انهيارات مباني حلب ترعب قاطنيها!.. 85% مـن الأبنية متصدعة.. و10 آلاف مبنى عالية الخطورة

انهيارات مباني حلب ترعب قاطنيها!.. 85% مـن الأبنية متصدعة.. و10 آلاف مبنى عالية الخطورة

أخبار سورية

الأحد، ٣ فبراير ٢٠١٩

محمد حنورة:
ما تشهده المدينة من انهيارات للأبنية السكنية في الأحياء المحررة التي أودت بحياة البعض من سكان تلك الأحياء كان آخرها انهيار مبنى سكني في حي الصالحين ذهب ضحيته خمسة أشخاص هم امرأة وعائلة مؤلفة من أربعة أفراد واليوم سبع ضحايا في حي صلاح الدين إضافة إلى عدة انهيارات جزئية لمبانٍ في أحياء الفردوس والشعار وكرم الجبل تم انقاذ وإخلاء السكان منها قبل أن تقع الكارثة ليتجاوز عدد حالات الانهيار الخمس حالات خلال الشهرين الماضيين وربما أكثر، فبعضها لم يعلن عنه نتيجة عدم وقوع إصابات، وسط ضعف في الحلول وبطء في الإجراءات المتخذة للحفاظ على السلامة العامة.
وخلال الفترة الماضية قام مجلس مدينة حلب بإخلاء عدد من المنازل السكنية من قاطنيها في منطقة المغاير بحي الكلاسة بسبب وجود تشققات وتصدعات تؤثر في سلامة تلك المنازل وتهدد بانهيارها نتيجة وجود انخفاسات في التربة وظهور تكهفات وفتحات في الشوارع ممتدة إلى ما تحت المنازل، علماً أن المنطقة المذكورة هي منطقة مخالفات جماعية، حيث قامت آليات مجلس المدينة بهدم نحو 20 منزلاً من المنازل المتصدعة في المنطقة بعد أن تم إخلاء السكان منها وتأمين أغراضهم الشخصية ونقل أثاثهم المنزلي بواسطة آلياته وعناصره.
حلب في قلب العاصفة وحدها
مئات الآليات تحتاجها حلب وهي من أساسيات إعادة بناء المدينة بعد الدمار، والآليات التي تحتاجها حلب تخصصية بامتياز وهي الجرافات بكافة الأنواع والأحجام والرافعات بكافة الأحجام والأهم آلات قَص الإسمنت والقضم العملاقة المختصة في إزالة الأنقاض والمباني الآيلة للسقوط، وقد طالب بها مجلس مدينة حلب سابقاً بعد تحريرها من الإرهاب، لكن ما تم إرساله من آليات إلى حلب هو 12 باص نقل داخلي، وهي بحاجة لها لكن آلية إزالة الأنقاض تعتبر من الأولويات الحساسة في هذه المرحلة، ولم تستطع وزارة الموارد المائية تأمين الجهاز الرقمي للكشف عن التسريبات غير الظاهرة من أنابيب مياه الشرب، ومنذ تحرير حلب التقى محافظها عدداً من سفراء الدول الحليفة والصديقة وممثلين عن الشركات، وأغلب اللقاءات تمحور حول تزويد مدينة حلب بالتجهيزات والآلات لرفع الأنقاض وإعادة تدوير 10 آلاف مبنى عالي الخطورة في حلب.
رفع مجلس مدينة حلب كتاباً إلى وزير الادارة المحلية والبيئة يتضمن جدول تقييم الوضع الإنشائي والأضرار الذي قامت به الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية شمل التقييم للقطاعات التخطيطية «2-4-6» والتي تضم 36 حياً، وقد بلغ مجموع الأبنية غير المتضررة «33633» بناء طابقياً ومجموع الضرر المعماري الخفيف «10176» بناء طابقياً ومجموع الضرر الإنشائي الخفيف «8031» بناء طابقياً ومجموع الضرر المتوسط «4460» بناء طابقياً ومجموع الضرر الشديد «5452» بناء طابقياً، وخرج الكتاب بتوصية لمعالجة هذه الحالات وَهُو الإخلاء الفوري لمعظمها وفق الإجراءات القانونية أو مقتضيات السلامة العامة، وبالتالي تأمين إيواء مؤقت لمثل هذه الحالات ضمن الإمكانات المتاحة في محافظة حلب، وخلص الكتاب إلى أن عدد الحالات التي تشكل خطورة عالية «9912» بناء طابقياً مؤلفة من أربعة طوابق لكل مبنى ويضم الطابق الواحد شقتين سكنيتين أي مايعادل 80 ألف شقة سكنية مهددة بالانهيار..
