رؤية العمال لإصلاح القطاع العام الصناعي..إصدار قانون خاص يستند إلى واقع الشركـات وفصل الملكية عن الإدارة

رؤية العمال لإصلاح القطاع العام الصناعي..إصدار قانون خاص يستند إلى واقع الشركـات وفصل الملكية عن الإدارة

أخبار سورية

الجمعة، ٢٠ فبراير ٢٠١٥

ضاعفت الأزمة الحالية من حجم المشكلات التي يعانيها القطاع العام الصناعي وأضافت الى أزماته المزمنة والمتراكمة المزيد منها إذ عانى ولايزال هذا القطاع من الإهمال على مدار السنوات الماضية ولاسيما السنوات العشر لحكومة الانفتاح والتحرير الاقتصادي وعدم الجدية في تطويره واصلاحه.. وبحسب التقرير الاقتصادي للاتحاد العام لنقابات العمال المقدم الى مؤتمره السادس والعشرين، لم تكن هناك قناعات كافية للحكومات المتعاقبه ما أدى ويؤدي الى مزيد من الخسائر ولاسيما بعد تعرض 60% من منشآته للتخريب والتعطيل ما يحتم تفعيل دور الدولة وتدوير عجلة الإنتاج اختصاراً للزمن والإسراع في وضع الخطة اللازمة لإصلاحه خاصة أن المصرف المركزي أبدى استعداده لتمويل مشاريعه الصناعية وحتى الآن لم يحصل شيئ من هذا القبيل.

