تعاون أمني بين دمشق وواشنطن عبر بغداد

تعاون أمني بين دمشق وواشنطن عبر بغداد

أخبار سورية

الخميس، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤

ذكر «معهد ستراتفور» الأميركي، المعروف بقربه من الاستخبارات الأميركية، أمس، أن السلطات السورية تقدم الكثير من المعلومات الاستخبارية، عبر الحكومة العراقية، إلى الولايات المتحدة، حول مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـــ «داعش» و»مجموعة خراسان»، التابعة لتنظيم «القاعدة».
في هذا الوقت، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستواصل دعم دمشق لمواجهة الإرهاب. لكن يبدو أن فكرة موسكو جمع وفد من السلطة السورية والمعارضة قد استبعدت في الوقت الراهن، حيث أعلن لافروف أن «جمع السلطة السورية والمعارضة أمر صعب، ويحتاج إلى المزيد من الوقت»، مشددا على ضرورة أن تشمل أي محادثات «مجموعة واسعة من القوى السياسية والاجتماعية»، فيما أشار المعلم إلى أنهما اتفقا على «مواصلة التشاور من اجل وضع رؤية مشتركة تؤدي إلى حل سياسي في سوريا».
وذكر معهد «ستراتفور»، في تقرير، انه «على الرغم من أن عددا من اللاعبين، بينهم تركيا والمجموعات السورية المتمردة ودول الخليج، تفضل أن توسع الولايات المتحدة مهمتها ضد الدولة الإسلامية لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فان الإدارة الأميركية تتقي مثل هذا الخطر وتتمسك بمهمتها الرئيسية باستهداف المجموعة المسلحة، وفي الوقت ذاته الاحتفاظ بعلاقتها مع إيران. لقد قرأت الحكومة السورية الأولويات الأميركية في هذا الصراع بشكل صحيح، وهي تتحين الفرصة من اجل التقارب أكثر مع الولايات المتحدة، من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية».
وأشار المعهد إلى انه تلقى معلومات عن «تقارير استخبارية سورية ضخمة تصل إلى واشنطن عبر الحكومة العراقية. ويعتقد أن السوريين يقدمون إلى الأميركيين معلومات حول مخازن سلاح الدولة الإسلامية، ومراكز التدريب ومقار القيادة في محافظات حلب ودير الزور والرقة. كما أن الاستخبارات السورية تقدم معلومات حول مجموعة خراسان، التي استهدفتها الغارات الجوية الأميركية. وتعتبر المجموعة فرعاً من تنظيم القاعدة، وحليفاً رئيسياً لجبهة النصرة».
وتابع «الامر البارز أن المسؤولين العراقيين يحاولون إقناع الولايات المتحدة بالمشاركة في لقاءات استخبارية، تتضمن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية والعراقية والسورية، وهو اقتراح رفضته الولايات المتحدة حتى الآن. إن إيران وحلفاءها في بغداد ودمشق قد يستفيدون من زيادة الإدراك في المنطقة أن الولايات المتحدة لم تعد مرتبطة بالشركاء العرب التقليديين وأن ورقة إطاحة الأسد بالقوة لم تعد مطروحة».
وأشار المعهد الاميركي إلى أنه «يمكن لبغداد أن تلعب دورا مسهلا بسبب علاقاتها بإيران والولايات المتحدة، كما أنها مهددة من قبل الدولة الإسلامية. لكن الإدارة الأميركية ستبقى على مسافة من الموضوع وتدير مثل هذا التنسيق الاستخباري بهدوء. إن الولايات المتحدة تقوم أيضا بتوظيف قدراتها في جمع المعلومات الاستخبارية لمراقبة الدولة الإسلامية والتحقق من أي معلومة تتلقاها من مصادر بديلة. وجيوسياسيا، فانه من المفضل أن تستخدم الولايات المتحدة علاقاتها لتركيز مهمتها وتوازن بين عدد من اللاعبين في الشرق الأوسط، بالرغم من أن التعاون العلني مع نظام الأسد يمكن اعتباره عنصر تفجير سياسياً بالنسبة إلى الإدارة الأميركية».
المعلم في موسكو