375 مليون ليرة أجرة آلة قضم الإسمنت لستة أشهر
بعد أن أصبح الوضع خطراً في كتل من الأبنية وفي عدة محاور، وقّع مجلس مدينة حلب عقداً مع الشركة العامة للطرق والجسور باستئجار آلة قضم الإسمنت بمبلغ 375 مليون ليرة لمدة ستة أشهر، وهي مخصصة حالياً للعمل في أربع محاور رئيسية هي الدائري الشمالي وقاضي عسكر ومركز المدينة والأنصاري، وتحتاج الآلة إلى أسبوع للانتهاء من المبنى الواحد لهدمه فكم من الوقت نحتاجه لهدم وإزالة آلاف المباني؟.
205 أبنية «حمراء»
بنهاية عام 2017 نشرت صحيفة «تشرين» عن ضرورة المباشرة بهدم 205 مبانٍ صنفتها نقابة المهندسين بالحمراء شديدة الخطورة لكن التحرك الفعلي من قبل الجهات المعنية بدأ مع سقوط الأبنية والخسائر البشرية.
يقول المهندس جمال الدين ناجح رئيس شعبة المكاتب في نقابة المهندسين فرع حلب: قمنا بتصنيف تسع مناطق في حلب ولقد حذرنا في حينها أن عدد الأبنية الصفراء «متوسطة الخطورة» بأنها تحتاج لإزالة الأجزاء العالقة وترحيل الأنقاض وخاصة في الطوابق العليا، ولقد وجهنا كتاباً إلى السيد محافظ حلب الذي بدوره أحاله إلى مجلس مدينة حلب وتضمن الكتاب بأن الأبنية الخضراء والصفراء ستتحول إلى حمراء بسبب العوامل الجوية وعدم إزالة الأنقاض والأجزاء المتهدمة.
وأضاف ناجح: إن لجان نقابة المهندسين قامت بتقييم الأبنية المرخصة أصولاً ولم تقم بتقييم الأبنية المشيدة بطريقة مخالفة، وإن معظم الأبنية التي انهارت هي أبنية مخالفة وهذا أحد أسباب الانهيارات إضافة إلى ارتفاع بساط المياه الجوفية بحلب إضافة إلى الأعمال الإرهابية التي تسببت بخلخلة الأبنية وتدمير أجزاء منها وضرب البنية التحتية لشبكة المياه.
وذكر ناجح أن التقييم والتصنيف للأبنية شملت تسع مناطق في حلب كانت على خطوط التماس خلال سير المعارك بحلب وهي« الكلاسة، بستان القصر، الأنصاري مشهد، سيف الدولة، الأشرفية، الخالدية، الميدان، وجزء من قاضي عسكر» وقد بلغت الأبنية 1300 بناء منها 205 أبنية شديد الخطورة.
تسرب المياه لأقبية المنازل
يقول أحمد دباس عضو المكتب التنفيذي بمحافظة حلب وهو دكتور مهندس بالجيولوجيا: تقسم أسباب الانهيارات إلى قسمين الأول: هو تسرب المياه إلى أقبية المباني ضمن نطاقات محددة، لكنها مساحات صغيرة مقارنة بالأماكن المهددة بالانهيار، أما القسم الثاني فهو المباني الممتدة فوق القسم الأول، وتمتاز المياه المتسربة بأنها تصل إلى مستوى ثابت يتزايد قليلاً في حال الأمطار الغزيرة، وتعد نتائج الحرب والتدمير الإرهابي للمدينة من الأسباب التي أدت إلى تصدع 85% من أبنية حلب كاملة بأحيائها الغربية والشرقية.
