المعلم من بيروت إلى سوتشي: أسئلة سورية وأفكار روسية

المعلم من بيروت إلى سوتشي: أسئلة سورية وأفكار روسية

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤

كشفت موسكو، أمس، عن وجهة المباحثات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السوري وليد المعلم، في سوتشي اليوم، التي ستتطرق إلى إمكانية عقد اجتماع بين الحكومة والمعارضة السورية، فيما واصلت باريس وأنقرة التصويب على مدينة حلب التي كان الجيش السوري يتقدم فيها، محكماً السيطرة على منطقتي المناشر والمقلع والتلال المحيطة بمنطقة العويجة.
وتوجه المعلم فجر اليوم الى روسيا عبر مطار بيروت الدولي، على رأس وفد سوري يضم المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان، ونائبه فيصل المقداد. وكان المعلم وصل مساء أمس الى بيروت آتيا من دمشق، حيث اقام السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي مأدبة عشاء على شرفه والوفد المرافق في مقر السفارة السورية في اليرزة، بحضور رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، ووزير التربية الياس بو صعب، والنائب طلال ارسلان، ورئيس «الحزب السوري القومي» النائب اسعد حردان، والأمين العام للمجلس الاعلى اللبناني ــ السوري نصري خوري.
وبحسب المشاركين في اللقاء، فإن الوفد السوري لا يحمل الى الجانب الروسي أفكاراً محددة، بل أسئلة يمكن أن تشكل ركيزة للتشاور بين الجانبين، وبينها سؤال الجهة السورية المعارضة القادرة على «المونة» على الأرض، فضلا عن مدى ملاءمة المناخ الدولي للتجاوب مع أية مبادرة يمكن أن يطلقها الروس في هذه المرحلة؟
وعشية زيارة المعلم إلى سوتشي حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ايضاً، ذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن لافروف والمعلم سيبحثان آفاق تسوية النزاع في سوريا، مشيرة إلى أن المباحثات «ستتركز على تصاعد الخطر الإرهابي في سوريا، وضرورة العودة إلى أطر مجلس الأمن لمعالجته على أساس احترام مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».
وشدد البيان على «أهمية أفكار طرحها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بشأن تحقيق مصالحات محلية، والتحرك قدما لتحقيق تسوية شاملة». وأعرب عن «استعداد روسيا لتوفير الأجواء لإجراء مباحثات في موسكو بين الحكومة والمعارضة السوريتين، بهدف الانتقال إلى حوار شامل وانجاز مهام التسوية».
ونقلت وكالة «الأناضول» عن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش قوله، خلال ورشة عمل حول اللاجئين في شانلي اورفة جنوب البلاد، «في حال استمرار الأزمة في سوريا على ما هي عليه، فإننا مع الأسف سنشهد موجات لجوء جديدة باتت على الأبواب، وتغير الأوضاع في حلب سيخلق موجة نزوح ستطال تركيا بالدرجة الأولى ودول المنطقة».
وأضاف إن «المجتمع الدولي مع الأسف، فشل في منع الحرب، والحد من عواقبها، ومع الأسف فإن من لا يمتلكون خريطة طريق لكيفية إنهاء الحرب في سوريا لا يبدو أن لديهم منظور حول إيجاد طريقة لاستيعاب موجات النزوح التي ظهرت، مثلما لم يتمكنوا من إنهاء القتال في سوريا».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في مقابلة مع إذاعة «فرانس انتر»، «إننا نعمل مع دي ميستورا لمحاولة إنقاذ حلب، ومن جهة أخرى لإقامة ما يعرف بالمناطق الآمنة، وهي مناطق أمنية لا يمكن فيها لطائرات (الرئيس السوري) بشار الأسد ولعناصر داعش ملاحقة السوريين» فيها.
وأضاف فابيوس، الذي التقى رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض هادي البحرة في باريس، «إننا بصدد العمل على ذلك. ينبغي إقناع العديدين، الأميركيين بالطبع وغيرهم، لكنه موقف الديبلوماسية الفرنسية، واكرر أن الهدف الآن هو إنقاذ حلب».
وقال فابيوس، ردا على الانتقادات التي تأخذ على الضربات الجوية الغربية إنها لا تستهدف سوى «داعش»، «نقول إن لدينا خصمين، داعش بالتأكيد والقاعدة، والسيد بشار الأسد الذي يمكنني القول إنه يغتنم الوضع لتحريك قواته». وأضاف «نقول إنه ينبغي أن تكون هناك ضربات نطلق عليها اسم الضربات الملتبسة، والتي تسمح بدفع بشار الأسد إلى التراجع وإيجاد مناطق آمنة في شمال سوريا يمكن للمواطنين السوريين العيش فيها بسلام».
وتابع «سبق وقلت قبل بضعة أسابيع، في الصحافة الفرنسية والدولية، إنه يجب إنقاذ حلب، لأنني كنت أتحدث منذ ذلك الحين انه بعد كوباني (عين العرب) حيث تم وقف تقدم داعش، سيكون الهدف المقبل لداعش وبشار الأسد هو حلب. غير أن التخلي عن حلب سيعني الحكم على سوريا وجيرانها بسنوات، واكرر سنوات، من الفوضى مع ما يترتب عن ذلك من عواقب بشرية فظيعة».
ميدانيا، ذكرت وكالة الأنباء السورية - «سانا» أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة حققت أمس (الأول) تقدما جديدا على محور حلب الشمالي الشرقي، وسيطرت على عدة نقاط إستراتيجية متابعة تقدمها لإكمال الطوق على مواقع الإرهابيين، وقطع أهم طرق إمدادهم من الجانب التركي».
ونقلت عن مصدر عسكري أن «وحدة من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي أحكمت سيطرتها على منطقتي المناشر والمقلع والتلال المحيطة بمنطقة العويجة في حلب، وكبّدت الإرهابيين خسائر فادحة في الأفراد والعتاد». وأضاف «أكملت وحدات الجيش سيطرتها على هذه المناطق بعد السيطرة على منطقة السكن الشبابي، وقطع طريق إمداد الإرهابيين بين الجندول والعويجة المحاذية لمستشفى الكندي، لتكمل بذلك طوقها على المناطق القريبة، وتفرض سيطرتها النارية على طرق إمداد التنظيمات الإرهابية عبر الأراضي التركية إلى الريف الشمالي».
وفي ريف درعا، ذكرت «سانا» إن القوات السورية أحرزت تقدما في بصرى الشام، وسيطرت على عدد من الكتل والأبنية في المدينة.
من جهة ثانية، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، أن «63 شخصا قتلوا، وأصيب العشرات، في غارات جوية سورية على المنطقة الصناعية في الرقة» التي يتخذها «داعش» معقلا له.

