التعليم القادم يعتمد مدخل المعايير في بناء المناهج … خضور: عملية تغيير عقلية أكثر من تدريب والمعلم لم يعد محور العملية التربوية

التعليم القادم يعتمد مدخل المعايير في بناء المناهج … خضور: عملية تغيير عقلية أكثر من تدريب والمعلم لم يعد محور العملية التربوية

أخبار سورية

الأربعاء، ٦ مارس ٢٠١٩

شهدت عملية تطوير المناهج التربوية نقاشاً متنوعاً في الرأي العام خلال السنوات الأخيرة. البعض اعترض على هذه المناهج، والبعض يعتقد أن الوقت غير مناسب لإعداد مناهج جديدة، على حين رأى آخرون أنها بعيدة عن البيئة السورية.
اليوم وبعد انتهاء المرحلة الأخيرة من تطوير المناهج، طرحت وزارة التربية مسودة هذه المناهج على منصة المركز الوطني لتطوير المناهج منذ بداية شهر شباط الماضي وطلبت من الخبراء والمفكرين والمدرسين والطلاب والأهالي إبداء ملاحظاتهم على هذه المرحلة من المناهج المطورة.
 
بهدف التعرف أكثر على ماهية عملية تطوير المناهج التقت «الوطن» مدير التوجيه المثنى خضور الذي أكد أن عملية تطوير المناهج في كل دول العالم هي عملية مستمرة، والهدف من وضع المناهج هو إعداد الإنسان للحياة والعمل، وقال: نحن نعيش عصر تفجر المعرفة، حيث يتضاعف حجم المعارف بشكل متسارع، وأصبح لدينا إمكانيات كبيرة للوصول إلى المعرفة بسرعة على عكس الماضي عندما كان الكتاب هو وسيلة المعرفة الوحيدة. وأضاف: اليوم هناك مصادر متنوعة للمعرفة والتسارع في التطور المعرفي، وكذلك المهارات التي تحتاج إليها سوق العمل ليست كما كانت عليه قبل سنوات، ولن تكون ذاتها بعد سنوات.
وأشار إلى التطور التقني الهائل، ومن ثم مطلوب من وزارة التربية إعداد الجيل الذي سيدخل سوق العمل بعد عشر سنوات على معرفة تختلف عن المعرفة السائدة الآن، بل على المعرفة التي يحتاج إليها في ذلك الزمان.
 
