ضُربت الخِطط.. عسكر «النصرة»، تحت رنجر «حزب الله» في عسّال الورد

ضُربت الخِطط.. عسكر «النصرة»، تحت رنجر «حزب الله» في عسّال الورد

أخبار سورية

السبت، ١١ أكتوبر ٢٠١٤

تحوّلت بلدة “عسّال الورد” في القلمون بعضون أيام إلى واجهة الأحداث السورية محتلة المشهد بقوة. البلدة تحولت إلى ما يشبه ملحمة يسطّر فيها مقاومو حزب الله ملاحم بطولية في مقابل نموذج تصدير مرتزقة الكفر العابرة للحدود.
اياماً و “عسكر النصرة” يُحاول إحداث إختراق ما يُذكر على جبهة البلدة التي حرّرت قبل أشهر قليلة. كل الابواب أغلقت بوجه الجماعة، هنا، لا شيء يعلو فوق صوت المعركة، المعركة التي فرض فيها حزب الله إيقاعه العسكري. على الرغم من خسائر الحزب الكبيرة، إلى ان الجبهة لا زالت متماسكة، أيامٍ على المحاولات المتكرّرة لـ “النصرة” من السيطرة على البلدة لم تفلح، ولم تحدث اي خرق جدير بالذكر.
إمطار نقاط حزب الله الدفاعية المشرفة على البلدة كما نقاط حماية خط الإمداد من الجبة بالاضافة لنقاط اخرى مواجهة لـ “الجبهة” و “عسال الورد” وإشغال هذه النقط بضربات وكثافة نيران.. على هذا النمط العسكري الكثيف بدأ الهجوم من عدة محاور على البلدة عبر حشد المقاتلين من جرود “الجبة، فليطة”، واخرى من فلول”الطفيل وعرسال”. تراجع حزب الله في الأيام الاولى مجبراً تحت زخم النار، لكن وعلى الرغم من تراجعه لم يفرّط بالنقاط التي خسرها بل أبقى عينه عليها. لعب الحزب اللعبة الإستراتيجية، فخسارة موقع ضمن حلقة قتال هو أفضل من خسارة بلدة بالكامل، فالمعركة في بدايتها، وللتكتيكات دورها. تراجع الجنود إلى الخلف نحو نقاط بعيدة أمتاراً عن بوابات “عسال الورد” خالقين جدار نار من الأماكن المرتفعة فارضين على المسلحين منع التقدم. في هذا الوقت، كانت نقطة “المداجن” قد أصبحت في يد “النصرة”.. لم يدم ذلك طويلاً، اُمطرت النقطة بوابل هائل من الصواريخ وغارات المقاتلات التي اجبرت المسلحين على التخلي عنها والتراجع. المعارك التي بدأت وجهاً لوجه وعلى بعد أمتار، تحولت فور التدخل الصاروخي إلى عمليات كر وفر. بادرت مجموعات من المقاومة بالهجوم على المسلحين تحت غطاء ناري من الخلف، اجبرت “النصرة” على التراجع عن النقطة بعد ساعات واصبحت خط تماس فاصل بين الطرفين.
في هذا الوقت كانت “قطعان المسلحين” تتقدم نحو أهداف أخرى، كانت طريق الجبة – عسّال الورد ضمن الأهداف. رابضت مجموعات “النصرة” عليها بعد ان سيطرة على حاجز ونقاط عسكرية. لم تشفع الجغرافيا لهم، وابل القصف العنيف والغارات الكثيفة إنتقل إلى ذلك الحاجز والمحيط مكان إنتشار المسلحين حيث سقطت عليهم الصواريخ كالمطر.. ساعات اخرى وفُتح خط اإمداد لحزب الله من الجبة بعد ان قطع لساعات وبدأت التعزيزات تتقاطر.
يقول مصدر ميداني مراقب، ان “السيطرة على طريق الجبة اتت عبر عملية مباغتة توازياً مع الهجوم على النقاط المشرفة على مداخل البلدة كـ “المداجن”، إنشغل المقاومون بصد الهجوم، لكن المهاجمين تمكنوا من قطع خط الإمداد فعزلت البلدة ولم يتم إستقدام تعزيزات من الجبة في الساعات الاولى للهجوم، ما كان له تأثير بالغ، لكن قوة المقاومين بالصمود غيرت مجريات المعركة ولم يفلح المسلحون بالتغلغل في البلدة، وفق الخطة المرسومة التي وضعت نموذج عزل “عسال الورد” عملاً اساسياً في مشروع السيطرة”.
