معارك الأرياف السورية: أحجار «الدومينو» تتساقط أمام الجيش

معارك الأرياف السورية: أحجار «الدومينو» تتساقط أمام الجيش

أخبار سورية

السبت، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤

ثلاثة أرياف متتالية في وسط سوريا، تشمل ريف حمص وحماه وإدلب، تشكل معاً خطاً واحداً من سير المعارك لا يمكن فصله وتجزئته، فهو خط متواصل جغرافياً واجتماعياً وثقافياً وعسكرياً، فالقرى والبلدات هي كأحجار «الدومينو» إن كانت بداية حجرتها الأولى في ريف حمص، فهذا لا يمنع أن تكون نهايتها على أحد حجارة قلعة حلب.
بعد إعلان سيطرة الجيش السوري على بلدة مورك في ريف حماه الشمالي، تكون الجغرافيا الميدانية قد شكلت العديد من المعطيات الجديدة، فالسيطرة على ريف حماه يشكل حاجزا يقطع طريق الإمداد بين إدلب وحمص، وبالتالي فهو يمنع وصول الإمدادات من الجهة الشمالية لمناطق الرستن وتلبيسة والحولة في ريف حمص الشمالي، ويدفعها إما إلى الحصار أو المصالحة كما جرى مع مسلحي الحميدية في حمص القديمة.
ومع تقدم الجيش السوري في منطقة ريف حمص تصبح البادية السورية من جهة شرق حمص مفتوحة أمام الوحدات العسكرية السورية، التي تشكل الامتداد الجغرافي نحو محافظة دير الزور، فتفتح خطوط الإمداد للوحدات العسكرية المتواجدة التابعة للجيش في تلك المناطق التي تشكل خطوط التماس الأولى مع مجموعات من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش».
وشكلت السيطرة على بلدات حلفايا ومورك في ريف حماه نقطة تحول في مجرى العمليات العسكرية من وسط إلى شمال سوريا، فهي منعت وصول الجماعات المسلحة، وخاصة التابعة إلى «جبهة النصرة»، إلى مدينة محردة، ذات الغالبية المسيحية، ومنها إلى مطار حماه العسكري، التي شنت مجموعات مسلحة عدة هجمات بهدف الوصول إليه. كما ستؤدي السيطرة على البلدتين لتأمين وصول وحدات من الجيش السوري إلى معسكري وادي الضيف والحامدية في ريف إدلب لفك الحصار عنهما، والتقدم نحو بلدة خان شيخون والسيطرة عليها.
وكانت خان شيخون سقطت تحت سيطرة «حركة حزم» بقيادة عبد الله عودة أبو زيد، وهو واضع الخطة العسكرية لدخول البلدة بحسب موقع الحركة، التي تشير إلى أن أهم أسباب تقدمها هو استخدامها صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدروع. وفتحت «جبهة النصرة» الطريق للدخول إلى البلدة عن طريق تنفيذ عمليات انتحارية على حاجز الخزانات الذي يضم كمية كبيرة من مواد البنزين والمازوت. ومع الوقت سيطرت «الجبهة» على خان شيخون لتتحول إلى معقلٍ لها وتعمل، كما في كل منطقة، على تصفية باقي الفصائل والجماعات المسلحة المتواجدة إلى جانبها في المدينة أو البلدة. وستصبح هذه البلدة تحت المجهر خلال الأيام المقبلة، فهي البوابة نحو السيطرة على كامل الطريق في ريف إدلب نحو معرة النعمان وكفرنبل وسراقب وأريحا وصولا إلى إدلب المدينة.
ويشير مصدر ميداني إلى الواقع العسكري إذا تمت السيطرة على المنطقة. وقال «ستصبح المنطقة الوسطى في سوريا، من إدلب حتى دمشق والسويداء، وباتجاه الغرب نحو الساحل تحت سيطرة الدولة، ما يشكل عمقاً إستراتيجياً لعمل القوات العسكرية على الجبهات الأخرى».
ويضيف أن «تأثير ما يحدث الآن مرتبط بحلب، فتقدم وحدات الجيش السوري من مناطق شمال وشرق حلب، والبدء بتشكيلها طوق محكم حول المسلحين، يلاقيه تقدم من جبهة الجنوب والغرب باتجاه قبتان الجبل واتارب والدانا في ريف حلب الغربي، أي بصورة أوضح تصبح الوحدات العسكرية بشكل مباشر على الحدود التركية التي تشكل الممر والخزان لكافة المجموعات المسلحة».
ويعتبر المصدر الميداني أن للجبهة الجنوبية صبغتها الخاصة بها، فهي ليست فقط معركة مع مجموعات مسلحة وإنما هي معركة مع العدو الصهيوني بشكل واضح ومباشر.
وفي ريف دمشق، تستمر العمليات العسكرية بالتقدم نحو عمق الغوطة، وبشكل رئيسي نحو دوما. وبعد استخدام الطيران الحربي للصواريخ المظلية خلال انطلاق عملية اقتحام جوبر منذ أكثر من شهر، بدأ سكان العاصمة يسمعون في ساعات الليل أصوات انفجارات لصواريخ تعمل على تدمير الأنفاق، أدت إلى تكسير نوافذ وأبواب في الأحياء القريبة من خطوط التماس.
ويوضح مصدر ميداني أن العملية العسكرية وصلت إلى جسر زملكا، وهو الحد الفاصل بين جوبر وزملكا، مشيرا إلى أن الوحدات تتقدم بشكل دقيق بسبب مساندة المسلحين من داخل زملكا للمسلحين في جوبر لتأخير تقدم الجيش السوري، بالإضافة إلى سيطرة الجيش على الأنفاق التي كانت تصل المنطقتين من تحت جسر زملكا.
من دوما إلى الرستن ومورك وصولا إلى خان شيخون، تتداخل المعارك مع بعضها، كما كل المعارك في كل المحافظات السورية، وهي لا تملك وجها عسكريا فقط، وإنما لها وجهها في اختلاف البنية الاجتماعية وتغيراتها الديموغرافية، ولها جدليتها في اختلاف العقلية والثقافة بين الريف والمدينة، وصولا إلى المحافظة على سيادة الدولة السورية في وجه عاصفة التقسيم والتقاسم الآتية نحو هذه البلاد.