إصلاح 1400 كسر بشبكة مياه الشرب
يتابع دباس: تم تشكيل لجنة رئيسية مؤلفة من جميع الجِهَات المعنية لرصد الأعمال المنفذة والأعمال الَّتي يجب تنفيذها لاحقاً، وخلال ثلاثة أشهر مضت تم إصلاح 1400 كسر في شبكة مياه الشرب وقدمت شركة الصرف الصحي تقريراً فنياً يفيد بأن أكثر من 90% من شبكتها أصبحت سليمة والدليل على ذلك شبه انعدام الاختناقات بمنافذ التصريف «الريكارات» ومصافي المطر خلال الهطلات المطرية الشديدة، والأعمال مازالت مستمرة بوتيرة مقبولة ضمن الامكانات المتاحة والمتوفرة لدى المؤسسات مقارنة بحجم الأضرار.
10 آلاف متر مياه سحبت من أقبية المباني
يقول المهندس يوسف كردية مدير الشركة العامة للصرف الصحي بحلب: مليار و200 مليون ليرة أنفقت باستبدال خطوط شبكة الصرف في الأحياء الشرقية التي تعرضت للدمار بفعل الأعمال الإرهابية وأصبحت الشبكة جاهزة ولا يوجد تسريب منها إلى أقبية المباني، وتقوم آليات ومضخات الشركة بالمؤازرة مع الجهات العامة والأهالي بسحب المياه من أقبية هذه الأبنية.
توقف 23 مضخة للجهات العامة عن سحب المياه
وأضاف كردية: عشرات آلاف الامتار المكعبة من المياه تم سحبها وضخها في شبكة الصرف، وهناك أبنية تم سحب المياه من أقبيتها عدة مرات، وهذه المياه هي نتيجة ازدياد معدل الأمطار الذي أدى إلى ارتفاع منسوب البساط المائي «مياه جوفية» وترافق ذلك مع توقف 23 مضخة تابعة للجهات العامة عن سحب المياه بسبب نقص الكهرباء والمازوت وأغلبية هذه المباني تقع على سرير نهر قويق.
جهود جماعية لا تكفي
رئيس مجلس مدينة حلب الدكتور معد المدلجي قال: يجب استمرار تضافر جهود كافة الجهات المعنية وتسخير الطاقات والخبرات المتوفرة للإسراع في إنجاز الإجراءات لمعالجة الأبنية المتضررة والتي تشكل خطورة على السلامة العامة وسلامة المواطنين، والانتهاء من حصر الأبنية الخطرة المهددة بالسقوط – حتى المبنية بشكل مخالف وغير المحققة لأدنى الشروط الهندسية – وخاصة الأبنية التي يوجد فيها تسرب مياه نتيجة تضرر البنى التحتية بسبب الأعمال الإرهابية، وإخلاء المواطنين منها بشكل فوري حفاظاً على حياتهم، ومن ثم استكمال العمل بإجراءات السلامة العامة.
وأضاف المدلجي: إن مجلس مدينة حلب بالتوازي مع استمراره بتنفيذ توصيات تقارير لجان السلامة العامة للأبنية ذات الخطورة العالية عبر ورش مؤسسة الإسكان العسكري الفرع 3 وعقد آلية القاضمة الحديثة مع الشركة العامة للطرق والجسور كان قد عقد عدة اجتماعات سابقة مع مخاتير الأحياء والمديرين الخدميين ورؤساء لجان السلامة العامة والفرعية، وتم جرد معظم الأبنية الخطرة ضمن الحيز الجغرافي لكل مديرية خدمية وتبليغ المواطنين بضرورة الإخلاء المؤقت حفاظاً على سلامتهم ريثما يتم الكشف على هذه الأبنية من قبل لجان السلامة العامة المختصة، كما تم بالتعاون مع مخاتير الأحياء تأمين بيوت إيواء مؤقتة لأصحاب المنازل الذين لا يستطيعون تأمين مأوى مؤقت بعد أن يتم إخلاؤهم من الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط.
ضعف إمكانات
ونفى المهندس عاصي الشيخ عضو المكتب التنفيذي في محافظة حلب وجود أي تقصير أو بطء في العمل! وعزا الأمر إلى أن حجم الدمار كبير جداً، إضافة إلى أن بعض الانهيارات التي حصلت ليس فيها تقارير لجان سلامة عامة وذلك ليس قصوراً في عمل اللجان حسب تعبيره فالبناء كان لا يبدي أي خطورة لكن بشكل مفاجئ حدثت انزلاقات في التربة وانهار البناء، حيث إن شكل الانهيار يعطي مؤشراً عن سبب الانهيار، لافتاً إلى أن الآليات الموجود هي لمعالجة الحالات التي يكون الخلل ظاهراً فيها وأنه لا توجد آلية تعالج الأساس والتربة الضعيفة تحت البناء مهما تطورنا هندسياً عندما يكون البناء ضعيفاً ومبنياً على أسس غير سليمة.
