هرباً من الفراغ المقاهي.. دردشات شبابية عابرة للمجهول، وجلسات تجتمع فيها الهموم والآمال

هرباً من الفراغ المقاهي.. دردشات شبابية عابرة للمجهول، وجلسات تجتمع فيها الهموم والآمال

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

لم يكن في يومياته ما يعمله سوى الانطلاق الى المقهى، الذي اصبح ملجأه الوحيد للهروب من واقعه، فهناك يمتلك ادواته لينسج واقعا يجسد احلامه وطموحاته، ويبني جسور تواصله مع عالمه الافتراضي، فالشاب محمود العلي 18 سنة لم تسمح له الظروف متابعة دراسته، يسجل حضورا يوميا في المقهى، ليدخن الأركيلة ويستخدم شبكة الانترنت كيفما شاء دون ادنى رقابة، كما انه يكوّن صداقات و يخوض نقاشات وحوارات عديدة مع مرتادي المقهى، فينخرط في عالم خاص يحمل تناقضات كثيرة وعديدة.. فما هي مخاطر تلك الاماكن، واسباب انتشارها في مجتمعاتنا؟ حاولنا التعرف على اسباب هذه الظاهرة، وكشف ايجابياتها وسلبياتها على حياة الشباب وسلوكياتهم؟.
بداية القصة
تشير الدراسات الى اول سلسلة للمقاهي، والتي افتتحت في عام 1995 في بريطانيا، ثم اخذت تنتشر في الدول العربية، مع شيوع الانترنت فيها، واستثمار التجار لفضول الشباب وتعلقهم بالتكنولوجيا المتطورة، لزيادة ارباحهم من خلال المزاوجة بين خدمات المقهى وخدمة الانترنت، فكانت نسبة مرتاديها تقارب80 % من الشباب، واهم اسبابها البحث والمعرفة والاطلاع على الثقافات الاخرى، ثم مواقع الدردشة التي سجلت اعلى نسبة من استخدامات الشباب.. ولم تقتصر على فئة عمرية معينة بل شملت من سن 14 الى 50 سنة.

وسائل تسلية
ان اوقات الفراغ الطويلة لدى الشباب تدفعهم بشكل او بآخر الى البحث عن وسائل لتمضية اوقاتهم وتسليتهم ، فالشاب احمد الحجلي يرتاد المقهى يوميا لتمضية اوقات الفراغ الطويلة وكسر الملل اليومي، حيث يذهب إلى المقهى لمدة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا، لرؤية أصدقائه وتبادل الأحاديث والأخبار معهم، والدخول الى الانترنت لإجراء محادثات مع اصدقاء له خارج البلد، كما انه يستمتع بالجلوس بالمقهى “حسب تعبيره” كونه ليس لديه عمل يقوم به في المساء.

للبطالة دورها
ولكن تواجد الشباب في المقاهي لا يقتصر على المساء فقط، بل تلاحظ وجود اعداد كبيرة في الصباح ايضا، مما يؤكد انهم عاطلون عن العمل، وحسب قول الشاب مهند حفيظ، الذي تخرج في كلية الاداب منذ ثلاث سنوات ولم يحظ بفرصة عمل إلى الآن، إن بعض الشباب يبحثون عبر الانترنت عن فرص عمل، وخاصة الذين ضاقت بهم الحياة ولم يجدوا فرصة للعمل بعد معاناة وتعب من الدراسة لمدة اربع سنوات، حيث يوجد العديد من المواقع التي تعلن عن فرص عمل ويمكن الاستفادة منها، الا انه اكد ان الفرصة الحقيقية هي في مسابقات جدية للتوظيف في قطاعات الدولة، فهي ضمان لمستقبلهم.

تناسب الجميع
أما اكرم سليم، وهو طالب في كلية الحقوق في جامعة دمشق، فيقول انه اعتاد ارتياد المقاهي بشكل يومي، والجلوس في المقاهي افضل من أي مكان آخر، كما ان المقاهي تناسب الشريحة محدودة الدخل، وخاصة من ليس لديهم عمل ويعتمدون على اهلهم في مصروفهم الشخصي، فلا يوجد مكان يذهبون إليه سوى المقاهي “على حد تعبيره”، فهي تقدم متطلبات الترفيه والتسلية بأسعار مناسبة.

مخاطر المقاهي
ظاهرة ارتياد الشباب لمقاهي هي ظاهرة منتشرة كثيراً، وذلك تبعاً للتطور التكنولوجي ، مما يؤثر على حياة الشباب الدراسية والاجتماعية والنفسية، وبحسب رأي الاستاذة خيرية احمد ماجستير علم اجتماع ، ان لها ايجابيات كثيرة منها التعلم والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في المعرفة وزيادة الخبرات، الا انها تحمل مخاطر عديدة، فالمقاهي تشكل خليطاً يحرف الشباب الى سلوكيات خاطئة وسلبية، وتبعده عن اسرته ومسؤولياته تجاهها، كما تؤدي الى تشتت افكاره واللجوء الى اساليب غير صحيحة للكشف عن المعلومات الناقصة والخاطئة التي يناقشها مع رفاقه، فقد تكون مواضيع لا تتناسب مع عمر وبيئة الشاب، وبالتالي تؤدي الى عدم التوازن النفسي والانحراف، ويمكن ان يصاب باضطرابات الصدمة فتؤثر على مستقبله، كما ان المقهى فرصة للدخول الى مواقع مشبوهة او اباحية دون رقابة اسرية، وهي ظاهرة تعد خطيرة بالنسبة للصغار، وحتى الشباب غير الواعي، اذا ما استخدمت الاستخدام غير الصحيح.
أخيراً.. يجب على شبابنا ان يكونوا اكثر وعياً لهذا الامر، كما انها تعد ظاهرة غير سيئة لو استغلت الاستغلال الامثل، كما يجب فرض رقابة على هذه الاماكن، وتوعية الشباب لكي يتجنبوا الوقوع في الخطأ، واستغلال أوقات فراغهم بأمور تنفعهم، وترك مواقع الدردشة وغيرها من الأمور غير الأخلاقية.