واستقبل بوتين، للمرة الأولى، المعلم والوفد المرافق، في سوتشي، حيث «بحثا العلاقات الروسية - السورية» بحسب بيان للكرملين. وقال مسؤول سوري رفيع المستوى إن «استقبال بوتين للوفد فور وصوله يدل على الأهمية التي يوليها لهذه الزيارة، لأن الاجتماعات في موسكو تعقد في العادة مع لافروف»، الذي شارك في الاجتماع أيضاً.
وذكرت وكالات أنباء روسية انه قد يتم التطرق، خلال زيارة المعلم إلى سوتشي والتي تختتم اليوم، إلى طلب دمشق بتسريع شحن الصواريخ الروسية المضادة للطائرات من طراز «أس 300».
وقال المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف، إن اللقاء مع بوتين «كان بناءً جداً»، مضيفاً أن الرئيس الروسي «أكد تصميم روسيا على تطوير العلاقات مع الرئيس بشار الأسد من اجل الانتصار على الإرهاب وتقوية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين».
وأضاف إن «المباحثات تناولت الوضع في المنطقة، وما جرى في سوريا من تآمر، لم يعد خافياً على أحد، من قبل السعودية وقطر وتركيا وغيرها»، موضحاً أنه «أكد للقيادة الروسية تصميم الشعب السوري والقيادة السورية على مواصلة مكافحة الإرهاب».
وأشار المعلم إلى أن «المباحثات تناولت أيضا مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، حيث كانت رؤية الجانبين متطابقة بدعم جهوده من أجل تجميد الوضع في مدينة حلب».
وأوضح أن «المباحثات ناقشت أيضا الأفكار الروسية بشأن عقد حوار سوري - سوري في موسكو». وقال «استمعت باهتمام كبير لهذه الأفكار، واتفقنا على مواصلة التشاور من اجل وضع رؤية مشتركة تؤدي إلى حل سياسي في سوريا، والذي طالما طالبنا به».
وأكد لافروف، من جهته، «وجود رؤية مشتركة لدى روسيا وسوريا حول ما يجري في المنطقة وسوريا، خاصة أن العامل الرئيسي لما يجري يتمثل بتنامي الإرهاب»، مشيرا إلى محاولات تنظيم «داعش الإرهابي إقامة خلافة بأنظمة متطرفة في سوريا والعراق، ورفعه الرايات السوداء في سماء ليبيا ولبنان ومصر أيضا».
وقال «إننا على يقين تام بأن أولوية المجتمع الدولي هي محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط، وأن روسيا ستواصل دعمها لسوريا وغيرها من البلدان التي تتعرض للتهديد الإرهابي عبر تعزيز قدراتها لتتمكن من محاربة الإرهاب»، لكنه أدان رفض واشنطن التعاون مع دمشق في محاربة «داعش».
وأشار لافروف إلى ضرورة تهيئة الظروف لاستئناف عملية التسوية السلمية في سوريا بموازاة مكافحة الإرهاب. وقال إن «موسكو ودمشق تدعمان مبادرة دي ميستورا بالتقدم التدريجي نحو تسوية الأزمة عبر تجميد القتال في مناطق منفردة من البلاد»، مضيفا أن «دي ميستورا اقترح إطلاق عملية المصالحات المحلية من مدينة حلب». وتابع «إنني واثق بأن النجاح في هذا المسار سيسمح بمنع وقوع مزيد من الضحايا وإعادة آلاف المدنيين إلى حياة طبيعية».
ورفض الوزير الروسي «فكرة تنظيم مؤتمر دولي واسع النطاق بشأن التسوية في سوريا على نمط مؤتمرات جنيف». وقال «إذا كنتم تعولون على إعلان مؤتمر آخر مثل ذلك الذي عقد في مدينة مونترو (السويسرية) في كانون الثاني الماضي، بمشاركة 50 دولة وآلاف الصحافيين والتلفزة، فإن مثل هذا المؤتمر لن يعقد».
وأشار إلى أن موسكو «تعمل باستمرار مع الحكومة السورية والمعارضة على السواء من أجل إيصالهما إلى إدراك مصالح بلدهما وشعبهما»، لكنه أوضح أن «جمعهما أمر صعب، ويحتاج إلى المزيد من الوقت»، مشددا على ضرورة أن تشمل أي محادثات «مجموعة واسعة من القوى السياسية والاجتماعية».
الى ذلك، شدد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند، في باريس، على ضرورة «التوصل إلى حل سياسي» في سوريا، حتى «لو كنا مضطرين في البداية إلى مكافحة إرهاب داعش».