مع رفعهم شعار «أتذكر وأطالب » الأرمن السوريون يتمسكون بوطنهم ويطالبون المجتمع الدولي الاعتراف بـ “المحرقة الأرمنية “

مع رفعهم شعار «أتذكر وأطالب » الأرمن السوريون يتمسكون بوطنهم ويطالبون المجتمع الدولي الاعتراف بـ “المحرقة الأرمنية “

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٥

مئة عام مرّت على الشعب الأرمني الذي نهض من احتراقه مثل طائر الفينيق ليطالب بحقوقه.. مئة عام مرّت على المحرقة الأرمنية التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها، والتي ارتكبها العثمانيون بحق شعب آمن يعيش على أرضه بغية إفنائه من الخارطة، مستخدمين كلّ أدوات القتل وكلّ وسائل التعذيب والاضطهاد اللاإنساني واللا أخلاقي، متجاوزين حدود العنف والقسوة، مرتكبين بأسلوب مخطط ومنظم جريمة متكاملة الأركان ،فليلة 24 نيسان 1915 كانت إبادة لجيل ديني وسياسي وفكري، وبعد عقود من الزمن وفي ظل الأزمة الطاحنة التي تمرّ بها سورية جدد العثمانيون جريمتهم بصورة الحكومة التركية الحالية التي ساندت الإرهابيين بالهجوم على كسب ، بغية إفناء الأرمن من جديد ، لكنهم فشلوا فقد وقف لهم الجيش العربي السوري بالمرصاد .
الأرمن الذين يستعيدون الذكرى المؤلمة في ظل محاولة تكرار الجريمة يطالبون باعتراف دولي بالإبادة، وباستنكار هذه الجريمة النكراء عالمياً وباستعادة حقوقهم المغتصبة، لاسيما أن أرمينيا الغربية مازالت تحت الحكم التركي معتمدين شعار «أتذكر وأطالب » بمعنى لن أنسى مع الزهرة البنفسجية ذات الأوراق الخمس التي تدل على القارات التي هُجر إليها الأرمن .
لا هجرة ثانية
إصرار الأرمن على العودة إلى كسب بعد تحريرها، ورفضهم ما أُشيع حول وجود هجرة ثانية للأرمن، كان محور حديثنا مع المطران آرماش نالبنديان مطران طائفة الأرمن الأرثوذكس لأبرشية دمشق وتوابعها الذي وصف سورية بالمقدسة، لأنها كانت جسراً بين الموت والحياة اختلط ترابها بدماء ورفات أولئك الشهداء، وأصبحت الملاذ الآمن للأرمن الناجين من هول الإبادة الذين وجدوا في أرضها المأوى، وأصبحوا جزءاً أصيلاً من نسيج شعبها، وأكد بأن سورية في وجدان أي أرمني في العالم.

أرض الأجداد
الذكرى المئوية للإبادة التي ارتكبها الأتراك كانت (والكلام للمطران نالبنديان) بهدف نفي الأرمن من أرض أجدادهم من تركيا الشرقية أي أرمينيا التاريخية وإبادتهم، حيث اعتقل  ليلة 24 نيسان 1915/ 600 أرمني من رجال الدين والمفكرين والسياسيين والمثقفين والأطباء ثم نقلوا إلى صحراء دير الزور وأعدموا، وراح ضحية همجيتهم مليونا أرمني ما بين مجازر وإبادة، والإبادة لم تكن للمسيحيين فقط بل قُتل الكثير من السريان والكلدان واليونان وغيرهم بذريعة أن بعضهم تعاون مع الروس.

الاعتراف بالإبادة
ويبدو أن المطران نالبنديان وجد في الحديث معنا فرصة للمطالبة بالاعتراف بالإبادة وذلك عندما قال: (بما أن الشعب السوري هو الشاهد الأول والقائم والدائم على الإبادة الأرمينية ،وهو من دوّنها وتحدث عنها لذلك أطالب بالاعتراف رسمياً بالإبادة الأرمنية ،لأن اعتراف الشعب السوري ضرورة كبيرة لكتابة التاريخ الصحيح الذي يحاول أردوغان محوه ،وبرأيي الاعتراف بالإبادة واستنكارها لا يعدّ اعترافاً للشعب الأرمني، بل هو واجب إنساني، فإذا لم يتم استنكار الإبادة ستتكرر في المستقبل ،وخاصة في ظل الأحداث التي تمرّ بها سورية على يد المجرم ذاته فمن عبد الحميد السفاح إلى أتاتورك، واليوم أردوغان، وغداً لانعرف من ؟؟؟.