غارات المقاتلات والضربات الصاروخية ادت إلى فتح الطريق، ومنها عبرت التعزيزات نحو نقاط عسال الورد وعادت الاشتباكات المباشرة لتدور بين الطرفين. سعى مقاتلو حزب الله لارجاع المسلحين نحو الخلف وتكبيدهم خسائر وإبعادهم قدر الإمكان عن مداخل عسّال الورد. “القطعان المسلحة النصرويّة” كانت كبيرة فكان لا بد من إشراك سلاح الطيران. في محيط المعركة تمكن المسلحون من الإنتشار متخذين نقاط قنص، فالجغرافيا مفتوجه لهم من الخلف فهم مسيطرين على النقاط الخلفية، منطلقات الهجوم، ما يعني ان هامش المناورة لديهم افضل من مقاتلي الحزب اللذين يقاتلون في دائرة محددة كمدافعين في نطاق ضيق هامش المناورة فيه محدود.
لم ينفع كل الضغط العسكري هذا. أدرك المسلحون إخفاقهم في السيطرة على “طريق الجبة – عسال الورد” او إحداث خرق نوعي في جبهة “عسال الورد” عبر المداخل. قرروا الفرار من النار، كان الإنتقال في الايام اللاحقة وتغيير قواعد الهجوم، وضع “تل الكويتي” و “نقطة الظهور” على قائمة الاهداف، الموقعان كانا قد شهدا قبل يوم هجمات محدودة ايضاً. سارت “القطعان” نحو الهدف، وخاضت مع مجاهدي حزب الله معارك عنيفة لساعات لم تؤدي إلى شيء سوى زيادة الإنكسار. دخل المسلحون في عنق الزجاجة، فطوال أربعة أيام من المعارك لم يحقق أي شيء، فلا بوابات “عسال الورد” فتحت، ولا خطوط الامداد أغلقت، ولا نقاط الرصد تمت السيطرة عليها، وأعطبت!. سارع هؤلاء إلى بث أخبار مشبوهة حول سيطرتهم على تل “الكويتي” محاولين تحقيق شيء ما، سرعان ما دحضت هذه الرواية مع عدم نشر أي دليل واقعي للسيطرة، كما حديث النشطاء عن الإنكفاء تحت الضربات وتحول الهجوم من هجوم مباغت، إلى معركة مفتوحة على محاور عادية تعتبر خطوط نار منذ ما قبل المعركة، هذا فضلاً عن نشر مجاهدي المقاومة صوراً تظهر السيطرة عليها ووجود مجموعات عسكرية تابعة لـ “الحزب” هناك، هذا فضلاً عن جثث القتلى التي نشرت على اطراف التل من الجهة السفلى في تسجيل فيديو مصور.
إذان فخطة السيطرة على “عسال الورد” مجدداً سقطت بعد أربعة أيام بضربة قاضية، ضربة إجبار المسلحين على التراجع عن هجوم “تل الكويتي”. بعد اربعة ايامٍ معركة لا شيء تحقق في الميدان، لا زالت “عسال الورد” تحت سيطرة الجيش السوري وحزب الله، فيما إبتعد المسلحون قليلاً عنها. النقاط التي تمت إستعادتها دعمت، وخط الإمداد عُزز أكثر، باتت “عسّال الورد” مستعمرة للمقاومين، لكن خطوط التماس في النقاط على المداخل لا زالت موجودة بسبب وجود مسلحين في المحيط لا زالو يتحضرون مستخدمين القنص، فيما اشارت معلومات إلى حشودات عسكرية تتم في منطقة المرشدة الواقعة بين جرود عرسال ونحلة الحدودية بإنتظار الهجوم القادم.
تكرر الهجمات ليس في صالح “النصرة” ابداً، فالهجوم الأكبر الأول تمّ إمتصاصه من قبل حزب الله وافشل، فعامل المباغتة خرج من يد “النصرة” وبات في يد حزب الله الذي يتهيء الفرصة للهجوم. في محصلة الهجوم، فإن عشرات القتلى سقطوا من “النصرة”، تم تصوير بعضهم وهم تحت “رنحر المقاومة”، بينهم قادة ميدانيون، لبنانيون، سوريون وأجانب خصوصاً في صف “قطاع القلمون الغربي” التابع للجيش الحر الذي ضربته اكبر الخسائر.