مرحلة إعادة الإعمار ..هل اكتملت الرؤية ..ومن أين تبدأ ؟ نقاط قوة الاقتصاد السوري تكمن في تنوعه .. والأولوية للزراعة و الاعتماد على الذات

مرحلة إعادة الإعمار ..هل اكتملت الرؤية ..ومن أين تبدأ ؟ نقاط قوة الاقتصاد السوري تكمن في تنوعه .. والأولوية للزراعة و الاعتماد على الذات

أخبار سورية

الأحد، ٢٠ أبريل ٢٠١٤

كل العيون والعقول تتجه نحو عملية إعادة الإعمار في سورية ..ليس من الداخل وحده بل من المحيط الاقليمي والعالمي ..فكيف نفكر نحن السوريون ومن أين نبدأ ..وماهي الأولويات ..وماهي نقاط القوة والضعف في الاقتصاد السوري .. وماهي الصورة التي يراها الأكاديميون والمخططون لسورية التي نحلم بها..
صحيح أن احتياجات المواطنين الأساسية واليومية بكل تفاصيلها تشكل تحديا ضاغطا على الحكومة وصانع القرار والمواطن والاقتصادي ..غير أن الصحيح أيضا أن عملية إعادة الإعمار لاتحتمل التأجيل ..وقد بدأت بالفعل من خلال انطلاق المصالحة الوطنية في كل المحافظات ونبذ محاولات بث الفتن بين أبناء الشعب الواحد و العمل مستمر على جميع الجبهات ..والمهم تحسين آليات التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية لتحقيق الهدف المنشود في إعادة بناء سورية الوطن والإنسان.‏
** ** **‏
حوراني: الانطلاقة تبدأ من عقل إصلاحي لا محافظ ..‏
ومن داخل البيت السوري لا خارجه ..‏
ودعا الدكتور أكرم حوراني الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة دمشق إلى الاستفادة من نقاط القوة للاقتصاد السوري وتسخيرها للنهوض بعملية اعادة البناء والتنمية مؤكدا أنها تستوجب القيام بعملية اصلاح جدية تبدأ من عقل إصلاحي وليس من عقل محافظ والإصلاح يكون تحت سقف الدولة وليس من خلال تدميرها , والبناء والتغيير من داخل البيت السوري وبين أهله وبالتالي المطلوب إصلاح سياسي اقتصادي اجتماعي تدريجي ضمن خطة زمنية تحتوي أولويات الإصلاح وأهدافه وأدواته .‏
وأوضح حوراني «للثورة «أن نقاط القوة في الاقتصاد السوري تتمثل بأنه اقتصاد متنوع ويمتلك صناعة استخراجية كالنفط والفوسفات والغازوصناعة تحويلية غذائية وهندسية و كيميائية وغيرها وزارعة قابلة للتطوير وسياحة واعدة وموقع جغرافي متميز وقوة عمل ملائمة في العديد من القطاعات و اتفاقات وشراكات اقتصادية متعددة عربية وإقليمية تؤمن سوق واسعة .‏
وبالمقابل يرى استاذ الاقتصاد أن هناك نقاط ضعف لابد من معالجتها فثمار النمو الإقتصادي لم تصل إلى جميع فئات الشعب نتيجة أخطاء الحكومات والادارات السابقة وأدت إلى غياب عدالة توزيع الدخل القومي حيث يحصل من يعمل بأجر في سورية وهم 4 ملايين يعيلون 20 مليوناً ،على نحو 35% منه, كما أن النمو تركز في القطاعات الخدمية والقطاعات الريعية الأمر الذي أضر بمصالح الطبقات الإجتماعية محدودة ومتوسطة الدخل, حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر وزاد تهميش المناطق الريفية وتدهور مستويات المعيشة لسكانها.‏
كذلك تسببت الأزمة التي تشهدها البلاد بضرر بالغ للاقتصاد السوري ، أدى إلى ارتفاع الأسعار( بنسبة 250% خلال الأزمة ), ومعدلات البطالة قاربت 50% حاليا, وتسببت في تدهور الحياة المعيشية والاقتصادية للمواطنين ,وجعلت نصف الشعب السوري في عداد الفقراء .‏
