تفاح السويداء بين عجز الجهات التسويقية وتاجر «ناطر» خلف الباب.. تكلفة الطن 40 ألف ليرة والأسعار المحددة لا تعوض الخسارة

تفاح السويداء بين عجز الجهات التسويقية وتاجر «ناطر» خلف الباب.. تكلفة الطن 40 ألف ليرة والأسعار المحددة لا تعوض الخسارة

أخبار سورية

الجمعة، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤

الموسم الاستراتيجي للمحافظة وإنتاجه المتوقع حوالي 50 ألف طن من التفاح لم يشفع لمنتجي هذه المادة عند الجهات المعنية لتخرج هؤلاء المزارعين من متاهة تصريف منتجهم بداية كل موسم، فالمزارعون ما زالوا حائرين وتائهين بين دائرة حكومية عاجزة تماماً عن استجرار كامل الإنتاج وتجار جشعين، مع العلم بأن زراعة التفاح تحتل المرتبة الأولى بين الزراعات إذ تبلغ المساحة المزروعة بالتفاح في محافظة السويداء حوالي 14 ألف هكتار.

مزارعو التفاح يستغيثون
عجز الجهات التسويقية بدءاً من دائرة الخزن والتسويق وانتهاء بحاضن الزراعة والمزارعين، وزارة الزراعة، عن استجرار كامل منتج المحافظة من التفاح إضافة إلى عدم وجود باب تسويقي دائم لإنتاج المزارعين سواء التفاح أو العنب دفع بالمزارعين للوقوع في شباك المبتزين والمستغلين من التجار المصطادين بالماء العكر. وذلك من خلال قيامهم بفرض تسعيرة تناسبهم وليس المزارع ولاسيما أن تسعيرة اللجنة الزراعية الفرعية التي مهرت بموافقة المعنيين بالشأن الزراعي غير ملزمة للتاجر، فمثلاً قامت اللجنة الزراعية الفرعية في المحافظة بتسعير التفاح على النحو الآتي: الأحمر للنوع الممتاز 95 ليرة والأول 90 ليرة، والثاني 75 والثالث 60 وللصنف الأبيض 90 ليرة للممتاز و85 للأول و70 للثاني و55 للثالث وللصنف الموشح 75 ليرة للأول و65 ليرة للثاني و55 ليرة للثالث.
طبعاً القارئ لهذه التسعيرة يشعر بأنها منصفة، كما يقول بعض المزارعين، ولكن السؤال الملقى لدى هذه اللجنة، ما فائدتها إن كانت لا تصب في خدمة المزارع ما دام التاجر سيقوم بفرض التسعيرة التي يريدها إضافة إلى ذلك وحسبما ذكر لنا بعض المزارعين ومنهم رئيس جمعية عرمان الفلاحية أن تكلفة الطن الواحد من التفاح تصل إلى أكثر من 40 ألف ليرة ولاسيما في ظل ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية وأجور اليد العاملة، فمثلاً المرش الواحد سعة 1000 ليتر تصل تكلفته إلى 11 ألف ليرة، وبما أن الموسم يحتاج أربع رشات سنوياً أي ما يقارب 44 ألف ليرة سورية كأجور رش، فإن مبيع التفاح بالسعر المحدد من قبل اللجنة الزراعية أو مبيعه بالسعر الذي يضعه التاجر يعني خسارة بامتياز مع العلم بأن التفاح يعد المصدر الرئيس لكثير من المزارعين وباب رزقهم الوحيد، مضيفاً أن شجرة التفاح تعد بمنزلة السند المعيشي للفلاح، وهنا يتساءل المزارعون: لماذا قامت هذه الجهات في الموسم الحالي بقطع حبل التسويق في منتصف الطريق وأبقت الفلاح لقمة سائغة بيد هؤلاء الراكضين وراء الربح السريع.
ويتابع المزارعون في شكواهم: إن المنتج ما زال مجهول المصير حتى الآن ولاسيما أن التجار لم يصولوا أو يجولوا بين البساتين هذا الموسم كالعادة ما أثار حفيظة المزارعين الذين باتوا كالنواطير لبساتينهم بانتظار الراغب بموسمهم، إضافة إلى حجز برادات التبريد من التجار لقطع الطريق على الفلاح بإيجاد مخرج لموسمه وتبريد تفاحه بشكل فردي ولكن مع الوقت وبحسب رأي أحد المزارعين أن التاجر سيضطر لشراء التفاح من الفلاح في حال انتظر الفلاح حتى نهاية الموسم وأحجم عن البيع حالياً ناصحاً الفلاح بالانتظار وعدم الرضوخ للابتزاز الذي يفرضه المتسوقون من التجار.
ارتفاع تكاليف الإنتاج
