البطاقة الذكية… حديث ذو شجون.. إيقاف محطتي المجتهد والشيخ سعد مؤقتاً لإساءة التعامل بالبطاقة

البطاقة الذكية… حديث ذو شجون.. إيقاف محطتي المجتهد والشيخ سعد مؤقتاً لإساءة التعامل بالبطاقة

أخبار سورية

السبت، ٣٠ مارس ٢٠١٩

تجربة البطاقة الذكية لم تمر مرور الكرام وتخللها الكثير من الإشكالات والمعانات والتجاوزات، بدايتها كانت في صعوبة الحصول عليها نتيجة الازدحام الكبير الذي شهدته مراكز استصدارها، ففي بعض المراكز كان يلزمك يومان للحصول على دور نتيجة سوء التنظيم وقلة التدبير والمحسوبيات و«الواسطات» وكان في الإمكان تلافي كل هذه «المعمعة» بقليل من التنظيم والانضباط في كل مركز من هذه المراكز ولاسيما أن عدد الموظفين المكلفين بتقديم هذه الخدمة ليس بقليل عبر حساب متوسط عدد البطاقات التي يستطيع إنجازها كل مركز في يوم واحد وحساب استطاعته في كل ساعة، وبالتالي كان بالإمكان الطلب من المواطنين بعد تسجيل دورهم على دفتر خاص بالدور أن يراجعوا من الساعة كذا إلى الساعة كذا بدلاً من أن ينتظروا يوماً كاملاً أو يومين للحصول عليها، لأن المواطن ينتظر دوره خلال ساعة وهو مسرور إذا كان متأكداً أنه سيحصل على بطاقته خلال هذه الساعة أما أن ينتظر ساعات ولا يعرف إن كان دوره سيأتي اليوم أو غداً فتلك الطامة الكبرى وكأننا نعيد إختراع العجلة.
الأمر الآخر في مشكلة الحصول على البطاقة هو أن بعض المراكز أوقفت منح البطاقتين معاً(البطاقة الذكية الخاصة بمازوت التدفئة والبطاقة الخاصة بتزويد المركبات بالمحروقات) كما يحدث في بعض مراكز ريف دمشق مثلاً حيث تم ايقاف منح بطاقة محروقات التدفئة إلى موعد غير معلوم، ونحن نتساءل: لِمَ نجبر المواطن على أن يعيش هذه التجربة السعيدة مرتين؟!
كما أن تفعيل تطبيق البطاقة الذكية للحصول على المحروقات من محطات الوقود لم يمر مرور الكرام وشابه الكثير من العيوب التي تزيد من معاناة وشكاوى المواطنين ومنها على سبيل المثال الزام كل سائقي خط سرافيس بأن يأخذوا مخصصاتهم من مركز أو محطات وقود معينة، بحجة عدم خلق ازدحامات مرورية مع أن العكس هو الذي حصل بسبب تجاوزات أصحاب الكازيات وسوء تقدير الجهات المعنية في هذا الاجراء، وآخر هذه التجاوزات وصلنا من سائقي سرافيس خطوط جرمانا (أكثر من 500مركبة) الذين يأخذون مخصصاتهم من مركز الزاهرة بدمشق وبحسب الشكوى فإن المركز يعبئ لهم 30 ليتر مازوت يومياً بينما الرسالة تشير إلى أنهم عبؤوا 40 ليتراً كما أنهم يدفعون 200 ليرة ثمن الليتر بخلاف تسعيرته الرسمية (183ليرة) هذا إذا كانت الثلاثون ليتراً ثلاثين!
«تشرين» تناولت في هذا الملف الخاص موضوع البطاقة الذكية، من حصل عليها ومن لم يحصل، وهموم تطبيقها وتداعيات تفعيلها على القطاع الخاص والعام وعناوين أخرى ذات صلة.
 
ومن جهتها بدأت محافظة دمشق منتصف الشهر الماضي بتطبيق البطاقة الذكية لتزويد السيارات بالوقود أسوة بمحافظات السويداء وحلب وطرطوس واللاذقية.. الأمر الذي جعل أغلبية المواطنين يتوجهون إلى مراكز منح البطاقة الذكية لإخراجها ما شكل عبئاً كبيراً وضغطاً على تلك المراكز نتيجة الازدحام الذي حدث نتيجة التأخر في الإعلان الرسمي عن تطبيق البطاقة في دمشق ومع البدء بتطبيقها بدأ التلاعب من قبل بعض محطات الوقود إذ يقول سائق سيارة أجرة: إنه طلب من عامل الكازية تعبئة سيارته بـ40 ليتراً من البنزين لكنه فوجئ وحسب الرسالة التي وصلته على هاتفه الجوال بأنه تمت تعبئة 37 ليتراً فقط، علماً أنه سدد قيمة أربعين ليتراً.