كيف يمكن استشراف المستقبل ؟
نحن نراقب التجارب التربوية في العالم ونشارك في المؤتمرات الدولية، ووجدنا أنه يجب ألا نتوقف عند طرائق التدريس الحالية وألا نتوقف عند تقديم المعلومة فقط، بل يجب أن نعمل على تحقيق المعرفة، نحن عندما نريد أن نطور المناهج نعمل على منحيين، لأن المنهاج ليس كتاباً مدرسياً فقط، بل هو أهداف ومعايير محتوى وطرائق التدريس وأساليب التقويم، ومن ثم عندما نطور الكتب المدرسية علينا أن نطور المعايير وأداة التقويم، وأن نجاري التطورات في العالم قدر الإمكان، ومن ثم التركيز على أساسيات العمل والمعرفة وهي التي تأخذ صفة الثبات لفترة معينة، هذه أساسيات في كل العلوم، نعمل على التركيز عليها، والأهم أن نركز على منهجية التفكير في الوصول إلى المعرفة، إذاً يجب أن نعلم الطالب منهجية البحث العلمي والتدقيق والتقييم متضمنة كل مهارات التفكير وهي حفظ وتذكر وفهم وتحليل وتركيب وإعطاء حكم قيمي، وهناك التطبيق العملي وتطبيق المهارات، لذلك علينا أن نعمل على أن تكون المعلومة في الكتاب تواكب أساسيات المعرفة وتنمي ذلك وعرضها للوصول إلى منهجية تفكير عليا.
نحن نعمل على تنمية مهارات التفكير لدى الطالب أكثر من تنمية الحفظ الصم، الجانب الثاني هو طرائق التدريس المطلوبة ليتحول المتعلم من متلق سلبي إلى فاعل، لأن كل نظم التعليم في العالم تقول على المتعلم أن يكون محور العملية التعليمية لأن المعلم لم يعد المصدر الوحيد للمعرفة، فهو الميسر لعملية التعليم، وهذه هي الأسس التي تبني عليها وزارة التربية تطوير التعليم عليها، حيث كانت سابقاً العملية التعليمية تبنى وفق النظرية السلوكية، الآن تبنى وفق النظرية المعرفية البنائية أي نهتم بالخطوات التي مر بها المتعلم للوصول إلى المعرفة. تأخذ هذه التطورات من خلال العمل المستمر لوزارة التربية في بناء المناهج وفق هذه التطورات العلمية العالمية.
أما التقويم فهو أهم عنصر من هذه الناحية، حيث تم وضع مشروعات للطالب وفق طريقة سهلة ومرتبطة بالحياة، وتطور العمل التربوي متكامل في المناهج والامتحانات والتدريب للمعلمين وغيرها. كان لدينا نظام التفتيش وهو النظام الذي يقيم المعلم، اليوم هناك نظام المشرف ودوره رصد ضعف المعلم ومساعدته على تطوير أدواته. إذاً هي حزمة إجراءات تتخذها وزارة التربية وليس فقط الكتاب المدرسي، إنما تطوير منظومة متكاملة للتعليم.
موضوع التعليم للطلاب، كيف يستطيع المعلم الحكم على إجابة الطالب ما دام لديه هامش من الإجابات تكون صحيحة من وجهة نظر الطالب؟
عندما نترك المجال للطلاب للإبداع ويعطوننا إجابات حتى لو بدت للمرة الأولى غريبة، فيجب أن نناقش كل هذه الأفكار وننمي عند الطالب مهارة المحاججة، وهنا الطالب يدافع عن أفكاره ونحن ندرب المعلم للقبول بذلك.
في العام القادم هناك منهاج جديد للثالث الإعدادي والثانوي، لذلك وضعنا في العام الحالي نظام امتحان موحد للصف الثامن والحادي عشر بهدف تعريف الطالب والمعلم أن أسئلة العام القادم ستكون وفق هذا النمط الجديد حتى يغير المعلم طريقة تدريسه وفق هذه الرؤية.
 
هل هناك إمكانية لدى التربية لإعداد المعلم بالتزامن مع عملية تطوير المناهج؟
هي عملية تغيير عقلية أكثر منها عملية تدريب، ونريد أن نصل إلى مرحلة نقنع المعلم أنك لست محور العملية التعليمية وعليه تركه للمتعلمين، ويجب أن يكون عمله في التخطيط أكثر، وإذا كان دور المعلم أكثر من 50% فهذا ليس جيداً، وبقدر ما يكون الدور الأكبر للطالب في الصف هذا يعني نجاح الدرس، الآن بدأ المعلمون باستخدام هذه الطرائق وهي أبسط وأسهل من الطرائق السابقة، والمهم في كل ذلك أن نغير عقلية المعلم وأن تكون لديه الرغبة في ذلك.
اليوم الكتاب لم يعد مبنياً على معلومة ينقلها المعلم، بل مبني على خطوات ينفذها المعلم للطلاب. مثال ذلك الدراسات الاجتماعية في الحلقة الأولى أعيد بناء المادة للتحول إلى دراسات اجتماعية، حيث يتحدث الطفل عما فعله اليوم، وعن شعوره اليومي، وتم مناقشة مشاعر الطلاب مع المعلم، وهذا مشروح في الكتاب ولكن للأسف البعض يلجأ إلى طرح سؤال عدد المشاعر، وكذلك يأتي السؤال في الامتحان بهذه الصيغة الخطأ.
إذاً هناك كتاب وهناك تدريب وهناك تقييم وبكل ذلك نصل إلى النتيجة. اليوم الطفل الذي يكلف بمشروع تغمره السعادة والشعور أنه من أنجزه ويفتخر به، وشيئاً فشيئاً تتغير ثقافة العملية التعليمية.
 