 المعلم: سندرس أفكار روسيا للحوار

عشاء دمشقي في السفارة السورية في اليرزة، جمع مساء أمس شخصيات من قوى 8 آذار في حضور رئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم الذي أكّد ان بلاده تدرس الأفكار الروسية للحوار، كما أنها لن تؤخذ لا بالترهيب ولا بالترغيب الى حيث لا توجد مصلحة لها
ليست المرة الأولى التي ينظم فيها السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي لقاءات سياسية أو إعلامية خاصة في مقر السفارة، لمناسبة وجود شخصيات سياسية سورية رسمية في لبنان، بعد أن أصبحت بيروت بالنسبة إلى هذه الشخصيات محطة إلزامية للسفر عبر مطارها الى الخارج، ولا سيما موسكو.
الضيف هذه المرة كان رأس الديبلوماسية السورية الوزير وليد المعلم، يرافقه نائبه فيصل المقداد، والمستشارة السياسية والاعلامية للرئيس الاسد بثينة شعبان، ومعاون الوزير المعلم أيمن سوسان، ومستشاره أحمد عرنوس، وهم وصلوا مساء أمس الى بيروت في طريقهم للسفر الى موسكو، في زيارة رسمية سيتخللها لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات رسمية أخرى.
في اليرزة حيث تقع السفارة السورية، كانت زحمة مواكب لسياسيين لبنانيين، تمت دعوتهم الى عشاء مع الوفد الديبلوماسي الرفيع، وشملت لائحة المدعوين كلاً من: المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، المعاون السياسي للرئيس بري علي حسن خليل، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الوزير الياس بو صعب ممثلاً العماد ميشال عون، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان والامين العام للمجلس الاعلى السوري اللبناني نصري خوري، وقد تغيب الوزير السابق عبد الرحيم مراد لوجوده خارج البلاد.
ساعتان على مائدة عامرة بالمأكولات الدمشقية، أمضاهما الوزير المعلم وفريقه مع الضيوف الذين أكثروا من الحديث في الشؤون اللبنانية الحكومية والنيابية والرئاسية، وصولاً الى قوانين الانتخاب وأحجام الدوائر الانتخابية، حيث استمع الوفد السوري الى زحمة النقاشات اللبنانية باهتمام، من دون إغفال اطمئنان الضيوف على صحة المعلم الذي زار بيروت قبل مدة لمعالجته من انتكاسة صحية.
حول زيارته لموسكو، قال المعلم إنه سيطرح أفكاراً سورية للحل على الجانب الروسي، متجنّباً الخوض في تفاصيلها، كذلك سيستوضح أكثر عن المبادرة الروسية المتعلقة بتنظيم حوار بين الحكومة ومجموعة من المعارضين السوريين، وسيحرص على نقل وجهة نظر الرئيس الاسد لبوتين.
ولا يخفي المعلم عدم تفاؤله بهذه المبادرة، منطلقاً من كون الشخصيات التي تواصلت معها موسكو، ومن بينها أحمد معاذ الخطيب، لا تمون على الارض؛ فالأخير كان إماماً لمسجد في دمشق، ولا يعقل أن يفاوض النظام أي شخصية تطلق على نفسها لقب شخصية معارضة. لكن القراءة السورية للتحرك الروسي تفيد بأنها محاولة لفرض معادلة جديدة قد تساهم من جهة نظر الروس في إحداث تبدل ولو طفيف في المشهد السياسي الدولي.
نقطة أخرى طرحت خلال العشاء، وهي مبادرة الديبلوماسي الايطالي ستيفان دي ميستورا، الذي عيّنه الامين العام للامم المتحدة مبعوثاً خاصاً الى سوريا خلفاً للإبراهيمي منذ العاشر من تموز الماضي. وبحسب ما نقل عن الوزير المعلم، فإن سوريا «لا تمانع هذه المبادرة، ولكن من يمون على أكثر من 19 تنظيماً مسلحاً شرقي حلب؟ وما هي الاهداف الحقيقية لهذه المبادرة في ظل التقدم النوعي الذي حققه الجيش السوري هناك؟ وهل المطلوب تقديم تنازلات مجانية، وخدمة لمن؟»، كلها أسئلة يؤكد الوزير المعلم «أن دمشق واعية لها جيداً، ولن تؤخذ لا بالترهيب ولا بالترغيب الى حيث لا توجد مصلحة لسوريا».