ويضيف الفلاحون مما لا شك فيه أن ارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج من فلاحة وعزاقة وتقليم وثمن أدوية زراعية وعدم فعاليتها ويد عاملة ونقص في الماء والوقود وعدم التناسب بين سعر التكلفة وسعر التفاح الذي يضعه التاجر جعل الموسم خاسراً، فأكثر من نصف الإنتاج يذهب ثمنه لسداد ما يترتب على الفلاح من تكلفة وأجور.
وغياب دور الجهات المسؤولة عن انخفاض أسعار التفاح ساهم في الخسارة ولاسيما بعد دخول تفاح حمص إلى برادات السويداء.
ومن جهة ثانية رأى أحد التجار أن عزوف التجار عن شراء التفاح من المزارعين مرده إلى عدم تخديم برادات المحافظة المخصصة للتفاح بمولدات كهربائية، إضافة إلى أنه في حال توافر المولدة فلا يتوافر المازوت لذلك ما زال متريثاً بشراء المنتج عدا عن ذلك فإن توريد المنتج للخارج مكلف ونقله إلى دمشق كذلك مكلف نتيجة طمع أصحاب السيارات الشاحنة وزيادة الأجور.
خطة الدائرة غير كافية
حسب كمية الإنتاج المتوقعة لهذا الموسم فإن خطة دائرة التسويق لا تشمل استجرار سوى الجزء البسيط من الموسم، فحسبما ذكر فادي مسعود- رئيس دائرة الخزن والتسويق في السويداء، إن خطة الدائرة لهذا العام هي استجرار 1325 طناً من التفاح، وأن خطة استجرارها تنطوي على استجرار 50% من النوع الأول، و20% للنوع الثاني، و30% للنوع الثالث، والنقطة الأهم أن خطة الدائرة تحتاج حوالي 80 ألف صندوق بلاستيكي، بينما المتوافر منها حوالي 50 ألف صندوق.
بدورنا نتساءل: أما آن للدائرة إيجاد حل لمشكلة الصناديق، علماً بأنها مشكلة متكررة تعانيها عند كل موسم؟ فلماذا لم يتم تلافي هذه المشكلة مادام هناك موسم وخطة تسويق قبل بداية الموسم بدلاً من (الدق والنق) وقت لا ينفع الكلام.
 بينما ترى غرفتا التجارة والصناعة أن الحل لتصريف الموسم يكون بفتح خط تصدير ودعم الفلاح باستيعاب كامل الموسم من الجهات الحكومية والإسراع بإحداث سوق الهال الذي سيحل الكثير من المعوقات التسويقية.
على الورق فقط..!
كانت مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في السويداء قد وضعت ومنذ حوالي العامين العديد من الحلول والمقترحات بين أيدي المعنيين لتذليل عمليات التسويق والبحث عن منافذ جديدة للإنتاج الفائض، ومن هذه المقترحات إقامة أسواق نظامية مستوفية لشروط إقامة السوق كسوق الهال، إضافة إلى أسواق شعبية ووضع آليات للتدخل في أوقات الذروة في الإنتاج تتضمن استجرار الفائض من قبل جهات حكومية ومنظمات شعبية وقطاع خاص بهدف التخزين أو التصنيع أو التصدير، إضافة إلى توفير أجهزة ومعدات ولوحات ميدانية لقياس الرطوبة ودرجة الحلاوة والحموضة واللون والآثار المتبقية، وتكليف جهات رسمية بالعمل الميداني عليها حماية للمستهلك، وإحداث خط فرز آلي يتبع لدائرة الخزن والتسويق في السويداء، وتحسين آلية التبريد القائمة لوحدات التبريد العائدة للدائرة والاهتمام بعمليات التعبئة والتغليف وضرورة تأمين العبوات اللازمة ووسائط النقل الكافية والعمال وإعطاء سلفة للمنتج عند التعاقد أو الاستلام.
وكذلك التأكيد على أهمية العمل التعاوني في تسويق المنتجات الزراعية والاهتمام بالاتحادات النوعية التسويقية.
والاهتمام بالتصنيع الزراعي للاستفادة من القيمة المضافة والمساهمة في استجرار الفائض، وتأمين التمويل اللازم الميسر والمريح للمنشآت الصناعية الزراعية، علماً بأن مديرية الزراعة وعدت آنذاك بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات بالتعاون مع الجهات المعنية.
ولكن، هل تمت المتابعة أو تم تنفيذ أي من هذه المقترحات والعمل بها؟؟
مادامت مشكلة التسويق مازالت قائمة فهذا يعني أن هذه التوصيات مجرد مقترحات نظرية تنتظر التنفيذ العملي لعلنا نضمن مواسمنا وندعم فلاحنا.