الأعداد تتزايد والمساعدات تنخفض.. هل تنفجر أزمة النزوح السوري؟

الأعداد تتزايد والمساعدات تنخفض.. هل تنفجر أزمة النزوح السوري؟

أخبار سورية

الأحد، ١ فبراير ٢٠١٥

 لا تزال أزمة النازحين السوريين في لبنان تتفاقم كل يوم، فرغم التشديد الذي فرضته الحكومة اللبنانية على الوافدين الجدد إلاّ أن معاناة نازحي الداخل لا تجد لمشاكلها حلاً يلوح في الأفق. في الوقت الذي تنخفض فيه المساعدات تدريجياً وصرخات الناس المتتالية أصبحت أصداءً في الهواء، مع انتهاء العام 2014 والذي كان العام الأصعب على النازحين، نظراً للارتفاع الهائل والمضاعف للنزوح الذي شهده هذا العام بالإضافة إلى التقلبات في الموارد والتمويل التي كانت تحصل عليه المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين السوريين في لبنان من الدول المانحة.

منذ النصف الثاني من العام المنصرم كان التأرجح واضحاً في سياسة المساعدات التي تتبعها المفوضية والمرهونة بالدرجة الأولى بموارد الدول المانحة للمفوضية. فكانت المنظمات التابعة للمفوضية تموّل على فترة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، كما عانت معظم هذه المنظمات من انقطاع تام في التمويل امتدّ على فترات خلال السنة، بالإضافة لفصل العديد من العائلات المستفيدة من القسائم الغذائية، التي شهد تمويلها من قبل برنامج الأغذية العالمي في أواخر السنة نقصاً حاداً، مما اضطر المفوضية في شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى تخفيض قيمتها من ثلاثين دولاراً للشخص الواحد إلى عشرين، ثم انقطعت في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر أياماً قبل أن يطلق برنامج الأغذية العالمي حملة تبرعات لإعادة تعبئتها و دعم النازحين بها، لحين وصولها إلى تسعة عشر دولاراً في بداية هذا العام و إلغاء عددًا جديدًا من المستفيدين.

بالإضافة إلى المفوضيّة تشكو المنظمات المحلية والدولية المتابعة لكافة ملفات النازحين، أكانت اقتصادية أم صحية أم تربوية أم اجتماعية، من نقص على جميع الأصعدة أصبح واضحًا من خلال عملها على الأرض، فهذا الأمر لم يعد يخفى على أحد خصوصاً بعدما اتجهت المفوضية مع نهاية العام الماضي إلى إيقاف العديد من المشاريع الداعمة للنازحين بسبب عدم قدرتها على الاستمرار بالدعم المالي. من ناحية أخرى استمرّت مشاريع أخرى ولكن بميزانية محدودة، و أقل من السنتين المنصرمتين. فقد وضعت خطط التمويل ونظّمت لنهاية العام 2015 وهي غير قابلة للزيادة. ومع هذا توقفت مشاريع كثيرة في حين بدأت منظمات بمشاريع جديدة لا تتطلب تمويلاً مرتفعاً أو ترتكز على العمل التطوعي وعلى الدعم النفسي الاجتماعي.

يأتي هذا النقص في التمويل في حين أن عدد النازحين السوريين يتضاعف ليس فقط في لبنان بل في البلدان المجاورة أيضاً، فقد أظهر تقرير نشرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين السوريين في السابع من الشهر الأول من هذا العام، في لبنان، أن السوريين أصبحوا للمرة الأولى، يشكلون أكبر الجماعات اللاجئة المشمولة في ولاية المفوضية (يندرج الفلسطينيون في الشرق الأوسط تحت رعاية منظمة "الأونروا")، متجاوزين بذلك الأفغان الذين احتلوا هذه المرتبة لأكثر من ثلاثة عقود. ومع تخطي عدد اللاجئين السوريين 3 ملايين شخص حتى حزيران/يونيو من العام 2014، باتوا يشكلون الآن 23 في المئة من مجموع اللاجئين الذين تساعدهم المفوضية عالمياً. كما أجرى التقرير مقارنة تبيّن عدد اللاجئين بحجم سكان البلدان، ووضع مساهمات البلدان المضيفة في سياقها، فاعتبر أن لبنان والأردن يستضيفان نسبةً إلى عدد سكانهما، العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، مما يشكّل ضغطاً أكبر.

إذاً فإن المجتمع الدولي بات عاجزاً عن العثور على حلول سياسية للصراعات القائمة وعن تجنب نشوب صراعات جديدة، وطالما أنّ هذا الوضع قائماً، سنبقى مضطرين إلى التعامل مع العواقب الإنسانية المأساوية بالإمكانيات القليلة المتاحة، وستبقى المجتمعات الفقيرة المتحمّل الأساسي للتكلفة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية لرعاية اللاجئين والنازحين، وهي الأقل قدرةً على تحمّل هذه التكلفة.

وتبقى التساؤلات المطروحة عن كيفية تأثير الفقر المدقع الذي يعيشه النازحون السوريون في البلدان المجاورة، والتي تتحمل العبء الأكبر من الأزمة اليوم... فما هي الحلول التي يمكن أن تقدّم لإشباع حاجات اللاجئين؟ وهم اليوم أمام أمرين، الأول استسلامهم للعوز والجوع وبالتالي الوقوع ضحية للمجاعات والحرمان، و الثاني هو اللجوء للعنف والجرائم و السرقة! وتطرح تساؤلات كثيرة هنا، أهمها هل تعلم الدول المانحة مخاطر توقيف الدعم الاقتصادي والاجتماعي عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبالتالي عن اللاجئين؟ و إن كانت على علم، هل هناك مخطط من هذه الدول لتصعيد التوتر و تفجير الوضع في المنطقة ودفعها نحو المزيد من الحروب والقتل والدّم والإجرام؟