مخيمات النازحين السوريين، استغلال وذلّ وتسلّط

مخيمات النازحين السوريين، استغلال وذلّ وتسلّط

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٦ سبتمبر ٢٠١٤

 ثغراتٌ كثيرة تقوم بها الجمعيات والمنظمات المعنية بملف النازحين السوريين في لبنان. وهذه الثغرات لا تترتّب نتائجها إلا على اللاجئين أنفسهم الذين يعانون من الكثير من الظروف الصعبة التي أجبروا قصراً على العيش بها. في حين من المفترض أن تكون هذه المؤسسات المساعد الأول لهم. في أحد المخيمات في منطقة إقليم الخروب في شوف لبنان، معاناةٌ أخرى يرويها النازحون الذين يعانون من تقصير هذه المنظمات وعلى رأسها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين السوريين للأمم المتحدة، التي ألغت الكثير من المساعدات لهم وللكثيرين منهم دون مبرر، معتبرين أنّ قرار إلغاء المساعدات عن بعض العائلات ظلم الكثير منهم، من الذين كانوا يعتمدون على هذه المساعدات الغذائية.
في هذا المخيم المسؤول عنه رجل لبناني، والذي تدفع له الأمم المتحدة بدل إستثمارٍ للأرض لإقامة المخيم، يتعرض قاطنوه لأبشع أنواع الإستغلال والعنف النفسي والجسدي حتى من قبل هذا الرجل ووالدته. وبعدما قامت "سلاب نيوز" من التحقّق مما يجري في المخيم ولقاء عددٍ كثير من الناس القاطنين هناك، بدا واضحاً الذلّ المتعمد الذي يمارسه صاحب المخيم عليهم.
سمر (إسم مستعار، 33 سنة) التي لجأت إلينا لفضح ما يجري في المخيم، والتي تعرّضت للضرب من قبل والدة صاحب المخيم، تروي تفاصيل عدة استطعنا التأكد منها عند نزولنا إلى المخيم، وفي التفاصيل أنّ سمر هي إمرأة مطلقة وأم لأربعة أولاد وتعمل متطوعة في إحدى المنظمات، تحسّس منها صاحب المخيم وبدأ الضغط عليها، فبرأيه لا يمكن لأي سوري أن يحاول الخروج من المخيم ومن كنفه ومن تسلّطه عليهم. فبدأ مضايقتها وتشويه سمعتها بين النازحين الآخرين، وإطلاق أبشع الصفات عليها ضارباً على وتر العادات والتقاليد السورية التي تمنع بالغالب المرأة من العمل وتهتم لمسائل الشرف والسمعة. وعندما واجهته بما يقول تعرّضت لها والدته بالضرب لأنها "فلتانة" على حدّ قولها، وقامت بطردها من المخيم وتهددها باليوم بمنع المعونات عنها.
إشتكى النازحون من المعاملة السيئة التي يمارسها هذا الرجل عليهم، فهو يتحكم بالمساعدات وهناك روايات كثيرة تروى عن تكديس مساعدات كثيرة تقدم لهم في غرفة داخل المخيم، ومن ثمّ نقل هذه المساعدات عبر سيارة خاصة لجهةٍ غير معروفة مرة في الأسبوع. ومن ناحيةٍ أخرى يقوم هو بتحديد من سيحصل على المساعدة، فهناك منظمة تقوم باعطائه قسائم شرائية لمواد غذائية يقوم هو بكتابة الاسم الذي يرغب بأن يمنّ عليه بإعطائه القسيمة. وفي التفاصيل أنّ رجلًا ستينيًا إعترض يوماً ما على هذا الاسلوب، فهذه القسائم هي من حقّ الجميع ويجب أن يحصل عليها كل الساكنين في المخيم وبالتساوي، ولكن صاحب المخيم لا يرضى بالإحتجاج وكان رده: "إنت هون محكوم لإلي بقلك علّي راسك بتعلّي، بقلك وطّي راسك بتوطّي".
كما وصلت معه أساليب الاستغلال إلى إعطاء المساعدات للنازحين أمام الجهة المانحة أحياناً وأخذها من جديد عندما يغادرون. فقد سمعت إمرأة ثرية من إحدى الدول الخليجية بالمخيم، وجاءت محملةً بكل احتياجات الشتاء من أغطية ومدافئ وملبوسات للأطفال، وقد طلبت أن تشرف على عمليات التوزيع لتتأكد من أنّ الجميع حصل عليها، وعندما كان لها ما تريد وغادرت قام صاحب المخيم بإستدعاء جميع النازحين وطلب منهم إعطاءه المساعدات التي أخذوها وأنهم ليسوا بحاجة إليها، وكونهم لا يملكون حقّ الاعتراض سلّموه كلّ ما حصلوا عليه وقام بإخرج المساعادت إلى خارج المخيم بحجة أنه سيعطيها لنازحين آخرين هم أكثر حاجةً.
هذا المخيم الذي تقطنه خمسة وثلاثون عائلة محتاجة لم تجد لها أيّ مأوى في لبنان، استدعتهم الحاجة للقبول بما يمليه عليهم حكم هذا الرجل الذي بدا واضحاً أنه لا يمتلك أيّ حسٍ بالإنسانية اتجاههم، والذي من المفترض أنه أقام هذا المخيم لمساعدتهم للعيش حياةً تليق بأيّ إنسان، فلم يجد فيه إلا العنصرية والمعاملة الدنيا والإستغلال لهم ولكل ما يجب أن يحصلوا عليه.