حمص: ملامح اختراق في عقدة تسوية الوعر

حمص: ملامح اختراق في عقدة تسوية الوعر

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢ سبتمبر ٢٠١٤

لم تنجح مساعي تحقيق اتفاق تسوية في حي الوعر الحمصي بعد، إلا أن آمالا جديدة بعثت أمس الأول، باتفاق الأطراف المعنية عبر ممثليها، بتجزئة مسودة الاتفاق، التي كانت تنص أصلا على أربع مراحل، يتم في نهايتها إعلان الحي خاليا من السلاح المناوئ للدولة.
واتفق ممثلون عن جانبي الدولة والفصائل المسلحة المتمركزة في الوعر، على البدء بمرحلة تجريبية، تقضي بتجزئة المرحلة الأولى من الاتفاق السابق، على اعتبار أن «الشيطان يكمن في التفاصيل».
وتقضي الفكرة بمحاصرة «شيطان» التفاصيل، عبر خلق منطقة «فض اشتباك» رائجة في الصراعات الحربية، كما هي الحال في الوعر، وتليها مرحلة توسيع جغرافية، وتؤسس إلى «مرحلة بناء ثقة».
واختيرت كما هو متوقع، منطقة الجزيرة السابعة، الحيوية، لجهة الحرب المستمرة، من جهة، ولاستعادة الحياة من جهة أخرى. ومعروف أن الجزيرة السابعة هي منطقة اشتباك رئيسية، في الصراع بين الطرفين، بل تمثل ساحة الحرب الأولى القائمة، وتتكون من عدة أبراج سكنية (سابقاً) تحولت إلى مراكز قنص واستهداف عسكري. ويسيطر الجيش على بعض الكتل، فيما تسيطر الكتائب الإسلامية على كتل أخرى، حيث يتم تبادل الرسائل اليومية، المعطلة للهدنة.
وأوضح مسؤول محلي في حمص لـ«السفير» أن الفكرة تعتمد على «تحييد هذه المنطقة الحساسة» من الحي، وإعادة تفعيل عمل مركزين رئيسيين في الوعر، وهما القصر العدلي، وقسم الشرطة المدنية. والشرطة ذاتها، يفترض أن تحل محل الطرفين في الأبراج التي سيتم إخلاؤها في حال طبق الاتفاق، تمهيداً لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، وإظهار الجزيرة السكنية «كنموذج صغير لآمال الحي الأكبر».
كما يفترض أن يعود القصر العدلي إلى عمله، علماً بأنّ معظم ملفاته ووثائقه ما زالت «بأمان» وفقا لمصادر محلية، بسبب «اتفاق جرى لتحييد الأرشيف المدني والقضائي عن الصراع»، وذلك بحرص من «وجهاء المجتمع المحلي الموجودة في الوعر» والتي تنوب أيضا عن المسلحين في «التفاوض» لتحقيق هدنة. وكان جرى الاتفاق على هذه النقطة مبكرا، لقطع الطريق «أمام محاولة عشائر ومسلحين بدو إتلاف ما يمكن إتلافه من وثائق تطال مهربين» في ظل الفوضى العارمة الحاصلة.
ويمثل البدو جزءاً من الفصائل المقاتلة الموجودة في الوعر، والتي يقدر عددها بحوالي ألفي مقاتل، يرفض حوالي 20 المئة منها الاتفاق، لا سيما بشكله القديم، الذي جرى في بداية رمضان الماضي. ويمثل الرافضون بغالبيتهم «الجبهة الإسلامية» وفقا لمصادر محلية، بينهم ما يعرف بـ«كتائب الأنصار» و«كتيبة أحفاد الرسول»، إضافة إلى البدو.
ولا تزال التوقعات حذرة في أن يتم الاتفاق هذه المرة على عملية التجزيء للاتفاق الأصلي. وتشير التقديرات الى أن الغالبية العظمى موافقة على الفكرة، في محاولة لجر الأرجل نحو الاتفاق الأساسي الذي لم يرى النور في رمضان. وكان الاتفاق يقضي، كما نشر سابقا، بمدة تنفيذ تقارب 45 يوما، تطبق فيها أربع مراحل، تبدأ بعمليات الإخلاء، ودخول مواد الإغاثة، وتنتهي بتسوية أوضاع 60 في المئة من المسلحين ومغادرة الباقين نحو جهة أخرى في حمص.
ويأمل المسؤولون المحليون مجددا في انجاز اتفاق الوعر المتعثر، لأسباب عديدة، سياسية وميدانية، لا تخلو طبعا من أبعاد إنسانية. ومعروف أن الوعر الذي كان من أحياء حمص الثرية، بات مأوى للنازحين من أنحاء المدينة، كما بات موقع المعارضة المسلحة الأخير في المدينة.
ويشكل الحي عبئا كبيرا من الناحية التنموية على سكانه الأصليين أولا، ومن ثم على محيطه، بسبب تضاعف عدد سكانه مرتين (بحدود 300 ألف نسمة) خلال عامين. كما يشكو من حالة حصار متقطعة، تتخللها فترات سماح ترتبط عموما بالمفاوضات الجارية لتحقيق تسوية. ويعتقد مسؤولون محليون أنه في حال طبقت الفكرة الأخيرة، فانه يمكن لعملية إخلاء الجزيرة السابعة أن تشكل حجر زاوية في الاتفاق المأمول، كونها ستعمق الثقة، وتخفف من التوتر العسكري. وسيمكن بذلك تخفيف استهداف القرى الموالية المجاورة، كما سيشكل منطقة الهدنة الأولى التي يمكن أن تتمدد لاحقا إلى داخل الحي.
ويقول أحد المسؤولين، المعنيين بمتابعة الاتفاق، إن أهم ما يعيق عملية التطبيق، هي «عدم امتلاك بعض الفصائل لقرارها الداخلي»، و«التشابك الحاصل بين شبكات التهريب، والمصالح الاقتصادية التي يشكلها للبعض».