إعادة الحياة
ووضع المطران الأحداث التي شهدتها كسب إثر الهجوم الإرهابي عليها في خانة تكرار الإبادة الأرمنية بكل وحشيتها التي طالت المقدسات الأرمنية ومختلف المناحي الحياتية وأدت إلى قتل عدد من الأرمن الأبرياء وتهجيرهم ثانية من منازلهم، وهنا قال لنا :للوجود التركي المجرم دور كبير بالأزمة السورية عامةً وفي كسب خاصةً حينما فتح حدوده وسمح بدخول المجموعات المسلحة التي تعيد بجرائمها ما فعله الأتراك بأجدادنا ،إذ تم تخريب البنى التحتية بالكامل والتدمير والتهديم والأذى في كل مكان، وقد عملت الكنيسة الأرمنية على إعادة الحياة من جديد إلى كسب، وأؤكد بأنه لاتوجد هجرة للأرمن من سورية، ولا أحب استخدام كلمة هجرة، فما طال الأرمن طال الجميع في الأماكن الساخنة التي تم تهجير السكان منها لوضع أمني، ومن سافر من الأرمن سيعود بعد أن تهدأ الأوضاع .

بحرية كاملة
وتابعنا الحديث مع سيادة المطران عن واقع الأرمن في سورية، وكيف يمارسون عاداتهم وطقوسهم بحرية تامة، وهنا كان لكلامه طعم الصراحة ونكهة الشفافية والمصداقية فقال لنا :نمارس شعائرنا الدينية بكل حرية ونفتخر بأننا مواطنون سوريون ،وتوجد لنا مدارس أرمنية تتبع للمطرانية أو لجهة أرمنية ثقافية ،و75% من الطلاب من الأرمن و25%من  الطلاب من جميع الأطراف ،ونحتفل بأعيادنا كاملة، وتوجد لدينا جمعيات ثقافية تقوم بنشاطات ثقافية وفنية تعرض نماذج من الفلكلور الأرمني، إضافةً إلى عروض تشكيلية وسينمائية ،ونعمل على تعليم اللغة الأرمنية من خلال شعبة تعلّم اللغة الأرمنية في معهد اللغات، ونحاول الاهتمام دائماً بنشر الثقافة الأرمنية ،ومن جانب آخر تقوم المطرانية بواجباتها الدينية والرعوية والإنسانية والإغاثية الآن بسبب الأوضاع التي تمرّ بها سورية .

تاريخ مشترك
السفير الدكتور أرشاك بولاديان، وقبل أن يتحدث عن فظاعة الإبادة الأرمنية، أراد توضيح التاريخ المشترك الذي يربط بين أرمينيا والعرب ،فأرمينيا جغرافياً تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط ،وأصبحت جزءاً من الخلافة العربية بعد انتشار الدين الإسلامي وبعد الفتوحات الإسلامية ،وفي عام 640 انضمت أرمينيا إلى الإمبراطورية الجديدة، وكانت أول دولة مسيحية استقلت في عام 885 عن الخلافة العباسية، ونشأت بينهما علاقات قائمة على التسامح والإخاء، ووجود الأرمن في المنطقة جعل لهم دوراً حضارياً وثقافياً واقتصادياً، فشاركوا في تطوير الفكر العربي إلى أن جاءت غزوات الأتراك السلاجقة ،ونتيجة انهيار الخلافة العباسية وضعف الإمبراطورية البيزنطية تأسست السلطنة العثمانية ودخلت أرمينيا ضمنها ..ومن هنا كانت هناك طموحات مشتركة وآمال موحدة بين العرب والأرمن ،وحدث تقارب أكبر نتيجة التمازج الثقافي والفكري ،إذ شارك الأرمن بالنهضة العربية من خلال رموز ومفكرين مشهورين مثل رزق الله حسون،وهو من روّاد الصحافة عمل في أول جريدة للنشر في استنبول “مرآة الأحوال “وأديب اسحق وغيره .وفي القرن العشرين بدأت مرحلة جديدة من التمازج الثقافي والترجمات من الأرمنية إلى العربية وبالعكس ،ومن خلال العلاقات التاريخية والتواصل الثقافي والاقتصادي وُجدت أرضية صلبة للعلاقات بين أرمينيا والمنطقة العربية وبالدرجة الأولى مع سورية.. وهنا توقف سعادة السفير ليتابع حديثه عن المجازر التي تعرض لها الأرمن، وصولاً إلى الإبادة الجماعية أو ما يطلق عليها المحرقة الأرمنية ،والتي لم يشهد التاريخ على فظاعتها، ولم تكتف تركيا بالجريمة النكراء ،وإنما اغتصبت أرضهم وحتى الآن توجد ست ولايات تحت سيطرة تركيا (أرمينيا الغربية )…وقد سُبقت الإبادة الجماعية بمجازر تنم عن وحشية الأتراك وهمجيتهم بدأت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الملقب لقسوته بالسلطان الأحمر ،وحدثت المجزرة الثانية بعد انقلاب الأتراك الشباب من 1908 -1919 ،وفي عام 1915حدثت الكارثة الإنسانية الكبرى ضد شعب بأكمله يعيش على أرضه في وطنه بأمان بغية إفنائه من الخارطة والقضاء عليه قضاءً تاماً ،فلم يتركوا أداة من أدوات القتل إلا واستخدموها ،قطعوا الرؤوس بالساطور واجتثوا أجساد النساء ومارسوا كل أساليب العنف ،وعمدوا إلى الحرق الجماعي ولم يرحموا الشيوخ والنساء والأطفال ،ثم هاجموا قوافل المهجّرين قسرياً ،ووجدت هذه القوافل في سورية ملجأ في عدة محافظات ومواقع إذ تجمع الأكثرية بالمناطق الشرقية في الحسكة ودير الزور وحلب.

