جوبر ... خط الدفاع الأول عن دوما

جوبر ... خط الدفاع الأول عن دوما

أخبار سورية

الخميس، ٢ أكتوبر ٢٠١٤

تبعد المسافة بين مدينتي جوبر ودوما، في الريف الشرقي لدمشق، حوالي 10 كيلومترات. وتتداخل أحياء الأولى مع العاصمة، وللثانية امتدادها نحو الأوتوستراد الدولي وبدايات منطقة القلمون، وبهذا تشكل جوبر خط الدفاع الأول عن مدينة دوما من جهة العاصمة.
التنقل داخل جوبر ليس بالأمر السهل، فأنت وسط منطقة تحت قدميك أنفاق، قد تخرج منها مجموعة مسلحة من دون سابق إنذار. تدخل بناء عبر جدرانه المهدمة، وعينك تبحث عن العبوات الناسفة بين الركام. تركض مسرعاً بين الأحياء الضيقة لتجنب رصاصة قناص قد تصيبك من إحدى الجهات.
ويشير مصدر ميداني، لـ«السفير»، إلى أن التقدم في جوبر يقوم على السيطرة على كتل الأبنية الواحدة تلو الأخرى، وهو يتم بدقة وحذر، فالمجموعات المسلحة فخّخت معظمها. ويوضح أن الضربة الأساسية كانت بإنزال المدرعات، التي رافقتها ضربات من الطيران الحربي، فتمكنت وحدات الجيش من تثبيت مراكزها على مداخل الحي لتشكل الأساس للانطلاق نحو عمق الأحياء.
وبسيطرة الجيش السوري على برج فتينة في جوبر أصبحت وحداته على مقربة من أوتوستراد المتحلق الجنوبي، وهو الحد الفاصل مع منطقتي زملكا وعربين، اللتين تشكلان الامتداد الجغرافي لدوما وحرستا. والمتحلق الجنوبي هو الطريق الواصل من الريف الشرقي لدمشق إلى غربها.
ويتحدث المصدر عن أهمية التقدم ما بعد الاوتوستراد، بحيث تصبح السيطرة على باقي المدن والبلدات في عمق الغوطة الشرقية، مثل مسرابا وكفربطنا وحمورية، مسألة وقت بحسب سير المعارك. وتشير المصادر إلى اتجاه عدد من المناطق إلى المصالحة، ومن أهمها عربين وحرستا، وان الوجهاء في تلك المناطق وغيرها يحاولون تدارك ما سيحدث من دمار مشابه لما حدث في المليحة وجوبر.
وتنفذ وحدات من الجيش السوري عمليات من جهة منطقة عين ترما، التي تعد من الأماكن الأساسية لإطلاق قذائف الهاون نحو العاصمة. وتقع هذه المنطقة بين جوبر وزملكا والمليحة والمتلحق الجنوبي، وتعد السيطرة عليها، بالإضافة إلى جوبر، أولى الخطوات في عملية الدخول إلى عمق الغوطة الشرقية. وشكل دخول مجموعات مسلحة، قبل حوالي الشهر، إلى حي الدخانية المتاخم لعين ترما محاولة لتحقيق خرق في صفوف وحدات الجيش السوري وإبعاد النظر عن جوبر، ولكن تلك الجماعات حوصرت داخل الأبنية التي سيطرت عليها.
وتشكل «مدينة المساجد»، كما تلقب دوما، المعقل الأساسي لمقاتلي الغوطة. وبعدما كانت تشكل «جسراً» يصل بين منطقة القلمون، لقربها من منطقة التل والغوطة الدمشقية، والحدود الأردنية، فقد أصبحت على أبواب الحصار بعد سقوط عدرا البلد وعدرا العمالية وانهيار الدفاعات في جوبر، بالإضافة إلى حالة الفوضى والتخبط بين الفصائل المسلحة داخلها، بسبب تبادل الاتهامات عن المسؤول الأساسي لخسارة المناطق في الريف.
وتوضح مصادر لـ«السفير» أنه في حال توقيع مصالحات مع عربين وحرستا فستصبح مدينة دوما بحكم المحاصرة بالكامل. والحصار هو الأساس في عملية السيطرة عليها لدفع المجموعات المسلحة إلى الانسحاب منها، فالدخول في معركة في دوما ستكون طويلة الأمد، حيث يقدر عدد سكانها بحوالي 500 ألف نسمة، وتعد الحاضن الأكبر للمجموعات المسلحة، والتي تشكل «الجبهة الإسلامية» أهمها. وكانت قد نزحت إلى المدينة أعداد كبيرة من مدن وبلدات ريف دمشق الشرقي، وخاصة العائلات التي انضم أفراد منها إلى «الجيش السوري الحر» والفصائل الإسلامية المقاتلة.
وتشير المصادر إلى أن سقوط دوما لن يكون من قوة الضربات العسكرية فقط، بل هو انهيار من الداخل، فالبيئة الحاضنة لما يسمى «جيش الإسلام» أصبحت ترفضه، مع ارتفاع نسبة الاغتيالات بين الفصائل في الفترة الأخيرة، وكان آخرها محاولة اغتيال قائد ما يسمى «جيش الأمة» احمد طه بعبوة ناسفة في سيارته بحسب ما نشره ناشطون.
ويقول مصدر معارض لـ«السفير» إن عدم الاستقرار الذي تعيشه المجموعات داخل الغوطة الدمشقية ينعكس بوضوح في عدم وجود قيادة واحدة، بالإضافة إلى وقوع اشتباكات بين تلك الجماعات لأسباب مختلفة، منها تبادل تهم الخيانة أو السرقة أو الاستئثار بالقرار.
بين جوبر ودوما رواية تاريخية ـ دينية تجمعهما. وتقول الرواية إن النبي إلياس كان يختبئ في جوبر من الاضطهاد، ويتوجه إلى دوما للتوجيه الديني. فأي رواية ستكتبها الأسابيع المقبلة من المعارك مع تقدم الجيش السوري، وأي «عربة سماوية» ستخرج المسلحين من دوما، إن أكمل طوق الحصار تقدمه نحو أبوابها.