بينما أكد سائق آخر أنه لم يحصل على إيصال ولم تصله أي رسالة وتذرع عامل المحطة بأن الجهاز معطل، في حين تفاجأت إحدى المواطنات بأن الكمية المخصصة لها من البنزين قد نفدت رغم أنها لم تستجر من مخصصاتها سوى 20 ليتراً.
مدير النقل الطرقي في وزارة النقل محمود الأسعد بيّن أن هناك عدداً قليلاً من السيارات الخاصة في محافظة دمشق لم تحصل على البطاقة الذكية، وأرجع الضغط في الأيام الماضية إلى تخوف المواطنين من عدم حصولهم على البنزين في حال لم يمتلكوا البطاقة، مؤكداً عدم صحة ذلك.
مدير محروقات دمشق إبراهيم الأسعد أكد أن جميع محطات الوقود العامة والخاصة في محافظة دمشق، أصبحت مؤتمتة وجاهزة لتعبئة الآليات عبر البطاقة الذكية، مشيراً إلى أن الكميات المخصصة للآليات هي 40ليتراً يومياً، على ألا تتجاوز 450 ليتراً شهرياً، ولفت إلى أن توزيع المازوت يتم عبر البطاقة الذكية، مشيراً إلى أنه تم إيقاف توزيع المازوت نتيجة عدم توافره ولاسيما موجات البرد القارس قد انحسرت، وأضاف: إن تطبيق البطاقة الذكية، هو للحد من تلاعب أصحاب المحطات بالكميات المخصصة لهم، وبيع الفائض في السوق السوداء.
وبيّن علي الخطيب -مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية أن تعبئة البنزين للمواطنين بالكميات المخصصة يخضع لرقابة مديرية التجارة وأي خلاف أو تلاعب بالمضخة يخضع للرقابة وعدم التقيد بالكميات المحددة أو تعبئة كمية أقل يعد غشاً وتتم محاسبة صاحب الكازية، أيضاً عدم منح إيصال أو وصول رسالة عبر الهاتف الجوال يعدان مخالفة، لافتاً إلى أنه تم إغلاق بعض محطات الوقود من قبل وزارة النفط بسبب التلاعب.. وأشار إلى أنه تم وقف التعامل مع محطة الشيخ سعد في المزة ومحطة المجتهد فترة بسبب إساءة التعامل بالبطاقة الذكية والتلاعب بالكميات المنفذة للمواطنين.
وعملت وزارة النفط على مشروع البطاقة الذكية، الذي تنفذه «شركة تكامل» عبر ثلاث مراحل؛ أولها في تموز 2014 للآليات الحكومية، ثم المرحلة الثانية كانت للآليات الخاصة بالسوداء، وخلال 2017 بدأت المرحلة الثالثة لمازوت التدفئة.
 
وعند الدخول إلى كراج السومرية نرى العشرات من الطلاب والموظفين الذين ينتظرون السرافيس كي تقلهم إلى قراهم، وعند التقدم بضع خطوات أخرى نرى طابوراً طويلاً من السرافيس المنتظرة لكي تتزود بمادة المازوت من كازية الكراج.
وبسؤال أصحاب السرافيس عن سبب توقفهم، كانت الإجابة أن خزانات الوقود في سياراتهم خاوية، فـ«يادوب سفرتين وخلص» وخصوصاً أن بعضهم لديه مسافات سفر طويلة في مناطق متعددة من محافظة ريف دمشق، وهم ينتظرون وصول مادة المازوت لكازية السومرية للتزود منها.
ولدى سؤالهم: لماذا لم يتم التزود بالوقود من كازيات أخرى؟ علت صرخة أصحاب السرافيس العاملة على خطوط منطقة الزبداني ببلداتها( بلودان، سرغايا، مضايا، بقين، الزبداني) الذين أكدوا أنه في المنطقة العديد من الكازيات ولكنها لا تكفي لسد حاجة الجميع، وعند توجههم إلى كازيات في منطقة الديماس والصبورة، يتم رفض تزويدهم بالمادة رغم امتلاكهم البطاقة الذكية المخصصة لعملهم، مايدفع بالعديد من أصحاب السرافيس إلى شراء «المازوت الحر» الموجود أمام العديد من البسطات في طريقهم للسومرية، حسبما أكد الكثير من أصحاب السرافيس، وهنا يتم التحكم بسعر «تنكة المازوت» التي قد تصل إلى 8 آلاف ليرة، مايستوجب رفع الأجرة كي توازي المصروف، «ومايكون الشغل خسارة» حسب تعبير بعضهم.