مواطنون أوفياء
وتابع ليقول: لقد احتضننا الشعب السوري ،وتعرض الكثير منهم للخطر لمساعدتهم الأرمن، وشعبنا يذكر دائماً بكل شكر وامتنان المعاملة الإنسانية التي لقيها من قبل الشعب السوري، وآنذاك غدت سورية نقطة انطلاق الأرمن إلى لبنان وأوروبا وأمريكا وإلى كل العالم،  والآن يوجد الأرمن في أكثر من مئة دولة والجيل الرابع والخامس من الأرمن لايعرفون سورية ولم يشاهدوها ،لكنني أؤكد بأنهم يكنون لها مشاعر خاصة ،وهذه حقيقة تاريخية فكل من يعيش في أرمينيا وخارجها يحمل في قلبه كلّ الحب للشعب السوري بكل أطيافه… ومع مرور الزمن أصبح الأرمن في سورية جزءاً لايتجزأ من المجتمع السوري الملون بكل الانتماءات والأديان والطوائف ،فارتبطوا معاً بعلاقات إنسانية، ودرسوا في جامعاتها وعملوا فيها في مختلف المجالات وشاركوا بالنضال دفاعاً عنها ضد الاحتلال الفرنسي ومن ثمّ التزموا بخدمة العلم ،وأصبحوا مواطنين أوفياء لوطنهم يفتخرون بمواطنتهم السورية وبانتمائهم إلى المجتمع السوري .

إعادة الإبادة
السلطنة العثمانية تعود اليوم مجدداً بصورة الحكومة التركية ومشاركتها بالحرب الهمجية التي تتعرض لها سورية، وكل عمليات التخريب والتدمير التي يقوم بها الإرهابيون بمساندتهم ما هي إلا شاهد عصري على إدانتهم ،حسب ما قاله السفير :لم يكتفوا بكل ما فعلوه بالشعب الأرمني فعمدوا إلى إعادة إبادتهم بهجومهم على الأرمن والقرى المحيطة حولها وبدعم واضح من قبل السلطات التركية دخلت العصابات المسلحة كسب في 21 آذار من العام الماضي ،وعملوا على التخريب والقتل والتدمير فاضطر الأرمن إلى ترك منازلهم وأراضيهم وأعمالهم والتجؤوا إلى المناطق القريبة مثل اللاذقية وحلب ولبنان ،وقد أدانت جمهورية أرمينيا هذه الجريمة النكراء ضد شعب آمن حاول أن ينهض من احتراقه من جديد وصنع لنفسه منطقة آمنة، وبالواقع كان للجيش العربي السوري كل الفضل بتحرير كسب وللأسف تعرضت المنطقة لخسائر مادية كبيرة والآن بعد عدة أشهر عاد أكثر من 90 % من السكان إلى منازلهم وشرعوا بالبدء بالإعمار من جديد ،وما حدث في كسب يشكّل جزءاً مما يحدث في سورية فالأرمن ككل السوريين عانوا من الأزمة مادياً وروحياً وجسدياً ،وقدم الأرمن ضحايا بالعشرات وجرحى بالمئات، إضافة إلى خسائرهم المادية الكبيرة، وخاصة في حلب بصفتها العاصمة التجارية والصناعية لسورية التي تتعرض لأضرار كبيرة جداً .

