الكيماوي: المحاولة الأخيرة لإنقاذ جوبر ومحيطها

الكيماوي: المحاولة الأخيرة لإنقاذ جوبر ومحيطها

أخبار سورية

السبت، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤

شكّلت جوبر محطّ رهان الغرب والتحالف المضادّ للدولة السورية، منذ اندلاع الأزمة في البلاد قبل أربع سنوات. لا شيء في البدايات كان يشي بوجود تمرّد مسلّح في جوبر المتاخمة لأحياء شرق العاصمة ورمزها ساحة العباسيين. الحياة في المدينة
جرت بشكل طبيعي، وتظاهرات المساجد أيام الجمعة في السنة الأولى من الأزمة اقتصرت على الأحياء الداخلية في جوبر القديمة. أما في المناطق الجديدة أو التوسّع الذي غلب عليه طابع الوافدين من الطبقة الوسطى الدمشقية، لم يعطِ بالاً لما يجري.
في المرحلة الثانية خرجت المظاهرات من الأحياء القديمة، وانضمّ إليها لدفعها وإعطائها الزخم، المصلّون الوافدون من زملكا ومدينة دوما عاصمة الريف. وكانت الشعارات تحثّ أبناء جوبر على الانخراط في العنف وفتح أبواب المدينة للمسلحين. وبالفعل، تحوّلت المدينة إلى معقل هام وحسّاس، وإلى رهان رئيس لواشنطن في خطتها قصف سورية وتوجيه ضربات لدمشق السنة المنصرمة، على خلفية ملف الكيماوي السوري الذي ما كان له ليظهر حينذاك لولا العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري في جوبر ومحيطها لوقف قذائف القتل المجاني على الأحياء المدنية في العاصمة، وإنهاء التواجد المسلّح في الغوطة الشرقية في آب من عام 2013.
اليوم، تعود نغمة الكيماوي وإن على استحياء، لتسيطر على بعض الخطاب الغربي تجاه سورية، عبر هجوم إعلامي منسّق مع حملةٍ سياسية في المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية على الدولة السورية، والهدف المعلن أيضاً مدينة جوبر. «فايننشال تايمز» البريطانية نشرت تقريراً بعنوان «توسيع الحرب الكيماوية»، واتهمت عبره الرئيس السوري بشار الأسد باستغلال الحرب على ما يسمى «الدولة الإسلامية»، لاستخدام «غازات سامة أو أسلحة كيماوية» في هجمات على المعارضة المسلحة وفقاً لمعارضين سوريين. وتحدّثت الصحيفة عن هجوم وقع الشهر الماضي في حي جوبر في العاصمة السورية دمشق، قيل «إنه أسفر عن مقتل شخصين وأصيب فيه ستة آخرون». فما الهدف من إثارة هذا الموضوع في هذا التوقيت بالذات؟
في مقال سابق بعنوان «جوبر بين صيفين» تحدثنا عن اختلاف موازين القوى بين آب الماضي وآب المنصرم، الذي أدّى بدوره إلى اختلاف ردود الفعل الغربية في مقاربة الهجوم على جوبر. فهل تغيّر شيء ما، يدحض ما سبق؟
الواضح من إثارة الملف الكيماوي أنّ للعملية أهدافاً تستخدم جوبر كغطاء ليس إلا، ولا يعتقد أنها موجّهة لوقف الهجوم على الغوطة الشرقية كما حصل في آب من عام 2013, وهذه الأهداف هي:
الضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما في معركة النقاط قبل أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، لإثبات فشل استراتيجيته الخاصة بسورية، خصوصاً أن أصوات السياسيين الأميركيين المعارضين لأوباما لا تزال تصرّ على أن الخطأ الأميركي بدأ منذ رفض تسليح «المعارضة السورية» بأسلحة نوعية، والتراجع عن التدخل العسكري في سورية على خلفية استخدام الكيماوي في الغوطة عام 2013.
تعويم الملف الكيماوي يهدف بدوره إلى الضغط على موسكو لتقديم تنازلات سياسية في الملف السوري وملف الحرب الأميركية على «داعش». وفي هذا السياق لفتت «فايننشال تايمز» إلى أن «أي استخدام محتمل من جانب الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية سيكون مخالفاً لاتفاق وقع عام 2013 بوساطة روسية يلزم دمشق بالتخلص من ترسانتها من الأسلحة الكيماوية».
تطوير العملية العسكرية الأميركية في سورية والعراق، والدفع بقوّات برّية على الأرض السورية، وهو ما تعارضه إدارة أوباما حتى اللحظة.
تقديم الغطاء السياسي غير المباشر لبعض فصائل الميليشيات المتطرّفة لاستخدام الأسلحة المحظورة على بعض الجبهات، خصوصاً في محيط مدينة دمشق على اعتبارها الحل الأخير لمواجهة تقدم الجيش السوري لتأمين العاصمة.
من حيث الشكل، تبدو إثارة ملف السلاح الكيماوي السوري مشابهة لما جرى السنة الماضية في الغوطة الشرقية، وتجاوز خطوط إدارة أوباما الحمراء، لكن من حيث الأثر والمضمون، فمن غير المرجّح أن تؤدّي إلى تداعيات ملموسة على الأرض كالتي شهدناها السنة المنصرمة. فجوبر حُسِم أمرها وصارت الأنظار موجهة إلى دوما.

عامر نعيم الياس