلحة إلى «جبهة ثوار سوريا» وتزويدها بصواريخ «تاو» المضادة للدبابات، ثم شن هجمات سعت من خلالها إلى وصل ريف درعا بالقنيطرة، ثم السيطرة على نقاط إستراتيجية، مثل التلال الحمر في القنيطرة ومدينتي نوى والشيخ مسكين وتل الحارة الاستراتيجي في محافظة درعا.
ولعل اللافت في كل هذه المعارك هو أن هذا التقدم وتسلسل العمليات لا يمكن أن يكون اعتباطياً، أو بتخطيط بسيط، خاصة أن بعضها لم يدم أكثر من 48 ساعة، ما يطرح تساؤلاً جدياً حيال دور غرف العمليات المشكلة، سواء بين المجموعات المسلحة داخل حوران، أو غرفة «أصدقاء سوريا» في عمان.
ويشدد ناشطون معارضون ومقربون من المجموعات المسلحة على أن «الكلام عن غرف عمليات وهمي، وما يحدث قائم على مبدأ الفزعة، وهو نهج عشائري ريفي تنتفض فيه القوى نصرة لطالب العون، وهو ما يفسر نشاطهم ومعاركهم، يضاف إلى ذلك أن غالبية القادة هم من الضباط المنشقين».
ويذهب البعض إلى «اعتبار العلاقة بين المجموعات سلبية للغاية، فكل طرف يحمل الآخر مسؤولية سقوط البلدات في شمال حوران، مثل تلول فاطمة والهبارية، ويرفض أي فصيل التعامل مع الآخرين، وبالتالي لا يمكن الحديث عن غرف عمليات مشكلة بينهم».
إلا أن واقعاً جديداً قد يفرض نفسه ضمن حسابات المسلحين في الفترة المقبلة، مع كشف ناشطين معارضين النقاب بالأمس عن تشكيل غرفة عمليات تضم الفصائل الإسلامية المتشددة بالمقام الأول، مقابل دور ثانوي لمجموعات «الجيش الحر» يبدو وكأنه جائزة ترضية.
وتضم الغرفة كلاً من «جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام» و «أكناف بيت المقدس» و «حركة المثنى». واعتبرت المصادر الميدانية المعارضة في الجنوب أن «هذه المجموعات لم تتحرك إلا بعد الإخفاقات المتكررة لصد الهجمات، خاصة أن الجهة الوحيدة التي تقاتل في كفرناسج هي الجيش الأول، الذي يضم ألوية جبهة ثوار سوريا وفرقة الحمزة، في وقت يرفض كل من فلوجة حوران وجيش اليرموك التحرك بشكل مشترك، وينتظر كل منهما التعليمات من غرف العمليات في الأردن» .
واللافت أن كل هذه الفصائل لم تشارك بقوة في المعارك منذ انطلاق هجوم الجيش السوري قبل حوالى 20 يوماً، باستثناء هجوم فاشل على تلة فاطمة السبت الماضي، نفذته «جبهة النصرة» التي تتمركز في ريف درعا الغربي والجنوبي، وقرب الجولان المحتل، حيث تتشارك النفوذ مع «المثنى» و «أحرار الشام».
ولكن هل تملك «غرفة الموك» في عمان نفوذاً على هذه الفصائل؟
في الوقت الذي تقر به غالبية المعارضين بالتواصل المستمر مع الأردن و «الموك»، إلا أنهم يقللون من حجم النفوذ، «الذي لو كان موجوداً لتدفقت الأسلحة والذخائر لصد الهجمات في دير العدس والهبارية وغيرها من النقاط التي أصبحت في قبضة الجيش السوري».
