الحرب السورية لم تنتهي بعد.. انتبهوا

الحرب السورية لم تنتهي بعد.. انتبهوا

أخبار سورية

الخميس، ٢٤ يناير ٢٠١٩

ثمة أمور لافتة للنظر ومقلقة حصلت في سوريا في الأيام القليلة الماضية، تفترض كثيرا من الحذر، وعدم المغالاة في القول ان الحرب انتهت، وهذه أبرزها:

• تفجيرات إرهابية في عدد من المناطق السورية، تشي بأن بعض الذئاب النائمة استيقظت قليلا وأن كثيرها نائم ومستعد لتنفيذ اجرامه. أو تشي أيضا بأن ثمة من لا يريد أن تستقر الأمور وهؤلاء قد لا يكونوا فقط من الإرهابيين وانما من المستفيدين من استمرار الحرب.
• عدوان إسرائيلي مكثف بذريعة ضرب المواقع والصواريخ الايرانية في سورية والتحذير من استقرار محور المقاومة على الأرض العربية السورية. توقيت هذا التكثيف للعدوان قد لا يكون مرتبطا فقط بالانتخابات الإسرائيلية وانما أيضا بالتحضير لأمر أخطر.
• عقوبات أميركية جديدة توسعت وستتوسع أكثر لتطال ليس فقط كل القيادة السورية وحلفائها وانما أيضا من يدعمها أو يسهل لها أو يشارك في تحسين الوضع الاقتصادي. ليس مهما اذا كانت هذه العقوبات تؤثر على الشعب، فالمطلوب تماما هو التأثير على هذا الشعب على اعتبار ان هذا يؤلب حتى المؤيدين في مراحل لاحقة.
• تفاقم الوضع الاقتصادي في ظل غياب بعض الحاجات الأساسية (كالغاز مثلا) وارتفاع أسعار مواد عديدة أخرى. يقابلها شعورٌ عند قطاعات واسعة من الناس بأن ثمة وجوها للفساد تفرِّخ كالطحالب وأن المعالجات الحكومية قاصرة عن احياء الأمل الضروري في هذه المرحلة. ربما يفترض الأمر مراجعة شاملة للاستراتيجية الاقتصادية الحالية، ذلك أن الناس بعد الحرب تريد أملا حتى ولو طال تنفيذه.
• مسارعة دول أطلسية الى لجم انفتاح دول عربية على سورية، ومحاولة تأخير الانسحاب الاميركي أو اعاقته. ليست العمليات الأخيرة ضد الأميركيين والكرد الا لهذا الغرض.
• بروز قوى مسلحة خطيرة في الشرق السوري نجحت في القضاء على خصومها، لكنها شكلت قوة ضاربة تستطيع قوى خارجية (خصوصا تركيا) الاعتماد عليها لتأخير أي حل لا يناسب توزيع مكاسب ما بعد الحرب. زيارة إردوغان إلى موسكو اليوم جديرة بالمراقبة لمعرفة تطور الوضع العسكري …

كل هذه المؤشرات تعني أن ثمة من لا يريد أن تنتهي الحرب بانتصار عسكري لمحور المقاومة، وتعني أيضا الضغط على روسيا لفرض حل دستوري محدد وصلاحيات تشريعية موسعة لمجلس النواب على حساب الرئاسة، وتعني ثالثا وخصوصا (وهذا هو بيت القصيد الآن) أن إسرائيل تسعى بالقوة للحصول على ثمن في الجبهة الجنوبية وابعاد إيران وحزب الله، وتعني رابعا ان تركيا تمارس سياسة ثعلبية بين موسكو وواشنطن. للحصول على كل ما تريد
لست هنا لكي أقول للسوريين ما ينبغي فعله، فهم أخبر مني ولهم القرار، لكن ربما تفرض هذه الأوضاع ظهورا للرئيس بشار الأسد لتقديم خريطة متكاملة للمستقبل سياسيا واقتصاديا (خصوصا اقتصاديا) وأمنيا، بغية طمأنة من بات يساورهم القلق، وللحفاظ على التفاف الناس حول الدولة …
قد لا تجد الدولة حاليا كل الحلول التي يطلبها الناس بسبب الحصار واستمرار الحرب والضغوط، لكن الأكيد أن السوريين بحاجة لمن يشرح لهم ما يحصل حاليا، ولا أظن أن مسؤولا حكوميا قادرٌ في الوقت الراهن على تقديم جواب مقنع، ربما الرئيس الأسد وحده يستطيع. ولا أظن أن الاعلام السوري في الوقت الراهن يستطيع تقديم صورة واضحة للناس رغم الجهود المضنية التي يبذلها القيمون عليه حاليا لتجديد استراتيجيته… فطيلة هذه الحرب حتى اليوم كان الأسد (من الجانب السوري) هو القائد العسكري والسياسي وهو السد الإعلامي الفعلي يسانده وزير خارجية عريق وعدد نادر من السياسيين والسفراء وفي مقدمهم د. بشار الجعفري. أما بعض المحللين السياسيين الذين كانوا يتحدثون باسم الدولة فانهم أساؤوا أكثر مما خدموا. فلغتهم الخشبية تثير الناس أكثر مما تطمئنهم.