أو يضطر صاحب السرفيس إلى الانتظار ساعات طويلة في الكراج حتى يستطيع التزود بالمادة بالسعر النظامي، وهنا تكون الخسارة أكبر لأن مصدر رزقه السفر وهو مجبور على الانتظار الطويل وتقليل عدد سفراته.
وعند سؤال الطلاب والموظفين المنتظرين أيضاً، أكد العديد منهم أن هذا هو الحال منذة فترة، فهم يضطرون للانتظار لماقد يزيد على الساعتين حتى يتوافر سرفيس.
وعن طلب زيادة على التعرفة المعتمدة، تم التنويه من بعضهم بأن دفع 150 ليرة زيادة على التعرفة أكثر رحمة من اللجوء إلى السيارات الخاصة التي تطلب 1500 ليرة للشخص الواحد، بينما رفض البعض الآخر تحكم أصحاب السرافيس بالتعرفة بحجة شرائهم المازوت «الحر»، فهم طلاب وموظفون، فهل سيذهب نصف مدخولهم للنقل؟
من هنا نقلت «تشرين» المشكلة إلى محافظة ريف دمشق، حيث أكد عضو المكتب التنفيذي المختص فيها، ميشيل كراز أنه يحق لكل من يملك بطاقة ذكية الحصول على مخصصاته من أي كازية، وهناك خطوات صارمة من قبل المحافطة بإغلاق أي محطة وقود تخالف التعليمات المتبعة أو تتحكم بالمواطنين.
كما أكد كراز توافر المادة في العديد من المحطات ولاسيما على الطرقات الدولية أو عند التنقل لمسافات طويلة ضمن المحافظة.
وختم حديثه بالتأكيد على نقل هذه المشكلة لوزارة النفط أيضاً للعمل بتشاركية بين محافظة ريف دمشق والوزارة للوصول إلى الحل، فالعمل بالبطاقة الذكية وجد لتسهيل عمل المواطن ومساعدته وليس لعرقة أعماله.
أما فيما يتعلق بمخصصات السيارات الحكومية قال مدير عام المحروقات مصطفى حصوية: إنه تم رفع مقترح لرئيس مجلس الوزراء وبانتظار الرد إلى الآن، وينص المقترح على أن يتم تفعيل 200 ليتر تُسدد من حسابهم الخاص منوهاً بأن للسيارة الحكومية وضعها الخاص، وأنهم إذا أرادوا أن تكون هناك زيادة في مخصصاتها فيجب أن تكون بموافقة رسمية، على خلاف السيارة الخاصة التي يصدر قرارها من مديرية المحروقات.
ورداً على سؤال «تشرين» عن البطاقة الذكية والمحسوبيات في الكازيات أجاب: إن المحسوبيات تكون موجودة عندما لا تكون هنالك بطاقة! مبيناً أن المحسوبيات يمكن أن توجد في بطاقة الماستر، وهي بطاقة موجودة في الكازيات لتزويد من ليست لديهم بطاقة ذكية بعد بالوقود وتم حصرها في دمشق بالمحطات التابعة للشركة بينما في ريف دمشق، تم السماح لنسبة ماستر قليلة ولذلك يمكن أن يكون هنالك بعض التلاعب، وعندما يُلغى الماستر لا يمكن أن يكون هنالك أي تلاعب!.
وعن الأشخاص الذين لديهم بطاقة ذكية ويزودون سياراتهم بالبنزين خارج إطار هذه البطاقة بالاتفاق مع الكازيات أجاب: نحن لا يمكن أن نضع رقيباً على كل شخص، فالـ5% في بطاقة الماستر مخصصة للشخص الذي ليست لديه بطاقة بعد، والذي لديه «ميتور» يحق له ثلاثة ليترات، ولكن هنالك أناساً نفوسهم ضعيفة ويأخذون هذه النسبة ليتاجروا بها، موضحاً أنه الآن لا يمكن إيقاف بطاقة الماستر لكي لا يكون هنالك ضرر بمصالح من ليست لديه البطاقة الذكية بعد.
وعن الآراء التي تقول إن مخصصات البطاقة الذكية غير كافية لفت حصوية إلى أنها وضعت بعد دراسة طويلة جداً من خلال التجربة فترة طويلة وتمت مراعاة الكميات!، وعندما تسافر السيارة من محافظة إلى محافظة أيضاً لديها مخصصات سفر إضافة إلى المخصصات المحددة، وكذلك سيارات التوزيع أو الفعاليات الاقتصادية أيضاً، تمت زيادة مخصصاتها 40 ليتراً عن غيرها.
