سورية تُحبط خطة الاستنزاف على جبهتي الغرب والوسط لتنتقل إلى الجبهات الثلاث الأخرى

سورية تُحبط خطة الاستنزاف على جبهتي الغرب والوسط لتنتقل إلى الجبهات الثلاث الأخرى

أخبار سورية

الخميس، ١٧ أبريل ٢٠١٤

تسارُع الأحداث الأمنية في سورية وسقوط معاقل المسلحين التكفيريين بأكثر من مكان وتحديداً القلمون، يوازيه بالخفاء طبعاً وبالزخم عينه سيناريوات وخطط أمنية سياسية بديلة لرسم النفوذ في سورية والمنطقة ككل..
عن التطورات الأمنية المتسارعة في سورية وانعكاسها على الشرق الأدنى، حاورت "الثبات" الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي العميد أمين حطيط، وإليكم أبرز ما جاء فيها:
ينطلق العميد حطيط من الأهداف المرسومة للمنطقة لتوقّع وجهة سير الأحداث الميدانية والتدقيق بنتائجها، وبرأيه الخطة الرئيسية الموضوعة لإسقاط سورية، دولة ونظاماً قوياً، عجزت عن تحقيق أهدافها، رغم القدرات الضخمة التي وضعت بتصرفها، ويقول: "إسقاط سورية كدولة مقاومة كانت هدفاً رئيسياً في المشروع ومسألة تغيير شخص أو نظام لبناء ديمقراطية كانت خدعة فقط موجهة للبسطاء، والهدف الأساسي منه نزع سورية عن موقعها المقاوم، ومنه ينتج تلقائياً هدف مكمل يؤدي إلحاق سورية ضمن منظومة ما يسمّى "دول الاعتدال"، لتنتقل دمشق من حلقة وجسر وصل بين إيران والعراق ولبنان ومواجهة المشروع الصهيو- أميركي لتكون حاجزاً وفاصلاً معرقلاً للمنادين بتحرير فلسطين لصالح مشروع تقبّل إسرائيل دولة يهودية، وهذا يعني حكماً تفكيك الدولة السورية إلى طوائف متناحرة ضمن إطار فدرالي أو كونفدرالي، وذلك كلّه من أجل شرذمة المنطقة أكثر وتأمين مصلحة أميركا وإسرائيل".
ويشير حطيط إلى أنّ فشل هذه الأهداف في تحقيق مرادها رغم مضي 3 أعوام عليها، يؤكد انتصار سورية، "دمشق التي واجهت إمكانيات مخابراتية ومالية وإعلامية وعسكرية ضخمة ساهمت فيها 83 دولة مشاركة فعلية، ووصل حدّها الأقصى إلى 133 دولة مع تقديم التسهيلات المتنوعة وفق ما سمّي "دول أصدقاء سورية"، أفشلت إلحاق الشام بركب الإخوان المسلمين الذي بدأ من تونس ثم مصر ليكتمل عقده في تركيا، ومع عرقلة المشروع الإخواني تراجع نفوذهم في تونس ومصر، وسقط المشروع الرئيسي بتحقيق أهدافه السياسية، لهذا السبب بإمكاننا الجزم بأنّ سورية انتصرت رغم الخسائر الضخمة التي تكبدتها على أكثر من صعيد، وهذا الانتصار يقرّ به العدو قبل الصديق"، ويضيف العميد حطيط: "لهذه الأسباب انتقل المشروع الغربي من خطة إسقاط سورية إلى خطة استنزاف سورية، واليوم نحن في خضمّ خطة رديفة معاكسة يقوم بها الجيش السوري ضدّ الجماعات المسلحة لإفشال مخطط استنزاف سورية، وهذه الاستراتجية تتطلب إسراعاً في عملية الإطباق على الجماعات التكفيرية".
الوضع الميداني
يقسّم العميد حطيط الحرب على سورية إلى خمس جبهات، جبهة القلب أو الداخل في الوسط حيث الثقل الاستراتيجي الهام في دمشق ومحيطها، والجبهات الأربع الحدودية، يقول: "مؤشرات الانتهاء من الجبهتين الأولى (القلب) والثانية (الغربية) الأصعب على المسرح السوري شارفت على نهايتها، ونحن نعلم عسكرياً وجيوسياسياً من يمسكهما ربح الحرب، ونحن اليوم أمام انتصار تام وكامل، ومع عزل لبنان عن سورية لناحية إمداد المسلحين بالسلاح، تعطل دور لبنان التمويني وحول هذا القوس الموازي للحدود السورية في البقاع والشمال المسلحين إلى أيتام ومصيرهم إما الاستسلام أو القتل أو الهرب.. ومع الانتهاء من جبهة القلمون بإمكان سورية أن تقول إنها أنجزت ثلث الحرب، وهذا ما يؤدي تباعاً إلى سقوط جبهة الوسط أو الريف الدمشقي، وعندها بإمكان دمشق إعلان أنها أنهت 60 % من الحرب المفتوحة عليها، لأنّه من المتوقع وبأسابيع قليلة جداً أن تنتهي جبهة الوسط نهائياً لتتفرّغ القيادة العسكرية للجبهات الثلاث الأخرى".
برأي حطيط الجبهات المشتعلة على الحدود لا يمكن التعويل عليها لتحقيق الكثير من قبل الغرب أو قلب المعادلات، يقول: "لكل منها سقف لا يمكن تجاوزه، على جبهة الشمال تركيا تتحرك تحت سقف وقيود من اتجاهين، الأول يعود إلى الأطلسي الذي يرفض الانجرار إلى حرب إقليمية، والثاني ناتج من تهديد فعلي لإيران بفتح حرب ضدها في حال انزلقت في حرب مفتوحة على سورية".
