لمن الأولوية للزراعة أم للصناعة أم للسياحة ؟ ... الاقتصاد السوري أمام معضلة ضبابية المشروع والهوية والمرجعية

لمن الأولوية للزراعة أم للصناعة أم للسياحة ؟ ... الاقتصاد السوري أمام معضلة ضبابية المشروع والهوية والمرجعية

أخبار سورية

الأربعاء، ١٥ أكتوبر ٢٠١٤

غيرت الأزمة الكبيرة التي تعيشها البلاد كل الاولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية ، وكل جانب أصبح يحتاج الى مشروع وطني حقيقي تختلف محدداته جذرياً عن ما قبل الأزمة .
على أهمية ودور كل اتجاه وطني من المحددات السابقة والتي يجب أن نوفر له كل عناصر بلورة كل مشروع على حده ، سنحاول في هذه المقاربة الدخول الى الأولوية الاقتصادية التي تعتبر الرافعة الأساسية لبقية القطاعات الوطنية الأخرى .‏

غموض الرؤية‏
بداية ليس هناك أي وضوح بخصوص أولويات التنمية الاقتصادية ، وما المرجعية الاقتصادية في سورية ؟ وبالتالي ما شكل الهوية الاقتصادية الأنسب في هذه المرحلة ؟ ماذا عن القطاع العام ؟ وما الدور المرتقب للقطاع الخاص ؟ ما شكل النظام الضريبي المناسب في هذه الازمة ؟‏
أسئلة كثيرة وعريضة تدور بذهن كل سوري سواء من يعمل في سوق الخضار المركزي في دمشق وصولاً لاصحاب القرار الاقتصادي الأول في البلاد .‏
نعلم جميعا أن القرار الاقتصادي قد ألغى موقع نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ، وبالتالي أين تتوضع المرجعية الاقتصادية في السلطة التنفيذية اليوم ، هل هي في رئاسة مجلس الوزراء أم في وزارة الاقتصاد ؟ أم في وزارة المالية ؟‏

لمن السبق ؟‏
على المستوى الثاني ما أولويات العمل الاقتصادي في هذه المرحلة ، هل ستكون للاقتصاد الزراعي بكل مكوناته ، باعتباره خط الدفاع الاقتصادي الأول لتحقيق الأمن الغذائي في هذه المرحلة ، وهل سيقابله خلق محفزات حقيقية لعودة اقلاع الصناعة الوطنية ، وهل القطاع السياحي أولوية في ظل هذه الظروف ، وهل من الأجدى الالتفات إلى الصناعات التقليدية والحرفية التي يملك فيها الاقتصاد السوري ميزة نسبية مطلقة ؟ .‏

ربي كما خلقتني‏
على المستوى الثالث ماذا عن القطاع العام الاقتصادي هل ستبقى مسيرته " ربي كما خلقتني" منذ عشرات السنوات ، أم من الضرورة التفكير الجدي بإصلاحه ، ليتحول إلى رافد حقيقي إلى خزينة الدولة ، وخاصة مع الدور الرائد والوطني الذي قدمه خلال الأزمة .‏
على المستوى الثالث يبدو الواقع الضبابي للقطاع الخاص السوري الذي دمرت الأزمة أغلب بناه التحتية ، وأصبح يحتاج إلى حلول بنيوية في كل شيء ، على ذلك من الضرورة خلق آليات جديدة لدعمه باعتبارة الشريك الأساسي للدولة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتطبيقاً لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص .‏
ولايبتعد عن ذلك ضرورة إصلاح النظام الضريبي السوري الذي تعكف وزارة المالية لاخراجه ، وهي تقول إن العام 2015 سيكون عام التحصيل والاصلاح الضربيي .‏

الاقتصاد المغلق ..؟!!‏
كل ذلك يجب ان يكون الهوية المؤقتة للاقتصاد السوري وفق منطق الألويات السابقة ، لا ترك الحبل على الغارب دون تحديد خطوات المسار والحاجات الحالية .‏
وهنا لابد من الإشارة إلى أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور همام الجزائري منكب على مكتبه هذه الايام ولايضيع أي ثانية من وقته حتى للتشاور مع أي من معاونيه وحتى المديرين المركزيين في الوزارة ، وفي ذلك سيكون هناك دور واسع وكبير لوزارة الاقتصاد في المشروع الاقتصادي المرتقب ، ومن يدري قد تخرج لنا وزارة الاقتصاد ، بنظرية الاقتصاد المغلق الذي لايقبل الرأي والمشورة من أحد .‏
وأخيرا لابد من الاشارة إلى أن الحكومة قد شكلت العديد من لجان الاصلاح بعد الأزمة السوداء التي عصفت بالبلاد ، ومنها لجان للاصلاح الإداري والقضائي والإصلاح الاقتصادي بطبيعة الحال ، ولاشك أن هذه اللجان قد خرجت برؤى ومقترحات من المفيد أن نعود اليها ، لا أن نبدأ من نقطة الصفر كما هي عادتنا في كل مرة .‏