دمشق: ضجيج المعارك لا يعكر هدوء المدينة

دمشق: ضجيج المعارك لا يعكر هدوء المدينة

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣٠ سبتمبر ٢٠١٤

برغم كل ما يجري في محيط دمشق، لا تزال العاصمة السورية تعيش أيامها بهدوء وسط طوق أمني وعسكري كثيف لا يخرقه إلا صوت القذائف الطائشة بين الحين والآخر، على عكس ريفها حيث يتغير المشهد الميداني متسارعاً، وبصورة تعيد خلط الأوراق بين الفصائل المسلحة وخياراتها في المرحلة المقبلة.

«حلم» المسلحين بعيد المنال

باستثناء الاختراق العسكري في حي الزاهرة قبل أسبوعين، لم تشهد العاصمة أي توتر أو تصعيد من قبل المسلحين منذ أشهر طويلة. وبرغم احتدام المعارك في حي جوبر، إلا أن الفيحاء قد بدت هادئة وبعيدة كل البعد عن المواجهات.
وأبعد من ذلك، فقد شهد حي برزة الذي أبرم المسلحون فيه اتفاقية هدنة، حالة من التهدئة أسهمت في إبعاد الخطر نسبياً عن دمشق، إلا أن هذا الهدوء بقي مخترقاً عبر قذائف الهاون التي تتساقط بشكل شبه يومي، خصوصاً في الأحياء القريبة من الغوطة الشرقية كالعباسيين والقصاع وباب توما والعدوي، كما كان لافتاً في الفترة الأخيرة إعلان اتحاد «أجناد الشام» تبنيه، وعلى مرحلتين، إطلاق العشرات من صواريخ الكاتيوشا. غير أن مصادر ميدانية في داخل دمشق قد شدّدت على أن الإصابات قد وقعت في صفوف المدنيين، وأن أياً منها لم يصب مواقع تابعة للأجهزة الأمنية أو العسكرية .
في المقابل، لا يزال «حلم» معركة دمشق الكبرى يراود المسلحين في الفترة الأخيرة، خصوصاً مع اشتداد المعارك في جوبر وتقدمهم في الدخانية قبل أن يستعيد الجيش سيطرته على مساحات واسعة من البلدة المطلة على مدخل العاصمة الشرقي، مع أن ناشطاً معارضاً أكد لـ«السفير» أن دخول دمشق هو بمثابة «الانتحار للجميع»، هذا إن تم بالأصل بحكم التشديد الأمني والحواجز التي تنتشر في شوارع ومداخل العاصمة.

هل تكون دوما الهدف المقبل؟

سلسلة من الضربات العسكرية تلقاها المسلحون في الغوطة الشرقية مع استعادة الجيش السيطرة على كامل عدرا وتقدمه في الدخانية وقبلها المليحة، ما يعني أن مصير الغوطة بالنسبة إلى المسلحين بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى وبعيداً عن «صراخ» الناشطين الإعلاميين ممن يعملون لمصلحة الفصائل في ريف دمشق، عن تقدم «المجاهدين» وإحراز انتصارات كبيرة في المنطقة. يبدو الوضع مختلفاً بشكل كبير، ولعله لافت ما قاله بيان «جيش الإسلام» عن الانسحاب من عدرا واعتباره أن «قواعد اللعبة قد تغيّرت»، مقراً للمرة الأولى بضعف إمكاناتهم في مقابل «القوة التدميرية للجيش».
يأتي هذا بعد أسابيع من إعلان القيادة الموحدة في الغوطة، وتعيين زهران علوش قائداً عاماً، ثم تصريحه بأنه لن يسمح بوجود رأسين في المنطقة التي باتت مكشوفة للجيش السوري، خصوصاً بعد فتح معركة جديدة في تل الكردي التي لا تبعد عن دوما مسافة كبيرة، ما يعني زيادة الخطر على معقل المسلحين الأساسي، وكذلك فتح بوابة للسيطرة على باقي بلدات الغوطة الشرقية.
إلا أن مصدراً ميدانياً معارضاً توقع أن يكون السبب الحقيقي وراء ذلك أحد احتمالين، الأول هو استراتيجية لطالما اتبعها تنظيم «القاعدة» وقررت «النصرة» استخدامها، وهي استدراج الخصم ثم إغراقه بسلسلة تفجيرات وعمليات على غرار ما حصل في العراق.
أما الاحتمال الثاني، فهو بالفعل تراجع الغطاء السعودي عن زهران علوش، ولعل محاولته تشكيل القيادة الموحدة وإبعاد كل من يرفض العمل معه يصب في هذا الخيار من باب محاولة إيجاد دعم وتمويل لمصلحته.
ويؤكد المصدر أن معركة دوما لن تكون سهلة كحال عدرا، فهي المعقل الأساسي للفصائل في الغوطة الشرقية، ومن غير المستبعَد أن تقف الفصائل كافة إلى جانب علوش في قتاله هذه المرة، بالإضافة إلى أعداد المقاتلين وتجهيزاتهم العسكرية والتي تعتبر الأكبر بين المجموعات كافة، خصوصاً أن اتهامات عدة قد تم تداولها بتخزين «جيش الإسلام» معدات عسكرية ضخمة استولى عليها في معارك سابقة مع الجيش السوري.