اقتراحات
سبق لوزارة الصناعة أن قامت بإعداد مشروع قانون إصلاح القطاع العام الصناعي وضمنته الآليات المناسبة كأداة قانونية واجبة التنفيذ لكن حكومة اقتصاد السوق عمدت الى إلغاء المشروع وإيقاف صدوره بعد أن كان في مراحل صدوره الأخيرة ولإنجاز هذا الاصلاح بشكل جدي وفاعل يقترح الاتحاد العام للعمال ضرورة وجود تغطية سياسية وحكومية تترجم بإصدار قانون جدي وفعال خاص بذلك من خلال أسس ومواد تتكيف مع القوانين والتشريعات النافذة مع أحكامه مرفقاً بالتعليمات التنفيذية المناسبة والواضحة والقابلة للتنفيذ بعيداً عن التفسير والإجتهاد.
على أن تصاغ أحكام القانون بموجب دراسة تعد مسبقاً وتكون شاملة ومعمقة وتفصيلية لواقع هذا القطاع (قطاعياً – أفقياً – شاقولياً) لكل منشأة أو مؤسسة أو شركة تؤدي الى تقييم موضوعي وشفاف وإلى استنتاجات واضحة تتم بموجبها صياغة نصوص القانون وتعليماته
على أن تشمل التنظيمات المستوى الإداري – التنظيمي – العمالي – المهني – المالي والتشريعي والتقني والإنتاجي والتسويقي مرفقة بالمقترحات المناسبة لكل جانب ومستوى،
وألا تستند الآليات الى نص تشريعي موحد وعام ويتم تطبيقها على كل المنشآت لكونها مختلفة في الحجم والمشكلات والمستوى الفني ومتفاوتة في جدواها ومستوى أهميتها الاقتصادية والاجتماعية.
وفق مستويات
لذلك يجب وضع آليات وحلول وتشريعات الإصلاح على مستويين:
1- المستوى الأول يتضمن آليات وتشريعات عامة يمكن تطبيقها على جميع منشآت القطاع العام الصناعي، مثل مبدأ فصل الملكية عن الإدارة
والمستوى الثاني يتضمن آليات وتشريعات أخرى متمايزة تختلف بحسب وضع ومشكلات وعوامل الضعف والقوة لكل منشأة على حدة مثل اختلاف معالجة مشكلة تسويق الغزول ومعالجة مشكلة ارتفاع تكلفة انتاج الإسمنت.
وفق مجموعات
كما يقترح الاتحاد العام للعمال في رؤيته لإصلاح القطاع العام الصناعي أن يتم تبويب منشآت وشركات الصناعة إلى 4 مجموعات:
الأولى: تتضمن المنشآت الهامشية الخاسرة التي لا يمكن اصلاحها ويمكن الاستغناء عن نشاطها الاقتصادي مع وضع تصور لكيفية تصفيتها أو معالجتها أو تحويلها ضمن آلية سليمة تحفظ حقوق العمال وتصون المال العام.
الثانية: وتتضمن المنشآت الاستراتيجية الخاسرة التي لا يمكن الاستغناء عنها والمحافظة عليها ووضع تصور لكيفية إصلاحها وفيما إذا كان ممكناً تحويلها إلى شركات حكومية مساهمة تكون الأفضلية في الاكتتاب على أسهمها للعمال بشروط ميسرة.
الثالثة: المنشآت الهامشية المتوازنة تجارياً أو الرابحة ودراسة كيفية تطويرها وتحسين أدائها أو فيما إذا كان من المجدي أكثر تحويلها إلى مساهمة حكومية أو عامة وتستخدم الأموال المتحصلة من هذا التحويل في دعم تمويل المنشآت الاستراتيجية (خاسرة كانت ام رابحة).
رابعاً- المنشآت الاستراتيجية الرابحة التي لا يمكن الاستغناء عنها ووضع خطة فعّالة لتحسين وتطوير أدائها من دراسة كيفية ترسيخ نقاط القوة وتلافي نقاط الضعف إن وجدت.
ملاحظات
كما تتضمن رؤية إصلاح القطاع العام الصناعي، التي يقترحها الاتحاد العام، للعمال ضرورة ألا تقتصر عملية الاصلاح على التشريع وعلى الاجراءات والمعايير والضوابط والآليات (الكمية البحتة) من دون التركيز على المسائل الذاتية أو النوعية التي لا تقل أهمية، حيث إن معظم مشكلات هذا القطاع هي مشكلة فاقد وهدر قبل أن تكون مشكلة خسارة تجارية وإنتاجية وربما هي قضية تقصير أو فساد إداري بيروقراطي أكثر مما هي قصور في أنظمة الإدارة وربما هي مسألة إهمال أو عدم حس بالمسؤولية وليس (أو بقدر ما هي) مسألة فشل وخلل في تحمل هذه المسؤولية، لذا فإن معالجة كل ذلك تتطلب وضع ضوابط سلوكية ومعايير نوعية تفضي في النهاية إلى تطبيق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب ومبدأ الثواب والعقاب وأخلاقيات العمل العام والشعور بالمسؤولية والحس الوطني وكل ذلك لم يرد في أي من سيناريوهات الإصلاح التي تم طرحها حتى الآن.
اقتصاد الظل
لقد كان حجم اقتصاد الظل قبل الأزمة يشكل 40% من حجم اجمالي الاقتصاد السوري حيث تضخم نتيجة الأزمة بشكل غير مسبوق ليشكل حسب التقديرات 60% بعد الدمار والتخريب الذي حل في مناطق الريف وقد ساعد في انتشاره تراخي السلطات المحلية بداعي ضرورات الواقع واضطرار آلاف العمال العاطلين عن العمل والنازحين لممارسة بعض الأنشطة
التجارية أو الحرفية المؤقتة حيث بدأ اقتصاد الظل يشكل خطراً على بنية الاقتصاد السوري وعلى النشاط الاقتصادي عموماً، كما يعد مجالاً خصباً ومناسباً لإنتاج وتداول السلع المغشوشة والتهرب من الرقابة التموينية والصحية ومن تطبيق المواصفات القياسية والتهرب من دفع الرسوم والضرائب لخزينة الدولة.
ويرى التقرير أن اقتصاد الظل له آثار سلبية في عملية التخطيط القطاعي والكلي ويصعب على الحكومة وضع الخطط اللازمة لإدارة الاقتصاد الوطني والتحكم بمؤشراته من خلال السياسات المالية والنقدية والاستثمارية والإنتاجية.
الفساد والروتين
ويرى التقرير الاقتصادي للعمال أن من أسباب نشوء واستفحال اقتصاد الظل وصعوبة معالجته الرسوم العالية لترخيص الأنشطة ومعدلات الضرائب غير المناسبة والأنظمة والتشريعات والإجراءات التي تحكم عمل الأنشطة الاقتصادية البسيطة والروتين والبيروقراطية في التعامل معها، ما يجعل عملية الترخيص والالتزام بالأنظمة مضنية ومربكة وعالية التكلفة، ويُعد الفساد لدى شرائح عريضة من الموظفين والمراقبين المسؤولين عن هذا القطاع من أهم أسباب انتشاره ويرى التقرير الحل في تسهيل عمليات الترخيص ومنح الاعفاءات والامتيازات وتخفيض تكاليف الترخيص وتقديم مساعدات مالية ميسرة من خلال وضع استراتيجية شاملة وبرنامج وطني كلي يحيط بالمسألة من كل جوانبها وأبعادها وذلك بعد إجراء الدراسات والمسوحات اللازمة لتوزع وانتشار اقتصاد الظل.