عن جبهة الجنوب، يميّز حطيط بين الموقف "الإسرائيلي" والأردني، يعتبر أنّ "إسرائيل" رغم تدخلها السافر بعمليات محدودة خلال الأشهرالماضية، تمّ تثبيت عمليات ردع حقيقية، ما عطلّت تدخلها في الحرب على سورية، لأنه لذلك انعكاسات كبيرة على داخل الكيان الصهيوني، وهذا الأمر ليست بوارد القيام فيه، لأنها غير جاهزة لمواجهته لو قدمّت لها أموال الخليج كلّها.. أما بالنسبة إلى الأردن، فمعادلة الملك الأردني عبدالله الثاني بن الحسين محكومة بين حديّن، أولهما الاستمرار بمضايقة سورية وثانيهما عدم التورط بحرب مع سورية، لأن ذلك سيطيح بالعرش وبالدولة الأردنية الهاشمية، وهذان الحدان وفق المعطيات على الأرض ليست قادرة على تغيير المعطيات لصالح المسلحين رغم اقتطاع بعض الأراضي لصالح فوضى المشروع الغربي.
أما بخصوص جبهة الشرق مع العراق، يلفت حطيط إلى أن المجريات الميدانية تسير وفق الخطة المرسومة، الجماعات المسلحة واقعة بين سندان الجيش العراقي الذي أعلن بقوة محاربته الإرهاب وتنظيم "داعش" وبين مطرقة العشائر العربية التي تواجههم بقوة، وهذا الوضع سيبقى على حاله بانتظار تدخل الجيش السوري للحسم وفق أولوياته ووقته المناسب".
الخطة الأمنية
وماذا عن تداعيات ذلك على لبنان، هل تجاوز لبنان قطوع العمليات الإرهابية؟ يجيبنا حطيط: "لبنان استفاد كثيراً من إقفال جبهة الغرب السوري، لأنها كانت مصنع قنابل الموت، وهذا يعني أنّ نسبة المخاطر انخفضت فيه إلى نحو 90 %، ليبقى على الجيش اللبناني والقوى الأمنية مهمة الإمساك بالـ10% المتبقية، واليوم نلاحظ الفرق الكبير الذي ننعم به في لبنان مع سيطرة الجيش السوري على منطقة القلمون وتجفيف معامل تصنيع السيارات المفخخة".
وعما إذا كان راضياً من الخطة الأمنية المتبعة، أم أنّ الأمور في لبنان تسير بمنطق "لا خاسر ولا رابح"، يقول: "الخطة الأمنية لم تكن لتبصر النور لو بقيت الغلبة للمسلحين في القلمون، الخطة الأمنية أطلقت في لبنان كانت معدّة منذ سنتين ورفض تيار المستقبل في حينها السير بها لأنه كان مطلوباً منه إبقاء منطقة الشمال منطقة حشد وخدمة للعمليات المسلحة في سورية، واليوم مع إقفال جبهة الغرب في سورية بات دور الشمال معطلاً"، ويتابع حطيط حديثه مشيراً إلى أنّ الأمور في طرابلس والشمال كانت ستأخد طابعاً مأساوياً ضمن طائفة محددة، فالسلاح كان سيرتد على الداخل لتدمير الذات، فجاءت الخطة الأمنية لإنقاذ الوضع، أما بخصوص الشق العسكري، يمكننا تسجيل نقاط إيجابية جداً للجيش اللبناني الذي استطاع بحرفية كبيرة ضرب الكثير من الخلايا النائمة بالتنسيق طبعاً مع القوى الأمنية المختلفة، وخارج الإطار التقني أرفض كعسكري سابق استغلال تضحيات الجيش اللبناني لتحويلها إلى مكاسب صغيرة سواء لسياسيين أم غير السياسيين، لأن واجب الجيش على الدوام "شرف وتضحية ووفاء" للبنان"، يخلص حطيط حديثه بالشأنين اللبناني والسوري.
أوكرانيا
أزمة القرم التي فتحت بوجه روسيا لها علاقة مباشرة بأزمة سورية، برأي حطيط "النار التي أضرمت في الشرق ستمتد إلى الغرب آجلاً أو عاجلا، لأنّ صمود دمشق دوّل الأزمة وفتح جبهات أخرى خفية، ولهيب النار سيرتد على أصحابها، والأضرار ستصيب أوروبا أو الخليج، رغم أني أستبعد حصول اضطرابات عنيفة في أوروبا بالشكل الذي حصلت في سورية والشرق".
أما بخصوص الحساب المفتوح بين روسيا وأميركا في القرم وأوكرانيا، يقول حطيط: "أميركا المنزعجة من مواقف روسيا تجاه سورية، سعت إلى زعزعتها من الداخل، وسعت إلى الضغط عليها في أوكرانيا مع ما يشكّل البحر الأسود من منطقة حيوية لروسيا"، ويضيف: "روسيا بذكاء دبلوماسي وشجاعة عسكرية قبلت التحدّي وبدل أن تحقق أميركا أرباحاً في القرم وأوكرانيا لتجبر روسيا على الانكفاء، باتت الأخيرة أقوى وهي اليوم تستثمر نجاحات صمود سورية في البحر المتوسط، وردت صاع أميركا في أوكرانيا صاعين، والغرب اليوم هو الخاسر الأكبر في البحر الأسود، و"برنجسكي" الذي كان يقول إنّ أوكرانيا هي مفتاح التحكّم بروسيا، بات بيد الروس تجاه أوروبا، موسكو اليوم هي المتحكمة بأوكرانيا ومعادلة بحر الأسود وبأربع دول تسعى ترشيح نفسها إلى الأطلسي، فروسيا "بوتين" انتقلت من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم".
أجرى الحوار بول باسيل