وعلى حد تعبيره فإنه لا يوجد الآن ازدحام على مراكز البطاقة الذكية، وأصبحت خفيفة مقارنة مع السابق!، ويوجد أكثر من عشرين مركزاً في مدينة دمشق، وهنالك خطة لزيادة عدد المراكز، ولا يوجد أي حجة للمواطن لعدم وجودها في حوزته بعد!.
وبالنسبة لتوزيع الغاز الذي بدأ في دمشق منذ 25/3/2019، أشار حصوية إلى أن هنالك حرصاً كبيراً على ألا يأخذ أحد أكثر من حقه، وإلى أن موزع الغاز لم يعد يستطيع تجميع أسطوانات لبيعها فيما بعد بسعر مرتفع، وأن توزيع الغاز في ريف دمشق من خلال البطاقة الذكية سيبدأ من 1/5/2019.
وبالنسبة للعازب الذي يعيش وحده فإلى الآن شركة المحروقات لم تجد الخطة المثلى لإعطائه مخصصاته من الغاز من خلال البطاقة بالرغم من وجود نسبة كبيرة يعيشون وحدهم سواء كانوا طلاباً جامعيين أو عازبين، ونوه حصوية بأن العازب الذي يعيش بمفرده يجب أن يكون عنده عقد إيجار وإثبات أنه يقيم وحده وأنه طالب جامعي مقيم في المدينة الجامعية.
وشدد حصوية على أن أي رب عائلة ليست لديه بطاقة ذكية للغاز لا يستطيع أن يحصل على الغاز بدونها لأنه عندما ستُمنَح للجميع، فهذا يدل على أنه لا يوجد هنالك انضباط، وسيأتي الموزع ليقول أن لديه عشرين إلى ثلاثين شخصاً ليست لديهم بطاقة فهنا لن تكون هنالك استفادة في شيء لأنه سيفسح المجال للتلاعب أمام الموزعين، موضحاً أنه عندما يتم إعطاء الموزع 300 أسطوانة على سبيل المثال عندها سيكون هنالك ضابط قانوني ولن يستطيع الموزع الذي كان يحتكر الغاز أن يحتكره ويبيعه بأسعار مضاعفة لأن النظام في الشركة أصبح مؤتمتاً و من خلال الكمبيوتر يُمكن معرفة أسماء الأشخاص الذين تم التوزيع لهم من قِبل الموزع ليتم كشف الموزع المتلاعب ومحاسبته.
وقد تمكن عدد من المواطنين في ريف دمشق من الحصول على البطاقة الذكية الخاصة بالأسرة سابقاً ولكن لم تفعّل ولم يستطع أحد منهم الحصول على ليتر واحد من المازوت للتدفئة عبر تلك البطاقات، وكانت بعض البلديات وزعت سابقاً قسيمة تسجيل دور للحصول على 200 ليتر من المازوت حين توافرها، ولكن لم تتمكن الأكثرية منهم من الحصول إلا على كميات تتراوح بين 20 إلى 60 ليتراً فقط ثم توقف تزويدهم بالمادة نظراً لحصر التوزيع بالبطاقة الذكية لاحقاً، ولا يزال البعض يراجع مراكز منح البطاقة الذكية للحصول عليها أملاً في الحصول على مخصصاته من المازوت، لكن من دون جدوى ولا يوجد موعد محدد لمنحهم البطاقة لاحقاً.
ولدى متابعة الموضوع في مدينة قدسيا أكدت مشرفة مركز توزيع البطاقة الذكية فيها عبير صافي أن العمل في المركز حالياً يقتصر على منح البطاقة الذكية للآليات فقط، أما البطاقة الذكية للأسر، فتوقف منحها منذ شهرين بناء على طلب الشركة، وموعد تسليمها غير معلوم, مع العلم أن الشركة جهة منفذة.
ويتم تنظيم ومنح بحدود 40 بطاقة يومياً، ونظراً للأعداد الحالية يمكن أن يحصل عليها إذا كانت الأوراق كاملة خلال عشر دقائق، أما قبل شهر من الآن فكان الإقبال أكبر بكثير، إذ كان يتم منح 200 بطاقة يومياً وكان لابد من تنظيم دور للموطنين للحصول عليها نظراً للضغط الكبير في أعدادهم.
من جهته، أكد مدير محروقات ريف دمشق المهندس محمد غازي الصباغ قلة مادة المازوت وأنه لا توجد مخصصات للتدفئة, وإن توافرت المادة فالأولوية لقطاع النقل والآليات والفعاليات الصناعية والزراعية لما لهذه القطاعات من أهمية وانعكاس على الاقتصاد، كما أن فصل الشتاء شارف على الانتهاء وتم تجاوز الأيام الباردة والصعبة.
تشرين