وحول استراتيجيات التنمية واعادة الاعمار يرى الدكتور أكرم حوراني أن الزراعة تعتبر أولوية ولابد من العمل لتخفيض تكاليف الإنتاج الزراعي وزيادة الاستثمارات فيه و تشجيع الزراعات ذات الميزات النسبية التي تحقق قيماً مضافة و تأمين الدعم الضروري للصناعات التحويلية الزراعية والمساعدة في تصريف المنتجات وتصديرها.‏
أما النهوض بالقطاع الصناعي فيتطلب اعادة النظر بالقوانين لاسيما الناظمة للاستثمار وبما يضمن تسهيل إنشاء المشروعات ودعمها بتوفير البنية التحتية والتشريعية والتمويلية المناسبة واللازمة لرفع الكفاءة الانتاجية والقدرة على المنافسة وكذلك توفير المقومات للارتقاء بالمناخ الاستثماري و تشجيع حقيقي للصناعات الصغيرة والمتوسطة والتوسع في إنشاء الصناعات الموجهة للتصدير و تحقيق التوزيع الإقليمي المناسب للأنشطة الصناعية وتحقيق الارتقاء التكنولوجي لها وإكسابها القدرة على تعظيم القيمة المضافة.‏
** ** **‏
غرز الدين : تخطيط مستويات العمل في مرحلة التعافي المبكر‏
وإعادة البناء ..وتحديد اللاعبين المحليين والمصادر الذاتية‏
ويعتقد الدكتور فضل غرز الدين من هيئة التخطيط والتعاون الدولي إن الأهم هو البدء بعملية الإصلاح الاقتصادي والتحضير لمرحلة ما بعد الأزمة مبكرا حتى في ظل ظروف استمرارها من خلال تحديد دور كل من القطاعين العام والخاص والمجتمع الأهلي في العملية التنموية وإعطاء الأولوية للزراعة والصناعة والشراكة بين القطاعين العام والخاص ووضع برامج تنمية المشاريع الصغيرة.‏
ولفت إلى أهمية تطوير وخلق المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرديفة وتطوير الجمعيات المهنية ذات العمق المعرفي والفني وتشكيل نواة للتواصل مع بيوت الخبرة المحلية والخارجية والحكومية بهدف تطوير صنع السياسات مشيرا إلى ضرورة تأسيس علاقات اقتصادية استراتيجية مع الدول الصديقة من خلال إعطاء مزايا تشريعية خاصة للتعامل معها في المجال التجاري والاستثماري أو في إنشاء شراكات معها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.‏
وقال غرز الدين من المهم تحديد مستويات العمل في مرحلة التعافي المبكر وإعادة البناء وتحديد اللاعبين المحليين والمصادر الذاتية للتعافي وإعطاء الأولوية لبرامج تنمية المشاريع الصغيرة من جهة وعقلنة الدعم الاقتصادي والاجتماعي من جهة ثانية وهذا يتطلب إعادة النظر بالتعليم والتدريب والتأهيل وإعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للريف وتطوير وخلق المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرديفة (الموازية) إضافة لتنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الكلي‏
وخلص غرز الدين للقول من المهم الإجابة مبكرا على الأسئلة التالية :كيف يمكن تقوية وتعزيز دور المؤسسات والقدرات القائمة؟ وكيف يمكن للحكومة أن تعيد تفعيل مواردها المالية التي كانت موجودة قبل الأزمة بما فيها الموارد النفطية؟ وكيف يمكن تقوية جهود ومبادرات المجتمعات المحلية ومجتمعات الأعمال بهدف إعادة الحياة إلى أنشطتهم السابقة؟‏