لن يهاجر الأرمن
وفيما يتعلق بما أشيع حول وجود هجرة ثانية للأرمن أكد سعادة السفير في حديثه بأن الأرمن يفتخرون بحملهم الجنسية السورية ،ولكنهم ككل السوريين أثرت الأزمة على جميع مناحي حياتهم ،وبعضهم فقد المأوى وخسر كل شيء فهؤلاء غادروا مؤقتاً وسيعودون من جديد.

الثقافة الأرمنية
ومع ابتعاد الحديث عن ذكرى الإبادة وهجرة الأرمن كانت لنا وقفة مع  العلاقات الثقافية بين أرمينيا وسورية التي قيّمها السفير بالاستمرارية رغم الأزمة ولم يغفل أيضاً العلاقات الوثيقة في المجال العلمي والتعليمي الجامعي، وتم مؤخراً بالتعاون مع وزارة التعليم العالي وجامعة دمشق تنظيم أسبوع الثقافة الأرمنية في معهد اللغات الذي أنشأت فيه  شعبة لتعليم اللغة الأرمنية، وسيكون هناك تعاون مع المؤسسة العامة للسينما لعرض أفلام أرمنية روائية، وسيتم العمل على تنشيط حركة الترجمة من الأرمنية إلى العربية.
وتحت عنوان “كلمة ” ودعنا السفير وهو يقول : أتمنى أن يعمّ السلام والأمان أرض سورية ،وأن تتغلب سورية على هذه الأزمة الظالمة ويقوم الشعب السوري بإعادة الحياة الطبيعية وإعمار سورية الجميلة من جديد.

الصحافة الأرمنية
للكاتب والأستاذ الجامعي د.سركيس بورنزسيان رأي آخر فيما يتعلق بالهجمة الإرهابية على الأرمن، في كسب فبرأيه أن الأرمن لم يستهدفوا لأنهم أرمن ،بل لهدف تخريب الطيف الاجتماعي المتداخل والمتناغم بين عدة ألوان تشكل جميعها لوحة بانورامية متكاملة تجمع بين الأديان والطوائف والأقليات بروح واحدة متماسكة ،كان هدف تركيا تخريب التجربة السورية الرائدة بالتعايش السلمي ،ولو كان الأرمن منعزلين ومنفصلين عن المجتمع السوري لم يضطهدوا كما اضطهدوا الآن، ويقول:إذا عدنا إلى التاريخ فنقرأ بصفحاته أن وجود الأرمن قديم جداً في المنطقة إذ أقاموا كنيسة السيدة العذراء في اللاذقية 1400م وكنيسة مار سركيس 1445م، ولم يتعاملوا مع الشعب السوري بمنطق الأقليات وإنما انطلقوا نحو الآخر دون تحفظ وتوزعوا في عدة أماكن ،وفي الوقت ذاته حافظوا على عاداتهم وطقوسهم وثقافتهم، وللذكر فإن العديد من المفكرين السوريين لهم جذور أرمنية مثل أديب إسحق أحد أقطاب النهضة وهو من مساعدي محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، والكنيسة قامت بمهمة حفظ هذه الثقافة، وفي مراحل لاحقة وجدت مؤسسات ثقافية وتعليمية حظيت برعاية الحكومات السورية المتعاقبة، ودخلت الصحافة التركية سورية بكل حرية مثل آستاك وزارتوك التي تصدر في لبنان ،وتوجد صحف تصدر في سورية مثل آرثاك كانتساسار التي تصدر في حلب إضافة إلى صحف شهرية تصدر بشكل دوري وهذا دليل اثبات على أن  الأرمن يتمتعون بحيز واسع من الحرية الفكرية والثقافية والدينية ،وهذا غير موجود حتى في أرقى البلدان في العالم وهذه الحرية لاتوجد إلا في دول قليلة منها سورية .