هل استطاع المؤلف أن يجسد هذه الفكرة من خلال الكتب الجديدة؟
هناك نسبة كبيرة جداً، وهناك لجان كثيرة ومتنوعة وهناك تجارب تدرس وخبراء وضعوا الرؤية ولم تكن عبثية، هناك انتقاء للخبرات وبعدها التأليف وتدقيق ومن ثم تصميم الكتاب، إذاً يتم العمل عبر لجان متسلسلة ولا يجوز أن نبقى نفكر بعقلية باسم ورباب، لأن هناك تطوراً كبيراً ولكل عمر نمط معين من التفكير ولا يجوز أن نحكم على المناهج من خلال تفكيرنا، لأن الرياضيات على سبيل المثال كعلم ليست كما كانت عليه قبل سنوات ومن ثم هناك مصفوفة معايير تبنى لذلك، لأنه يجب أن تتوافق المعايير لدينا مع باقي المعايير في العالم حتى نستطيع أن نتكامل مع محيطنا العالمي.
 
هل هذا الكلام هو إستراتيجية تربوية، أم إنه يتعلق بشخصية كل وزير يتولى وزارة التربية؟
هي إستراتيجية تربوية بدأت منذ عام 2003 حين اعتمدت وزارة التربية مدخل المعايير في بناء المناهج واعتمدت النظرية البنائية والمعرفية في المناهج، وبدأت العملية في عام 2009. في عام 2013 بدأت المرحلة الأولى وأدرجت المناهج في فترة بداية الأزمة، ولكن لم يتح لها أن تطبق بالشكل الأمثل. في عام 2015 تم إحداث المركز الوطني لتطوير المناهج وبدأت المرحلة الثانية من تطوير المناهج وعملية التطوير ما زالت مستمرة.
 
ما ملامح المناهج التي نطرحها الآن؟
أولاً عناوينها تعتمد مدخل المعايير في بناء المناهج وتركز على نشاط المتعلم وتعتبر انه محور العملية التربوية داخل الصف، وتعتمد بناء مهارات التفكير ومن ثم بناء الإنسان في مختلف الجوانب وإعداده للعمل والحياة، وتكسبه مهارة تقدير الذات حتى يكون إنسان مستقرا ذاتياً في المستقبل، وبدأت المناهج وفق ثلاث مراحل الأولى والثانية بحيث تمت مراعاة أن يكون المنهاج لكل صف يمهد للصف الذي يليه بحيث أن يبقى الطالب مستمراً في المنهاج المطور من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي، الآن المرحلة الأخيرة وبذلك تكون جميع الكتب قد تم تطويرها.
 
ما تكلفة تبديل المناهج؟
التكلفة في الطباعة هي ذاتها لأننا نقوم بطباعة الكتاب المدرسي بشكل مستمر ولن يتم إتلاف أي نسخة من الكتب المطبوعة، لأن المنهاج الحديث سيطبق في العام الأول في بعض المحافظات وتبقى محافظات أخرى تدرس المنهاج القديم وفي العام التالي يصبح المنهاج شاملاً لجميع المحافظات، ومعروف أن الطالب لا يستلم كتاباً مستعملاً إلا مرة واحدة بمعنى أن الكتاب يكون في يد الطالب لعامين فقط ومن ثم الكتب التي طبعت هذا العام ووضعت في يد الطلاب لن تطبع في العام القادم وستكون هذه النسخة القديمة فقط في يد الطلاب والجديدة نظام حديث.
محمود الصالح-الوطن