** ** **‏
فضلية : التعاون مع البريكس وإيران‏
مبنية على تجارب ناجحة ومصالح مشتركة‏
وسط عروض كثيرة من المنظمات الدولية والدول الغربية والخليجية المشبوهة برمتها للمساهمة بتمويل جانب من مشروع إعادة الإعمار في سورية بعد الأزمة ، فإن الأنظار تتجه الى الدول الصديقة والحلفاء السياسيين وبشكل خاص دول البريكس وإيران حيث إن خيار الحصول على التمويل من هذه الدول، يجنب سورية أجندات سياسية تجعل مقدرات البلد وقدراتها في حال تبعية للأخرين ..‏
وأثبتت الأزمة أهمية الصمود الاقتصادي كمواز للصمود العسكري والسياسي اعتمادا على الأصدقاء الجديرين بالثقة وعدا عن ذلك وكما يؤكد الاقتصاديون فإن لعملية إعادة الإعمار وجه إيجابي ربحي للمستثمر الخارجي و الدول الصديقة والحليفة هي الأحق بهذا الجانب الإيجابي كما هو الأمر بالنسبة للمستثمر الداخلي الوطني أو المغتربين السوريين‏
ويرى الدكتور عابد فضلية الخبير المالي إن العلاقات الاقتصادية بين سورية و ودول البريكس وايران قوية جدا وعريقة ومبنية على تجارب ناجحة وارادة حقيقية ومصالح مشتركة وتمخض عنها منذ سنوات العديد من الاتفاقيات حول التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمار و التعاون التجاري والاقتصادي، لذا فإن استمرار وتعميق التعاون معها له أهمية كبيرة، للكثير من الأسباب، أهمها تنويع أسواق التصدير والاستيراد وفتح أسواق ومصادر جديدة أمام التجارة السورية لتلافي آثار العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي بشكل عام وتأمين المستلزمات (المالية) و(المادية) لعملية إعادة الإعمار.‏
وأكد فضلية أهمية دول البريكس وإيران في عملية إعادة الإعمار لاسيما بعد أن اتفق زعماء دول البريكس عام 2013على تأسيس بنك (التنمية)، برأسمال أولي يُعادل 50 مليار دولار وجاءت هذه الخطوة -عدا عن دوافعها السياسية- كنوع من التحدي لسياسات وشروط التسليف والإقراض لدى الصندوق والبنك الدوليين، التي تُعد مجحفة وتدخلية بالنسبة للدول النامية.‏
وقال أن تأسيس هذا البنك التنموي، يُعد فرصة مباشرة وغير مباشرة لسورية للحصول على جزء من التمويل المطلوب لعملية إعادة الإعمار، سواء من خلال القروض التقليدية أم فتح الاعتمادات أم تمويل المشاريع التي تقوم بها جهات استثمارية حكومية أو خاصة من دول المجموعة، (على غرار بناء الاتحاد السوفيتي لسد الفرات على سبيل المثال)، وهذا ما يمكن أن يسمى القروض العينية، التي تميل إليها الشركات الصينية والروسية على وجه الخصوص، بنفس المستوى الذي تؤيده الجهات الحكومية السورية، كما دعا وزير النفط السوري مؤخرا الشركات النفطية في جنوب افريقيا للاستثمار في مجال الفوسفات تحت مظلة الأولوية في فرص الاستثمار للدول الصديقة.‏
وفيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، فمن الواضح استعدادها للتمويل والتوريد وتقديم الدعم الممكن، ومثال الاعتمادات المصرفية التي وفرتها إيران لسورية لتغطية توريدات سلعية خلال الفترة الماضية، يدل على أن إمكانية التعاون الاقتصادي والاستثماري والتمويلي بين سورية وإيران هي حالة طبيعية وعادية، ويمكن التأسيس عليها خلال فترة إعادة الإعمار القادمة.‏