تشكيل لجنة عمل مركزية
تشكيل لجنة مركزية برئاسة الدكتور المهندس مروان عاصي وعضوية خمسة مهندسين من ذوي الخبرة العالية لإدارة أعمال الجرد والإخلاء من الأبنية الخطرة مهمتها تحديد «الزونات» الأكثر خطراً نتيجة تراكب عوامل الخطورة ليتم الإخلاء بشكل فوري للأبنية الخطرة الآيلة للسقوط، ووضع الرؤى الاستراتيجية لعمل لجان تقييم وتوصيف الأبنية في كافة المديريات الخدمية بشكل مفرد وجماعي والتنسيق العام بين هذه اللجان.
حلول إسعافية وحل جذري
وبيًّن المهندس عاصي الشيخ أنه تم البدء ببعض الحلول الإسعافية وسيتم العمل قريباً بآلية جديدة لمعالجة الموضوع بشكل نهائي تعتمد على سحب المياه من المنطقة عموماً بطريقة جيولوجية، منوهاً بأنه تم البدء بحي الصالحين كون التربة في هذا الحي تربة زراعية وبالتالي قدرة التربة على تحمل الحمولات ضعيفة جداً، كما أن الأبنية في هذه المنطقة مشيدة بطريقة لم تراعى فيها الأسس الهندسية كونها منطقة مخالفات جماعية، وأن المحافظة ومجلس المدينة يعملان على الحل الجذري لهذا الموضوع من خلال المخطط التنظيمي والمخططات التفصيلية وهو الحالة المثالية المنشودة وهذا ضمن الرؤية الاستراتيجية.
775 مليون ليرة تدعيم مؤقت للأبنية
يقول نديم رحموني مدير مجلس مدينة حلب: بعد تحرير حلب من الاٍرهاب قامت الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية بتقييم الوضع الإنشائي والأضرار للعقارات المتوضعة في مختلف احياء حلب ولاسيما التي تعرضت إلى أضرار انشائية بالغة الخطورة بفعل العصابات الإرهابية المسلحة، والتي ازدادت سوءاً نتيجة الأحوال الجوية إضافة إلى توضع معظمها في مناطق السكن العشوائي «مخالفات جماعية» ومشيدة عَلى أسس هندسية غير سليمة، ما يؤدي إلى حصول انهيارات مفاجئة فيها.
يضيف رحموني: خلال عامين من تحرير حلب تم تنفيذ عقود بقيمة 775 مليون ليرة للتدعيم المؤقت وإزالة الأنقاض وهناك استدراج عروض تفاضلية مع الشركات الإنشائية العامّة لاستكمال الاعمال، مع تعزيز التشاركية مع نقابة المهندسين من خلال مشاركة فريق من المهندسين لاختصار الوقت وتقييم كافة الحالات الانشائية ومثال على ذلك تم إعداد تقرير هندسي في حي الفردوس أشار إلى درجات الخطورة بهذه المباني، وبالتوازي طلبت محافظة حلب من مديرية الخدمات في باب النيرب تحديد أولويات الإيواء نتيجة اخلاء العديد من الأبنية نتيجة التقرير الهندسي.
المطلوب تنفيذه
يقول الدكتور أحمد دباس: المطلوب لمواجهة هذا الأمر إخلاء القاطنين من هَذِه المباني بالتوازي مع إيجاد مأوى بديل وليس فقط إنذارهم بإخلاء الابنية، والإسراع بإنجاز الدراسة الفنية لرصد الحالة الراهنة لميكانيك التربة بأساسات الأبنية المتسربة المياه إليها، وبناء على هذا التقرير سيتم القيام بحفر آبار تصريف للمياه الجوفية للتأكد من عدم حدوث انجراف للتربة الذي قد يحدث بسبب انهدامات وتكهفات تحت الأبنية، وإن الدراسة العلمية لدرجة الإشباع للتطبيق الجيولوجي تحت الأبنية سيمكننا من وضع الحل العلمي والسليم والصحيح، ونحن بصدد انتظار مجلس مَدينة حلب لتوقيع عقد مع جامعة حلب ونقابة المهندسين للقيام بدراسة ميكانيك التربة.