لكن مصدراً معارضاً يكشف لـ «السفير» أن الغرفة المتمركزة قرب الحدود السورية شمال الأردن قادرة بالفعل على وقف بعض المعارك، مثل الهجوم على مقر الاستخبارات الجوية في الربيع الماضي، بعد السيطرة على صوامع الحبوب وسجن غررز المركزي، أو مثل التقدم نحو معبر نصيب، كما تفتح مخازن الأسلحة والذخيرة لعمليات محددة وبتوقيت معين بحيث لا تستهلك إلا للهجوم المخطط له، وهو ما يفسر أيضا سرعة بعض المعارك.
فرق و«جيوش» وتحالفات
وكان لافتاً بعد ابتعاد خطر تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» عن سهول حوران قبل أشهر أن تبدأ عملية إعادة هيكلة الفصائل، بحيث تتجمع في كيانات جديدة، من دون أن يلغي ذلك علاقتها بـ «الجيش الحر وهيئة الأركان»، لكن المفاجأة، بحسب مصدر ميداني معارض، أن هذه التشكيلات تعتبر مجرد حبر على الورق، فيما الواقع ان كلاً من كياناتها يعمل بشكل مستقل ولا يقبل بالتعاطي مع الباقين، مثل «تحالف صقور الجنوب»، الذي يضم أربع مجموعات هي «جيش اليرموك» و «أسود السنة» و «فلوجة حوران» و «فرقة 18 آذار».
وسبق لـ «جيش اليرموك»، الذي يقوده بشار الزعبي، أن أدار العديد من المعارك، بقرار مباشر من عمان. أما «فلوجة حوران» فتشكل على انقاض لواء حمل الاسم ذاته، وقاده ياسر العبود الذي قتل بقذيفة خلال معركة في مدينة طفس. وعلى الرغم من قبولهما الاندماج في وقت سابق، إلا ان المعلومات تشير إلى علاقة سلبية بينهما.
أما «الفيلق الأول»، الذي يقوده المنشق زياد الحريري، فلا يبدو وضعه أفضل، حيث يضم ما يزيد على 37 كتيبة ولواء، تردد بحسب إعلاميي حوران، أن مواجهات اندلعت بينهم على تقاسم السلاح، ويفضلون الابتعاد عن النقاط الساخنة، على الرغم من معلومات انه قد تشكل بقرار مباشر من «غرفة عمليات الموك» في الأردن .
واندمجت مجموعات «جبهة ثوار سوريا»، خاصة «ألوية العمري» و «فرقة الحمزة» بقيادة المنشق صابر سفر، وهي تنتشر في انخل بريف حوران الغربي مع «الفوج الأول مدفعية» لتشكيل «الجيش الأول»، وهي تقاتل حالياً على جبهة كفر ناسج بالإضافة لتحصين مواقعهم قرب تل الحارة.
جبهة النصرة
على غرار باقي المناطق الساخنة في البلاد تمددت «جبهة النصرة» تدريجياً في الجنوب، خصوصا قرب الجولان المحتل.
وكان لافتاً بعد انتشار «داعش» في دير الزور هجرة العديد من قيادات «النصرة» الحاليين والسابقين إلى درعا، كميسرة الجبوري (أبو ماريا القحطاني) و «الشرعي» الجديد للجبهة الأردني سامي العريدي وأبو حسن الكويتي وأبو أسامة العدناني.
وجاء وذلك بالتزامن مع خطوات قام بها التنظيم «القاعدي» في محاولة لإثبات وجوده، بداية بين الفصائل نفسها حين اعتقل رئيس «المجلس العسكري» احمد النعمة والقيادي موسى المسالمة، ثم شن هجوما ضاريا على «لواء شهداء اليرموك» في سحم الجولان وتسيل بتهمة مبايعة «داعش».
وبرز اسم «النصرة» بقوة في درعا، حين تصدرت قيادة معارك التلال الحمر، وشاركت في المواجهات عند مدينة القنيطرة القديمة ومناطق قرب الشريط الحدودي مع شبعا اللبنانية، وأخيراً الهجوم الفاشل على مدينة البعث وخان أرنبة، حيث انسحبت تاركة باقي الكتائب تحت نيران الجيش السوري.