الارتباط الكلي
وتحدث م. بوغوص خاجاريان عن ارتباط الأرمن الكلي بسورية التي غدت موطنهم بعد تهجيرهم القسري واحتضنت الأجيال القادمة وصولاً إلى الجيل الرابع والخامس بعد الإبادة  : نحن جزء من المجتمع السوري ونفتخر بالجنسية السورية وبانتمائنا السوري ،فجذورنا الأرمنية فيه موغلة بالقدم وأنا ولدت في سورية ودرستُ في جامعتها وتخرجت فيها والتزمت بخدمة العلم ،ثم عملت ست سنوات بالإسكان العسكري وبعدها تابعت عملي بالقطاع الخاص ،نحن مثل أبناء الشعب السوري لنا حقوق وواجبات وأكبر دليل أن الجيش العربي السوري لايفرق بين سوري وكردي وأرمني وبين منطقة وأخرى ، والبطولات التي قدمها لتحرير كسب دليل قاطع حينما تصدى للإرهابيين الذين جاؤوا من الحدود التركية ،ودخلوا كسب ليعيثوا فيها فساداً وهُجّر الأرمن وتكررت القصص والحكايات والمشاهد الفجائعية بعد مئة عام ،وبما أننا نحيي الذكرى المئوية للإبادة فنحن نطالب باعتراف أكبرعدد ممكن من الدول بالإبادة بحقوقنا التي ضاعت ،فنحن لسنا أشخاصاً بل أمة كاملة هُجّرت من أراضيها .

نوادينا تنشر ثقافتنا
حادثة مأساوية سرد تفاصيلها المؤلمة من  ضياع وتشتت وفراق أبدي  موسيس حلجيان، الذي أعادته أحداث كسب إلى المعاناة التي عاشها الأرمن في أيام الإبادة:جاء والدي مع قوافل المهجرين إلى سورية من دير الزور إلى حلب وصولاً إلى دمشق ،كان عمره أربع سنوات مع والدته وإخوته الخمسة بعد موت والدهم بالإبادة ،فصل الأتراك الأطفال وضعوهم في الجامع وأخذوا الأمهات إلى الكنيسة ،عاش الأطفال في رعب قاتل إلى أن سُمح لهم بالبحث عن أمهاتهم ،فذهب الإخوة الثلاثة الكبار للبحث عن والدتهم وتركوا الطفلين الصغيرين في الجامع ريثما يعودون، وعندما عادوا مع أمهم لاصطحابهم لم يعثروا عليهما، ضاعا وسط الضوضاء والفوضى لاندري كيف عاشا وكيف أمضيا حياتهما ؟؟، وبقيتُ طيلة حياتي أبحث عنهما لكن كل محاولاتي فشلت والآن بلغت الثمانين ولم أعرف شيئاً عنهما .هل يوصف هذا الفراق وهذا الحنين ؟؟؟وقصتنا ما هي إلا قصة في بحر التشتت والضياع في بحر همجية وقسوة الأتراك الذين أرادوا فناء الأرمن .

دور الإعلام الأرمني
د.نورا أريسيان أعربت عن امتنانها للشعوب والهيئات والأفراد الذين خاطروا بأنفسهم ولدعمهم المتنوع لعملية إنقاذ الأيتام وحركة دعم الأرمن الدولية ،وطالبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وكل الأمم ذات الإرادة الحسنة بغض النظر عن الأصول القومية والدينية توحيد الجهود من أجل استعادة العدالة التاريخية واحترام ذكرى الإبادة والإرادة المشتركة للشعب الأرمني للوصول إلى الاعتراف العالمي لحقيقة الإبادة للأرمن والمجزرة الكبرى وحرمان الشعب الأرمني من الوطن، وقضية إزالة عواقب الإبادة، وتمّ تشكيل ملف واعتباره نقطة انطلاق لعملية إعادة المصالح المشروعة والحقوق الفردية والجماعية والقومية.

نصب تذكاري
لم ينسَ الأرمن يوماً شهداءَهم، وتخليداً لذكراهم سيتم في 24 نيسان القادم رفع نصب تذكاري لهم بالقرب من كنيسة مار سركيس عند قوس باب شرقي التاريخي بعد أن تمّ رفعهم إلى مرتبة القديسين ،وسيبقى هذا النصب شاهداً على خلودهم في ذاكرة الشعوب ومرآة للظلم والطغيان، وأملاً لحياة أفضل بعيدة عن القتل والدمار.
مِلده شويكاني